سيدتي ترصد تأثير إضراب هوليوود عالميًا وعربيًا

هوليوود. مصدر الصورة: pexels-edgar-colomba
هوليوود. مصدر الصورة: pexels-edgar-colomba

دخلت صناعة السينما والدراما في هوليوود، اختباراً قد لا نعرف إجابته الحاسمة، حول حقوق الكتّاب والممثلين والفنيين، بمواجهة مكتسبات شركات الإنتاج، في عصر الذكاء الاصطناعي والبث الرقمي المشفّر. ففي 2 مايو (أيار) الفائت، بدأ فعلياً إضراب نقابة الكتّاب الأميركية (WGA)، ثم انضمت إليها نقابة ممثلي هوليوود. ليس في أميركا وحسب، ولكن امتد تأثيره إلى العالم كله، وهو ما ظهر فنياً في فعاليات مهرجان فينيسيا بدورته الـ 80، كما تجلت تبعاته على الحركة المتصاعدة للنقابات الفنية في مصر تجاه خطوة اتحاد منتجي الدراما لوضع لائحة جديدة تضمن وضع حد أعلى لرواتب كل عناصر صناعة الدراما في مصر. «سيدتي» التقت عدداً من الممثلين والمخرجين والمنتجين ليتحدثوا عن إضراب هوليوود وتأثيره عالمياً وعربياً:

 

 

أعدت الملف وشاركت فيه | كلودين كميد Claudine Kmeid
القاهرة | نهى سيد Noha Sayed – عمرو رضا Amro Rida
الرياض | زكية البلوشي Zakiah Albloushi

 


نتيجة كارثية على الصعيد الاقتصادي

الممثلة الأميركية باتريشيا كلاركسون. US actress Patricia Clarkson. مصدر الصورة: ANGELA WEISS / AFP


