سهى الوعل -  ناقدة سعودية فنية

 

هناك من ينتظر موضوعاً ليبهره، وهناك من لا يهمه الموضوع بقدر ما يهمه أن يشاهد بطله المفضل بعمل ما، حتى وإن كان الموضوع مستهلكاً والفكرة مرتجلة، وهناك من يتجاهل الموضوع ويشاهد المسلسل ليستمتع بالأداء أو بأي عناصر أخرى داخل العمل. كل يشاهد الدراما ليستمتع بعنصر ما، بينما يهتم القليل جداً بأن يكون العمل جيداً من كافة النواحي فيدقق بالفكرة المختارة والنص وأداء الممثلين ومدى عبقرية المخرج.

 

معظم المسلسلات هذا العام قدمت موضوعات غير جديدة، باستثناء عمل أو اثنين، لكن بالطبع هناك عدد من الأعمال التي استطاعت أن تتصدر وتجذب أعداداً كبيرة من المشاهدين، أهمها من ناحية الموضوع كان مسلسل "لعبة نيوتن".

 

"لعبة نيوتن" جمع كافة العناصر الجيدة، كوكبة جميلة من النجوم، أداء عال للغاية، وفكرة ذكية، ومخرج مختلف، ولذلك استطاع وبشكل يومي أن يخلق حالة نجاح يومية مع عرض كل حلقة، وهذا أمر لا يحدث كثيراً مع المسلسلات، فلا يستطيع أي عمل أن يحقق نجاحاً لكل حلقة على حدة، لكن هذا حدث وبسهولة مع "لعبة نيوتن" لدرجة أن من لم يشاهد العمل استمتع وبشكل يومي باستطلاع المشاهدين دون أن يبحث عن ذلك، فقط يقوم بزيارة واحدة لمواقع التواصل بعد كل حلقة ليكتشف الجديد بشأن هذا المسلسل المتكامل.

 

"لعبة نيوتن" رفع المنافسة لدرجة أحرجت الجميع، الأبطال كانوا فوق التقييم، لم يرقَ لمستوى أدائهم أحد، والمخرج كان حديث الجميع برؤيته وزواياه وذكائه، حتى أنه نافس أبطال العمل على الترند رغم أنه لم يظهر أمام الكاميرا ولو لمرة واحدة، لكنه كان بارزاً وبقوة مثلهم تماماً.

 

منى زكي أيضاً أعادت للفنانات الإناث تحديداً قوتهم من جديد، فمنذ ما يزيد عن العشر سنوات والترند ملك للممثلين الذكور، بينما كان حضور الممثلات خجولاً، لكن منى استطاعت أن تغلبهم هذه المرة وبشكل يومي، كانت البطلة الأولى وبشهادة الجميع على الترند وحتى على قوائم المشاهدة.

 

حالة النجاح التي خلقها "لعبة نيوتن" ماهي إلا خطوة نحو التصحيح، تصحيح المفاهيم التي جعلت النجوم يعتقدون أن التواجد هو الأهم، متناسيين أنه إن لم يكن بعمل للذاكرة فلا حاجة من التواجد، فما الفائدة من عمل يخلق جدلاً فيصبح حديث الجميع ثم ينتهي أمره مع انتهاء الموسم؟ المهم هو أن يقدم فريق العمل مسلسلاً نعود لمشاهدته دائماً ونشتاق للاستمتاع بتفاصيله كل فترة وأخرى، كما كنا نفعل مع "نهاية رجل شجاع" و"الزير سالم" و"لن أعيش في جلباب أبي" و"ليالي الحلمية" وغيرها الكثير من الأعمال التي صُنعت لتبقى في الذاكرة ونعود لها دائماً لنستمتع بمشاهدة عناصر نجاحها من أداء وتصوير ونص إخراج، وكأننا نشاهدها في كل مرة للمرة الأولى.