شخصياتٌ ملوَّنة

هبة علي

توماس إيركسون، كاتبٌ سويدي، ألَّف كتاباً مميزاً، اسمه "محاط بالأغبياء". يساعدنا هذا الكتابُ على فهمِ الأشخاصِ من حولنا، فأحياناً نُسيء فهمهم، وندعوهم بـ "الأغبياء" لمجردِ أنهم أشخاصٌ مختلفون في السلوك والصفات عنا.
قسَّم إريكسون الشخصياتِ إلى أربعة ألوانٍ: 
الحمراء: وهم الغاضبون، أو أصحابُ المزاجِ الحادِّ، وهذه الشخصيات تتَّسمُ بالطموحِ والهيمنةِ والحسمِ في قراراتها، وتقبل التنافس، وتُقدِمُ عليه، ولا يجدون حرجاً في التعبيرِ عن آرائهم بكلِّ صراحةٍ.
الصفراء: وهم المتفائلون، ويتَّسمون بالبهجةِ، والثقةِ في النفس، ويحبُّون التحدُّث، وعادةً ما تكون رؤيتهم للأمورِ غير متوقَّعةٍ ولا نمطية. يراهم بعضُ الناس مزعجين بسبب طبيعتهم الثرثارة، في حين يراهم آخرون شخصياتٍ ساحرةً ومسلِّيةً لا يملُّ منها.
الخضراء: وهم شخصياتٌ هادئةٌ ومتَّزنةٌ ومتسامحة، وعلى النقيضِ تماماً من الشخصيةِ الصفراء، إذ إنهم قليلو الكلام، ومستمعون جيدون، ولا يحبُّون أن يكونوا في دائرةِ الضوء، ما يجعلهم من أنجح الناس عندما يعملون بوصفهم فريقاً.
الزرقاء: وهم شخصياتٌ عادةً ما تراهم الناسُ متشائمين، في حين يرون أنفسهم واقعيينَ. يهتمُّون بالتفاصيلِ، وتحليلِ الأمور في هدوءٍ وصمتٍ، لذا عادةً ما يراهم الآخرون أنهم يبطئون الأمور بسبب دقتهم وتفاصيلهم الكثيرة.
من هذه الشخصياتِ الأربعِ يتكوَّن سلوكُ البشرِ، وتوجدُ بينهم نقاطٌ مشتركةٌ. فبين الشخصيةِ الحمراءِ والزرقاءِ اتفاقٌ على التميُّز في الأمورِ التي لها علاقةٌ بالمهام والمسائلِ التي تُوكل إليهم، ونرى أصحاب الشخصيةِ الخضراء والصفراء يميلون إلى التركيز على العلاقاتِ والأشخاص.
كذلك يوجدُ تشابهٌ بين الأزرق والأخضر على أنهم شخصياتٌ انطوائيةٌ، أما الأحمرُ والأصفرُ فشخصياتٌ مُبادِرة.
 ومما سبق، يؤكد إريكسون أنه يمكننا أن نُصنِّف الشخصيات بحسب اهتماماتها ودواخلها النفسية، حيث إن كلَّ إنسانٍ عبارةٌ عن مزيجٍ من ألوانٍ مختلفة.
عند معرفتنا بألوانِ الشخصياتِ وسلوكها، يمكننا التدرُّب على التكيُّف والتعامل معهم بسهولةٍ، سواء كانوا معنا في العملِ، أو الدراسةِ، أو من أفراد أسرتنا.
مثالٌ واضحٌ جداً لطريقةِ التعامل مع كلِّ واحدٍ منهم، هو في حالة تقديمِ النقد.
ففي حالةِ الشخصيةِ الحمراء، يكون ذلك سهلاً، لأنهم شخصياتٌ واضحةٌ، تحبُّ التحدث في الأمورِ مباشرةً دونَ مقدماتٍ ولفٍّ ودورانٍ، ويقبلون كل ما هو مدعم بأدلةٍ ملموسة.
أما في حالةِ الشخصيةِ الصفراء، فلابدَّ من أن نكون ودودين ومنفتحين، وكذلك يحبَّذ أن نأخذ الأمورَ بخفة ظلٍّ، ونضحك معهم ونبتسم، وعلينا أن نحدِّد لهم المطلوبَ منهم في نقاطٍ واضحةٍ، لأنهم غير منظَّمين، ويفقدون التركيزَ بسرعةٍ.
وفي حالةِ الشخصيةِ الخضراء علينا أن نتجنَّب تسليط الضوءِ عليهم، كذلك يجبُ ألَّا ننسى أنهم يفضِّلون الاستماعَ أكثر من المبادرة. ومع الشخصيةِ الزرقاءِ، يجبُ التحضيرُ جيداً قبل التحدث إليهم، إذ إنهم شخصياتٌ تحليليةٌ، تهتمُّ بالتفاصيل.
إنَّ لكلِّ لونٍ طريقةً مفضلةً للحديث والاستماع، وعند التعرُّف إليها يمكننا إتقانُ فن التعامل مع الجميع.
يا ترى، ما لونُ شخصيتك؟