بداية قال إلیاس دُمّر، ناقد ومستشار سینمائي: «حركة الاعتصام والإضراب التي تحلّ بهوليوود هي كارثة؛ لأن السينما لم تكد تستعيد عافيتها تدريجياً وعالمياً، وبالتحديد في الداخل الأميركي، إلى أن أصابتها جائحة من نوع آخر، وهي جائحة الحقوق التي يُطالب بها الكُتَّاب الذين أعلنوا إضرابهم من 2 مايو (أيار) الفائت وانضم إليهم في منتصف شهر يوليو (تموز) الفائت الممثلون. وزاد إضراب الممثلين من الأمر سوءاً؛ لأنه إذا كانت هناك مشاريع قام الكتّاب بكتابتها وتحريرها وتقديمها للمنتجين لتنفيذها، فهذه العملية توقفت كلياً؛ لأن إضراب الممثلين ينصّ عليه التوقف عن كل الأعمال الإنتاجية، وكذلك المشاركة في كل الأعمال الترويجية والتسويقية للأفلام على الوسائل المرئية والمسموعة والمكتوبة كلياً، ولا يذهبون لأي مهرجان ولأي سجادة حمراء ترويجاً لأفلامهم. وعندما قام بعضهم بأعمال ترويجية لأفلامهم كفريق عمل فيلم Oppenheimer، فهم كانوا موجودين في لندن، وبمجرد الإضراب حزموا أمتعتهم وعادوا إلى الولايات المتحدة الأميركية. والجدير بالذكر أن هذا الإضراب ستكون نتيجته كارثية على الصعيد الاقتصادي، فكما نتذكر آخر إضراب حدث عامي 2007 و2008، كانت نتيجته كارثية على صعيد الاقتصاد المحلي في لوس أنجلوس، وحينها دام 100 يوم، وكان وقتها يُطلب تعويضات وتحديد نسبة المبيعات على الأقراص المدمجة سواء DVD أو Blue Ray، وتم الاتفاق وقتها مع نقابة منتجي السينما والتلفزيون ليقدموا مبلغاً متفقاً عليه مقدماً على كل مبيع للأقراص المدمجة؛ إذ كان ذلك هو النظام وقتها. وهكذا كان يتم بيع وتوزيع محتوى الأفلام من بعد بيعها لمحطات الكابل. وتم حل هذه القصة، لكن في هذه الأيام (الـ 100 يوم) أساؤوا جداً للاقتصاد، ليس للوس أنجلوس المحلي وحده أو الاقتصاد الأكبر، الذي خسر من 2 إلى 2.5 مليار دولار، هذا إضافة إلى الخسائر لباقي الولايات وكل العالم؛ لأن كل هذه الأفلام لا تُتنج وتُوزع فقط في الداخل، ولكن نتحدث عن اقتصاد لوس أنجلوس حيث هناك تُنتج الأفلام. كما توقف مع إنتاج الأفلام كل الأعمال الرديفة كالمطاعم، وشركات تقديم الطعام، وسائقي السيارات التي يستأجرونها، ومحلات الزهور. ويُقال إن هذا الإضراب الذي تخطى 120 يوماً بالنسبة إلى الكُتَّاب ونحو 60 يوماً للممثلين، وفقاً لآخر التحليلات الاقتصادية عبر كل المحللين الاقتصادين داخل هوليوود، سيؤدي إلى خسارة الاقتصاد المحلي نحو 5 مليارات دولار بحد أدنى. وهكذا لم تلحق الصناعة بالاستمتاع بسعادتها ببداية تعافي الاقتصاد السينمائي وصالات العرض واستعادة عافيتها منذ جائحة كورونا. هذا الصيف كان عامراً بأسماء كبيرة، وكان واضحاً في فيلمي Oppenheimer وBarbie. وهذا الأمر كان له وقع عظيم على شباك التذاكر الأميركي والعالمي؛ حيث جمع الفيلمان مليارين و300 مليون دولار عالمياً. Barbie فقط مليار و385 مليون دولار عالمياً وOppenheimer جمع 865 مليون دولار عالمياً. وبالتالي، كان هذا الصيف واعداً، وحقق وحده أرباحاً بنحو 4 مليارات دولار. وهذا رقم مطمئن بالنسبة إلى أيام العز السينمائي، لكننا ما زلنا بعيدين عن أرباح ما قبل كوفيد؛ لأن مجموع «البوكس أوفيس» الأميركي وحده كان يصل إلى نحو 11.7 إلى 11.8 مليار دولار، وفي هذا العام وصلنا إلى 7 مليارات دولار، لكننا ما زلنا بعيدين عن أرقام 2019؛ إذ وصل مجموع شباك التذاكر العالمي حينها - آخر أكبر رقم في التاريخ السينمائي - إلى 38 ملياراً، واليوم وصل إلى 14 مليار دولار.

 

 

 

ʼ الشركات الصغيرة تعطي ممثليها وفريق عملها حقوقهم؛ ما يسمح لهؤلاء بالترويج لأفلامها بعكس الشركات الكبرىʻ
الناقد إلياس دُمّر

 

 

خسارة القيمة الفنية

 

 

اضراب هولييود
   (من اليسار إلى اليمين) الممثلة الأميركية فرانسيس فيشر، والممثل الأميركي بريان كرانستون، ورون أوسترو، عضو فريق التفاوض
SAG-AFTRA. US actor Bryan Cranston, US actress Frances Fisher, and Ron Ostrow, member of the SAG-AFTRA negotiating team.
مصدر الصورة: Chris Delmas / AFP
 

