الإبداع نعمة

لولوة الحمود

 

برأيي أن كل انسان يولد بنسبة من الإبداع وقد يكبر هذا الإبداع معه أو يندثر على حسب ظروف حياته. ولا يقتصر الإبداع على الفن باختلاف أشكاله بل في مجالات الحياة كلها بلا استثناء.

الإبداع ضرورة مجتمعية تحفز الفرد على تخطي الحدود وعدم الخوف، كما أنه يستلزم مساحة من الحرية في التفكير والتعبير، والأسرة هي البيئة الأولى المحفزة لهذا الإبداع. فالتربية قد تقتل الإبداع أو تنميه لدى الطفل. الإبداع هو الخروج عن النمط، وقد يواجه ذلك بالرفض ولكن الأسرة التي تحفز على الإبداع تقبل هذا الخروج لعلمها بفوائده والأم بالذات هي المشجع الأول للطفل.

يحتاج المبدع إلى بيئة أكبر خصبة للفكر الإبداعي تقبل الفكر الحر وتبتعد عن النقد الهادم، وتراعي الفروقات بين الأفراد وبالتالي فإن المجتمع الذي لا يشجع على الإبداع هو مجتمع فاقد لأهلية التقدم والتطور.

ولا يعني الإبداع كسر الأعراف والقوانين بل لكي نبدع لابد أن نطور ما لدينا ونستفيد منه بشكل أفضل ونضيف لما نعرفه. ولكي نبدع لابد أن يكون لدينا علم عميق بما نريد أن نطوره حتى يمكننا الإضافة إليه أو إعادة بنائه. الإبداع بطبيعته لا يقف عند حد والمبدع يسعى إلى تطوير ما لديه، ولا يمكن أن يكون هناك تطور من دون فكر إبداعي باي مجال من مجالات الحياة. الإبداع يساعد على الابتكار فهما مكملان لبعضهما بعضاً فالابتكار هو الجانب الملموس من الإبداع.

الإبداع ليس عملية سهلة؛ بل معقدة جداً ترتبط بالصحة النفسية للفرد إذ يكسر حاجز الخوف من المجهول واللا مألوف فالمبدع يفشل مراراً وتكراراً ولكنه يصل إلى هدفه لأن أهم عنصر في شخصية المبدع هو القدرة على حل المشاكل التي تواجهه وتخطي الصعوبات، وهذا بالتالي ينعكس على ثقة الإنسان بنفسه وشعورة بالإيجابية. عندما نبدع قد نخطئ أو نخفق وقد نستفيد من بعض الأخطاء بشكل إيجابي. فالفنان مثلاً يتفاجأ بأن الخطأ بحد ذاته أضاف جمالية إلى العمل الفني. لهذا فالمرونة صفة ضرورية للفكر الإبداعي. فالتفكير الإبداعي، من وجهة نظري، لا يعني الإصرار على الوصول إلى ما هو في مخيلتنا فقط؛ بل قد يتغير الهدف ويتطور من خلال التجربة أثناء العملية الإبداعية.

الإبداع ينعكس على صاحبه بالسعادة والرضا وبالتالي على من حوله. وهو حياة متجددة تتسم بالديناميكية والطاقة الإيجابية بعيدة عن الروتين والرتابة. لكي نبدع نحتاج أن نكون أقوياء في شخصيتنا متقبلين للنقد قادرين على إقناع الآخرين. الإبداع يمكن أيضاً أن يكون مكتسباً بوساطة أساليب تدريبية معينة تعين ممارسيها عن طريق التعلم والتدريب على تطوير طريقة تفكيرهم. لقد خص الله البشر بهذه الصفة فلننمِها ولنستفِد منها لتنعكس علينا وعلى من حولنا بالسعادة والإيجابية.