غريب في بلد غريب

عبد الله باجبير

أنا زوجة في الحادية والعشرين.. حديثة الزواج.. لم يمضِ على زواجي سوى ستة أشهر.. بعد فترة تعارف استمرت لمدة شهر هي فترة عقد القران.. لم أرَ منه إلا كل خير.. تزوجنا وسافرت معه إلى أميركا، حيثُ يعيش ويدرس.. وبدأت خلافاتي معه في شهر العسل، ففي أيامنا الأولى كان الخصام والجدال سيد الموقف.. حاولت التفاهم معه، لكنـه لم يستـمع، فبررت تجاهله بسبب زواجنا السريع وخوفه من الحياة التي تنتظره.. مرت الأيام ولم يتغير، وجدته إنسانًا يبحث عن الشجار، يتحيَّن الفرص ليعلو صوته.. علمًا بأن شعاره معي «دعينا نتفاهم حتى نصل إلى حل».. فرِحت في البداية بمنطقه، لكن للأسف تبين لي أنَّ منطقه يعني ألا تجادليني، منطقه أنني دائمًا مخطئة وهو على حق.. وأنني لا أعرف كيف أتحاور ولا كيف أتكلم حتى في اختلاف وجهات النظر.. فدائمًا وجهة نظري في غير مكانها.. وكلما حاولت التوصل إلى حل معه انقلب الموقف لشجار وصوت عالٍ ويترك البيت ليعود في ساعات متأخرة ليلاً، ناهيك عن التهديد بالضرب، فبأي عرف وأي دين أقبل هذه المعاملة.. أنا وحيدة في بـلاد الغربة.. لا أهل ولا صديق ولا أقارب.. ولا أحد أشكو له سوى الله تعالى.. أحيانًا أفكر أن أشكوه لأهلي أو أهله، لكنني أتراجع لأنني حريصة على إتمام ونجاح زواجي عدا أني أحبـه كثيرًا.. لكنه بدأ يستغل حبي وينتظر مني دائمًا الاعتذار.. لأنني عوَّدته دائمًا أن أعتذر حتى لو لم أكن مخطئة.. ولكن لإحساسي أنني ربما أخطأت بحقه دون أن أشعر.. ولكي تدور بنــا عجلــة الحياة.. فلا بد من التنازل والتضحية.. دُست على كرامتي لأجله، وقد نعت أهلي بألفاظ سيئة ولم أستطع التفوه بكلمة خوفًا من ازدياد غضبه أو تنفيذ وعيده بالضرب.. وعندما أراجع نفسي لا أجد سببًا يستحق الاعتذار، بل هو منْ يتوجب عليه الاعتذار.. لا أنكر أنه رجل شهم ومحترم لدى الجميع ومعروف بدماثة أخلاقه وأدبه وتدينه.. لكن لمـاذا يتصرف معـي هكذا؟!

استشرت زوجة صديق وأخذت رأيها في مشكلتي على أنها مشكلة صديقة لي.. فدهشت فقالت لي: مسكينة لِم َهي صابرة؟ ولمـاذا لا تخبر أهلها؟ ولمـاذا لا تهجره لســلوكه.. لكنني أحبه، إنه الحب يا سيدي.. لا سلطان عليه.. حبي له أذلني وحوَّلني لإنسانة ضعيفة.. لكنني في حيرة شديدة، كيف أنجح في تغييره؟!

 

 

ابنتك المغتربة

(س.. س)

*** يا عزيزتي «س. س».. ليس هناك زوج كامل الأوصاف.. ولا زوجـة كاملـة الأوصاف.. فلكـلٍّ منا عيوبه وأخطاؤه.. وحتى تسير سفينة الزواج يجب أن يتحمل كل طرف زلات الآخر.. مشكلتك الأساسية أنك تحصرين حياتك في علاقتك بزوجك.. والحياة رحبة.. وفيها الكثير.. مثلاً انضمي إلى مجموعة من الزوجات والجيران.. أي بمعنى آخر اشغلي وقت فراغك بنشاط غير نشاط الخناقات.. واختلاف الآراء.. وأنا لا أحب تدويل القضايا.. أي إدخال الأهل والأقارب فيها.. تحمَّلي وسوف يتغير كل شيء.. خاصة وأنت تحبينه.. والحب يغفر كل شيء.

أشياء أخرى:

«الرجل: حيوان بيتي تربيه امرأتان: أمه وزوجته».