أضاف دُمّر: «أما بالنسبة إلى خسارة القيمة الفنية، فهي فقدان وجود ممثلي الترويج لأفلامهم والنقاش والحوار حولها، وهذا ما شاهدناه في مهرجان فينيسيا الأخير؛ حيث تمكن عدد قليل جداً من النجوم من الظهور على السجادة الحمراء ترويجاً لأفلامهم، إلا أن بعض الممثلين حصلوا على بعض الاستثناءات، فالممثل آدم درايفر قام بالترويج لفيلمه Ferrari بعد أن سمحت له نقابة الممثلين باتفاقية استثنائية؛ لأن هذا الفيلم لا ينتمي إلى الشركات الكبرى. والجدير ذكره أن الشركات الصغيرة تعطي ممثليها وفريق عملها حقوقهم؛ ما يسمح لهؤلاء بالترويج لأفلام هذه الشركات بعكس الشركات الكبرى التي غمرها الطمع المادي ولم تتوصل حتى اليوم إلى إنصاف النقابات وإعطاء العاملين (الممثلين والكتاب) حقوقهم». ويوضح أن سبب المشاكل الأساسية هو رغبة الممثلين والكتّاب في مردودات أو تعويضات مادية إضافية على كل مبيع لفيلم عن توزيع الأفلام على محطات البث الترفيهي الرقمية؛ لأن المشاهد يحضر الفيلم مرات عدة والممثلين والكتّاب لا يحصلون على أي مردود إضافي من منصات البث الترفيهي. كما يطالبون بضمانات تعاقدية ضد أن يُستعمل الذكاء الاصطناعي أو يُستعمل نسخ من وجوه الممثلين من دون دفع تعويضات، فهم يطالبون بقوانين لحمايتهم.
ما رأيك بالقراءة عن عودة المباحثات بين ممثلي هوليوود وتحالف منتجي الصور المتحركة والتلفزيون

 


الدفاع عن الحقوق

 

 

اضراب هولييود
رئيسة SAG-AFTRA فران دريشر. SAG-AFTRA President Fran Drescher. (مصدر الصورة: Spencer Platt/Getty Images/AFP
 

أوضحت هاجر النعيم، منتجةٌ ومخرجةٌ وصانعة أفلامٍ، أن «الإضراب الذي شهدته هوليوود ظاهرةٌ، لم تحدث منذ 48 عاماً»، وقالت: «بشكلٍ عامٍّ، أي إضرابٍ في أي مكانٍ بالعالم دائماً ما يكون سببه الدفاعُ عن الحقوق، والمطالبة بأمورٍ معينةٍ، وهذا ينطبق على ما حدث في هوليوود؛ إذ إن التغييرات الهائلة التي شهدها العالم أخيراً، خاصةً الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، أثّر سلباً في هذا المجال عبر إعادة ترتيب الأمور فيه، وصياغة عقودٍ جديدةٍ، ووضع قواعدَ أخرى، تتوافق مع هذه التطورات، وتسهم في تحكُّم الذكاء الاصطناعي في الجانب الإبداعي، لذا اعترض بعض الكُتَّاب، وأضربوا عن