جميلة ومزوّرة!

عبد الله باجبير

أنا فتاة خليجية في الحادية والعشرين.. على قدر عالٍ من الجمال.. وأدرس في دولة خليجية مجاورة لبلدي.. مشكلتي تتلخص في جمالي وشخصيتي التي تصبو إلى المثالية.. اعتدت أن تلاحقني النظرات كيفما مشيت وأينما توجهت.. كنت ومازلت مثار إعجاب أهلي وجيراني وزملائي.. وأساتذتي في الجامعة.. الجميع مبهور بجمالي.. إضافة لتمتعي بقدر كبير من الذكاء والطموح اللا محدود.

أطمح للكمال وأبتعد عن كل ما يسيء الوصول إلى هذه المرتبة.. مرتبة الفتاة المثالية التي تمتلك كل مقومات النجاح والأخلاق.. ولكن.. وآه من كلمة لكن.. وساوس الشيطان أغرتني.. وأبعدتني عن جادة الصواب.. والسبب جمالي فالكل يطري ويجامل ويسأل: أليس في حياتك رجل.. «كل هذا الجمال ولا تحِبين وتُحَبين حتى الآن» وحتى أساتذتي في الجامعة سألوني هذا السؤال.. جوابي كان دائمًا لا.. فأنا أرفض العلاقات العاطفية ولا أفكر في الجنس الآخر إلا بطريقة مشروعة وهي الزواج.. لكن كثر الكلام والدق على الطبول، كما يقال، قلت لِم لا أجرب هذا الحب الذي يتحدثون عنه.. وفي الصيف الماضي تعرفت على شاب في إحدى العواصم الأوروبية كنت محط اهتمامه وكان شاعرًا وأديبًا.. كان يُسمعني شعره.. وأحلى الكلمات وأرقها.. لكنني لم أشعر نحوه بأي عاطفة.. لم أحبه.. حاولت إنهاء العلاقة ففشلت.. يحبني ولا يريد أن يتركني أبدا.. ويحاول ولا يجد مني إلا النفور.

فكرت في فكرة شيطانية للتخلص منه، تعرفت على شاب آخر واستغللت مشاعره لأتخلص من الأول وكانت الطامة الكبرى بأن الثاني أحبني أكثر من الأول ووجدت نفسي في مشكلة مزدوجة، اثنان لا أعرف كيف أتخلص منهما، وكلاهما يعرض عليَّ الزواج.. وأنا أرفض وكلما زاد رفضي زاد تمسكهما.

عاملتهما بجفاء، بقسوة.. بلا مبالاة.. وكأني مجردة من الأنوثة والإنسانية، لكنني لا أحب أحدًا منهما ولا أتخيل نفسي زوجة لأي منهما.. هل أنا مريضة نفسيًّا؟. هل أنا مغرورة؟

هل هو الطموح الذي أحلم به..؟ أم أنني كتلة من الجليد بلا مشاعر.. مرت الأيام وأنا على هذه الحال.. إلى أن تعرفت على شاب وسيم يكبرني بـ8 سنوات وجدت نفسي أميل إليه.. كان رقيقًا رائعًا.. يخاطب عقلي وقلبي.. كان قمة في الرومانسية.. والثقافة والوسامة.. سحرني بذكائه وكلامه المعسول فوقعت طريحة حبه.. كنت أشعر بأنوثتي معه.. وكنت معه رقيقة عذبة.. شعرت بحبه الجارف.. ولكنني أخطأت عندما أخفيت عنه قصة من سبقه..أي المتيمين.. لكنه عرف ولا أعرف كيف؟

أنكرت في البداية.. ثم اعترفت له وبررت له خوفي أن يتركني.. اتهمني بالكذب والخديعة، حاولت أن أبرر، أن أنكر، أن أدافع عن نفسي فرفض.. رأيت الدموع في عينيه حاولت أن أشرح، لكن للأسف أسبابي لم تكن مقنعة.. واتهمني بأني كاذبة.. ومشاعري نحوه كاذبة.. وأنني جرحته ولعبت بمشاعره وجرحت رجولته.. وكبرياءه.. ورحل تاركًا لي قلبًا ينزف وذكريات دافئة.. خسرته تمامًا.. وها أنا أدفع ثمن أخطائي بحق من أسأت معاملتهما ولعبت بهما.. إنني وحيدة.. نادمة.. كيف أسترجعه؟. وهل أنجح؟ أرجوك ساعدني؟

هالة

اسمعي يا ابنتي.. الجمال جزء مهم من المرأة.. لكنه ليس الأهم.. لأن الجمال يزول بالسن.. بحادث ما.. بالمرض.. لكن المهم جمال الروح.. والثقة بالنفس.. والاهتمام بالآخرين.

الجمال الجسدي يزول.. ويبقى جمال الروح.. والجمال الجسدي كما أنه ميزة.. فهو عبء.. ومشكلة.. وبعض خبراء الزواج ينصحون الشباب بعدم الزواج من فتاة جميلة.. لأنها ستهتم بجمالها وتهمله.. كما أنها ستكون مطمعًا لغيره من الرجال.

أنت لست مغرورة فقط.. لكن لست ناضجة أيضًا.. لقد لعبت بالنار فاحترقت أصابعك.. عودي إلى نفسك واهتمي بثقافتك وبمحبة الغير.. والزمن كفيل بإصلاح ما فات.

 

أشياء أخرى:

"الحب هو أجمل سوء تقدير بين رجل وامرأة"