العمل، وأظن أن موقفهم كان صحيحاً». وحول رأيها في هذه الظاهرة، ذكرت: «هي ظاهرةٌ صحيةٌ لتحقيق المطالب، ففي عالم الفن هناك أشخاصٌ مبدعون من ممثلين وكُتَّابٍ ومخرجين، لكنهم لا ينالون نصيباً جيداً من الإيرادات التي تحققها الأفلام؛ إذ تذهب في غالبيتها إلى جيوب المنتجين، لذا من حقهم الاعتراض والمطالبة بحقوقهم فما يقدِّمونه له قيمةٌ كبيرةٌ». كذلك تحدَّثت عن التأثيرات السلبية للإضراب بالقول: «هناك اقتصادٌ كاملٌ، يتعلَّق بهذا المجال، بل إنَّ حكوماتٍ عدة، تتأثر سلباً أو إيجاباً بحركته؛ حيث تنظر إلى السينما بوصفها صناعةً ومحرِّكةً للاقتصاد». مضيفةً: «نحن في هذا الإضراب، لا نتحدَّث فقط عن توقُّف الإنتاجات الفنية، وعدم صرف رواتب الفنانين والكوادر الأخرى، فالموضوع امتدَّ ليشمل فئاتٍ كثيرة، على سبيل المثال العاملون الذين كانوا يُحضِّرون الطعام يومياً لهم، والفنادق التي كانوا يقيمون فيها خلال التصوير»، مبينةً أن «هذه الخطوة ستؤثر سلباً في العالم بكامله، وليس أميركا فقط؛ لأن سوق إنتاج الأفلام في هوليوود هو الأكبر في كل المعمورة». وبيَّنت هاجر، أن «كثرة الأعمال السينمائية في أميركا، تدفع بعض المنتجين للجوء إلى أماكن أخرى أقل تكلفةً من هوليوود للتصوير فيها، ويستأجرون هناك أستوديوهات على مدى أعوامٍ، بالتالي يشمل تأثير هذا التوقُّف أشخاصاً في كل دول العالم»، واختتمت المخرجة حديثها بالكشف عن خطوةٍ، قامت بها قائلةً: «كان لي لقاءٌ قريبٌ مع مسؤولين في إدارة حقوق الملكية الفكرية، وعلمت منهم أنهم يعملون على سنِّ قواعدَ جديدةٍ، وحقوقِ ملكيةٍ في البلاد، خاصةً أننا في بدايات الإنتاج السينمائي، ففي أميركا مثلاً، نرى تقدماً هائلاً في هذا المجال لدرجة أن الذكاء الصناعي أصبح يتدخَّل في حقوق الملكية الفكرية؛ إذ يستطيع ابتكار مغنٍّ لتقديم أغنيةٍ معينة، وممثلٍ لتنفيذ مشهدٍ ما، بل إنَّ الذكاء الاصطناعي قادرٌ على كتابة نصوصٍ كاملةٍ، بالتالي قد يأتي اليوم الذي يستغنون فيه عن الكُتَّاب، وهذا تحديداً ما يثير خوفهم، فلا توجد قوانين تنظِّم ذلك، كما أن الموضوع له أبعادٌ أكبر، لذا أولت الحكومة الأميركية خلال اجتماعٍ في واشنطن العاصمة اهتماماً كبيراً بوضع قوانين تنظم المجال، وتحدُّ من تأثيرات الذكاء الاصطناعي».

 

ʼ هناك أشخاصٌ مبدعون من ممثلين وكُتَّابٍ ومخرجين، لكنهم لا ينالون نصيباً جيداً من الإيرادات التي تحققها الأفلامʻ
المنتجة والمخرجة هاجر النعيم

 

ظاهرة صحية لتحسين الأوضاع

 

اضراب هولييود
 الممثلة الأميركية جويلي فيشر. Joely Fisher.
مصدر الصورة: Cindy Ord/Getty Images/AFP

 

كشف فهد البتيري، ممثلٌ وكاتبٌ، عن أن «هذه الظاهرة الصحية لا تحدث للمرة الأولى؛ إذ سبق أن تكرَّرت على مرِّ التاريخ، خاصةً في هوليوود، ففي عام 1960 كان هناك إضرابٌ للممثلين والكُتَّاب في الوقت نفسه بهدف تحسين أوضاعهم المادية، سواءً خلال فترة عملهم، أو بعد التقاعد»، وأضاف: «الخسائر التي لحقت بهوليوود بسبب هذا الإضراب، تجاوزت مليارَي دولار في هذين العامين، وأظن أن الآثار في 2023 ستكون أكبر، فإضراب الكُتَّاب شلَّ الإنتاج السينمائي في أميركا، لذا ستكون الخسائر فادحةً. كذلك سيكون هناك تأثيرٌ كبيرٌ في الأعمال التلفزيونية والدرامية، بدليل توقّف أغلب البرامج الحوارية الليلية، وهناك مسلسلاتٌ تأثرت سلباً بذلك، ومواسم جديدة تعطَّلت إنتاجياً، وتمَّ تأجيل موعد عرضها، وهذه كارثةٌ كبيرةٌ بحد ذاتها. أضف إلى ذلك تأثير هذا الإضراب في العالم أجمع، ما عدا الوطن العربي والسعودية؛ إذ إنَّ التأثير محدودٌ جداً لدينا، حتى الآن، لأسبابٍ عدة: الأول، هناك.. يوجد نسبة، يتَّفق عليها الكاتب مع منتج العمل حين ينتهي من كتابته، كما أنه يحصل على نسبةٍ على شكل شيكاتٍ دوريةٍ عند إعادة عرضه على منصَّاتٍ إلكترونيةٍ، أو قنواتٍ فضائيةٍ، وهذا ليس موجوداً عندنا في العالم العربي، فأغلب المنتجين العرب، يدفعون للكاتب مبلغاً مقطوعاً، يعتمد على عدد الحلقات، ومدتها، والجهة المنتجة، ولو عُرِضَ العمل على 70 قناةً، لن يحصل الكاتب على أي مبلغٍ إضافي! أما الثاني فهو أن الكُتَّاب في الولايات المتحدة، يعيشون ظروفاً مهنيةً وحياتيةً مختلفةً تماماً عن كُتَّابنا، مثلاً هناك جهةٌ رسميةٌ تمثِّلهم، وتعمل على تعزيز موقفهم، وتقوم بدور المحامي عندما يُظلمون، وتساعدهم على تعزيز استقرارهم المهني والأسري، وتوفر لهم تأميناً طبياً، وتضع خططاً للتقاعد، عكس الحال في الدول العربية! في حين يدورُ السبب الثالث حول مشكلةٍ، يشتكي منها الكُتَّاب في أميركا، لا توجد لدينا، وهي محدودية دورهم في تطوير الأعمال الدرامية والتلفزيونية والسينمائية، وأقصد أن دورهم ينتهي بمجرد تسليم النص، ففي السابق كان دور الكاتب يستمرُّ حتى خلال فترة الإنتاج والتصوير، بل في فترة ما بعد الإنتاج؛ أي إنه يكون عنصراً فاعلاً في تطوير العمل بجميع مراحله. وتابع البتيري: «أعود وأكرِّر أن محدودية دور الكاتب في تطوير العمل الدرامي التلفزيوني والسينمائي، ليست مشكلةً نشتكي منها في العالم العربي، فغالباً ما ينتهي دور الكاتب في الأعمال العربية بمجرد تسليم النص إلا ما قلَّ وندر، والحالة الوحيدة التي يمكن للكاتب العربي أن يكون مشاركاً فيها في مرحلة التصوير والإنتاج، حينما يكون الكاتب هو مخرج أو منتج أو فنان في العمل، وأضرب مثلاً على ذلك أنا والزميل نواف الشبيلي في مسلسل «المكتب»، أي الكاتب والمخرج، والأخوان فارس وصهيب قدس ومشعل الجاسر في السعودية، وعمر الديني الكاتب والمنتج».وحول تأثير الإضراب الذي تشهده هوليوود، أجاب: «هناك تأثيرٌ غير مباشر لإضراب الكُتَّاب في هوليوود علينا، ويتمثَّل في توعية بعض الكُتَّاب في العالم العربي بحقوقهم التي يمكن لهم أن يحصلوا عليها إذا ما طالبوا بها. هم في إمكانهم أن يشترطوا في عقودهم المشاركة في التصوير، أو إنتاج الأعمال أسوةً بالكُتَّاب الأوروبيين والأميركيين».

 

 

ʼهناك تأثيرٌ غير مباشر لإضراب الكُتَّاب في هوليوود علينا، ويتمثَّل في توعية بعض الكُتَّاب في العالم العربي بحقوقهمʻ
الممثل والكاتب فهد البتيري

 

 

استمرار الإضراب مفيد

 

 

اضراب هولييود
  المصور السينمائي لويل بيترسون. Lowell Peterson.مصدر الصورة : Roy Rochlin / GETTY IMAGES NORTH AMERICA / Getty Images via AFP)
 

أشار حسن سعيد، مخرجٌ وصانع أفلامٍ، إلى أنه يتابع أخبار الإضراب الذي تشهده هوليوود عبر الصحافة، مبيناً أن «هذا الحدث قد يكون جديداً بالنسبة إلى العاملين في المجال بأن يقع إضرابٌ في هوليوود، يجمع الكُتَّاب والممثلين معاً، فسابقاً كان الإضراب يقتصر على الممثلين فقط، أو الكُتَّاب عكس الجاري حالياً، وفي رأيي من حقهم الطبيعي المطالبة بتحسين أجورهم، وتقدير جهودهم، ومنحهم حقوقاً جديدةً، لا سيما الكُتَّاب فيما يخصُّ الملكية الفكرية». وقال: «قديماً كان الكُتَّاب يتمتعون بصلاحياتٍ واسعةٍ، ومن ذلك الحصول على مستحقاتٍ ماليةٍ عند عرض العمل في أكثر من مكانٍ، واليوم وبعد إنشاء المنصَّات الإلكترونية المختلفة، أصبحت الأفلام والمسلسلات تُشاهد في كل أنحاء العالم، لكنَّ الذكاء الاصطناعي، أتاح للمنتجين الاستغناء عن بعض الأشخاص، وهذا ما ولَّد المشكلة، وتسبَّب في الإضراب». وعن تأثير هذه الخطوة في المجال الفني، ذكر سعيد: «لا نستطيع أن نتغافل عن أن هناك آثاراً سلبيةً للإضراب؛ إذ سيتأخر عرض أعمالٍ كنا معتادين على مشاهدتها، كما أن الكُتَّاب سيتوقفون عن الكتابة، بالتالي ستتراجع جودة النصوص نتيجةً لذلك، وسيقلُّ أداء الممثلين، في المقابل يعدُّ هذا الإضراب صفعةً على وجه الرأسمالية التي اعتادت على احتكار الفنانين والمخرجين والكُتَّاب، وأتمنى أن تطول مدة الإضراب حتى يُستجاب لهم، ويُمحنوا حقوقهم». وفيما يخصُّ السعودية، قال: «هذا الإضراب لن يؤثر سلباً في السعودية، فالإنتاج المحلي لدينا لا يرتبط بهوليوود، لكن سيكون له أثرٌ إيجابي بتشجيع الفنانين والمخرجين وكل مَن يعمل في المجال على المطالبة بحقوقه، لا سيما أننا نعيش حالياً مرحلة تشكُّل الحركة السينمائية في بلادنا، وننعم بوفرة الإنتاج، وأتوقَّع أن يكون هناك تسليطٌ أكبر للضوء على حقوق العاملين في المجال بعد فترةٍ زمنيةٍ قصيرةٍ».
تابعي أيضًأ إضراب عمال هوليوود هل ينتقل إلى القاهرة؟ "سيدتي" ترصد أزمة أجور صناع الدراما

 

 

ʼ الذكاء الاصطناعي، أتاح للمنتجين الاستغناء عن بعض الأشخاص، وهذا ما ولَّد المشكلة، وتسبَّب في الإضرابʻ
المخرج حسن سعيد

 

الفنان في حرب بقاء مع التكنولوجيا

 

اضراب هولييود
  الممثل باتريك فابيان (يسار)، والكاتب بيتر جولد. Actor Patrick Fabian (L) and writer Peter Gould. مصدر الصورة: Chris Delmas / AFP
 


توقف المخرج تامر عزت أمام جوهر إضراب الممثلين في هوليوود، مؤكداً أنه يحدث للمرة الأولى منذ 43 عاماً، وتتوقف المطالب عند حدود رفع الأجور بما يناسب التغيرات العالمية لطرق البث، وهو ما خلق أشكالاً جديدة من الحقوق، في ظل سيطرة المنصات الرقمية.وأشار إلى أن هناك بُعداً آخر لم نتوقف أمامه كثيراً، وهو تضامن نجوم هوليوود الكبار من أجل حماية زملائهم ممثلي الخلفية (background actors) الذين يواجهون تحديات الاستغناء عنهم بعد التوسع في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتابع قائلاً: «تقنيات الذكاء الاصطناعي أصبحت تمكن الجهات الإنتاجية من توظيف ممثل الخلفية ليوم واحد، ثم نسخ هيئة الممثل لاستخدامها في باقي المشاهد في الفيلم أو المسلسل من دون إذن الممثل، والاستغناء عنه بعد يوم تصوير». وأضاف: «هذا معناه أن ممثل الكومبارس سيعمل أياماً قليلة جداً في العام بأجر ضعيف، وتتولى تقنيات الذكاء الاصطناعي تعويض غيابه بما يوفر الكثير من النفقات على شركات الإنتاج، لكن النقابات قررت التدخل وإحداث شلل في حركة الصناعة حتى يتم قبول مطالب أعضائها. وحول توقعه لنهاية الأزمة قال: «الجهات الإنتاجية حتى الآن غير متقبلة للمطالب وسنرى إلى أي حد سيصل الإضراب، والأكيد أننا في لحظة تاريخية بدأ يشعر فيها الإنسان حرفياً بأنه في حرب بقاء مع التكنولوجيا وأول جبهات هذه الحرب هي الفنون».

 

شركات الإنتاج وطفرة في الإيرادات

صورة تعبيرية في الأستوديوهات. مصدر الصورة: pexels-pixabay


أكد أحمد عثمان ، منتج مصري كندي، أن إضراب هوليوود له خلفية أعمق بكثير مما يبدو على السطح، لافتاً إلى أن المخاوف من هيمنة الذكاء الاصطناعي على وظائف صغار الكتّاب وممثلي الخلفية، ليس السبب الحقيقي وراء الأزمات مع اتحاد المنتجين، وقال إن رابطة كتّاب السيناريو قدمت في 18 مارس (آذار) الماضي، طلباً لشركات الإنتاج لزيادة المرتبات بما يماثل الأرباح المتزايدة منذ عام 2017، ولكن شركات الإنتاج وقتها رفضت الطلب بذريعة أن الصناعة تأثرت بشدة بفترة أزمة كورونا التي امتدت لعامين. المفاجأة بحسب كلام أحمد عثمان، أن رابطة الكتّاب أصدرت تقريراً مهماً يرصد كل أرباح صناعة الترفيه في الولايات المتحدة، وكيف نمت من 5 مليارات دولار عام 2005 لتصبح 200 مليار دولار عام 2022، وكان من المتوقع أن تصل إلى 250 مليار دولار في العام الجاري، ويظهر التقرير أن ما يتردد عن تأثر شركات الإنتاج بفترة الحجر الصحي لجائحة كورونا غير صحيح؛ لأن الإيرادات لم تعد قائمة على دور العرض السينمائي فقط، وبحسب التقرير، طالب كتّاب السيناريو بزيادة الأجور وحقوق الملكية الفكرية ونسبة من عوائد إعادة البث للمنتج الفني، التي تضاعفت بداية من عام 2017 مع بدء البث الرقمي المشفر. أشار عثمان إلى أن وعي رابطة الكتّاب بالحقيقة، وتعامل اتحاد المنتجين مع الأزمة باستخفاف، تسبب في تفاقم الوضع بانضمام رابطة الممثلين إلى الإضراب، خاصة أن هناك توجهاً حقيقياً لاستغلال ممثلي الأدوار المساعدة من دون منحهم حقوقهم، وهو ما ينذر باستغلال النجوم الكبار لاحقاً باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، لتصبح الصناعة كلها رقمية وبعيدة عن الإبداع.
لمتابعة تفاصيل الملف نقترح الإطلاع على  بعد الإضراب المشترك بين كتّاب وممثلي هوليوود الإنتاج الترفيهي.. مهدّد بالذكاء الاصطناعي