الوجه الآخر للطلاق

أميمة عبد العزيز زاهد

إن أبغض الحلال عند الله الطلاق، وأحياناً قد يكون هو الحل الوحيد لبعض الحالات، وتكمن مشكلة الطلاق بأن آثاره وتوابعه لا تتوقف عند الانفصال بين الزوجين، ولكنها تستمر وتزداد عنفاً وقد تفوق خسائره كل التوقعات، فيترتب على الطلاق أوضاع اجتماعية ومفاهيم خاطئة لا بد أن ينظر إليها بعين الواقع، فالمطلقة في أغلب المواقف تقف عاجزة عن ممارسة حياتها بصورة طبيعية، فالعقبات تقف حجرة عثرة أمامها، هذا عدا التجاوزات التي لا يمكن أن تتخطاها، وعينات غريبة من البشر بجانب العادات والتقاليد، ولا أقول الدين لأن الشرع منحها حقوقها وأنصفها وكرمها، فماذا تفعل المطلقة في مجتمعنا بدون وجود رجل يرافقها في استكمال متطلباتها من أصغرها لأكبرها؟ فعلى سبيل المثال لا الحصر ماذا تفعل عندما تسلب حقوقها وتهدر كرامتها من قبل زوجها وهو يمارس عليها العنف الجسدي والمعنوي؟ كيف تسترد إنسانيتها ولو كانت عن طريق القضاء؟ فمتى وكيف تحل؟

ولو ماطل الزوج في طلاقها كيف تتصرف في حضانة أطفالها واستحقاق النفقة وغيرها، وهى معلقة بين السماء والأرض؟ وعندما يكون الأب مجرد اسم على ورق نجدها تتذوق أصنافاً من العذاب حتى تستخرج لأبنائها أوراقهم الرسمية، وقد تتعطل مصالحهم وتدمر نفسيتهم بسبب عناده أو هروبه من تحمل المسؤولية، فكل القرارات المصيرية قد تكون في يد أب لا يعلم عن أمورهم شيئاً، ولو انضم الأبناء إلى أبيهم بقوة القهر والسلطة وتحرم منهم، وقد لا تراهم إلا عن طريق القضاء، وقد يمارس الأب في هذه الحالة أبشع الطرق اللاإنسانية في رؤية الأم لأبنائها بأساليب تدمى منها القلوب، وتنم عن واقع أليم، وكل ذلك من أجل الانتقام منها، وعندما تكون المطلقة موظفة تأتي على أبسط الأمور ولا تعرف كيف تتصرف، وكأنها فاقدة للأهلية، فنجدها تعاني في الحصول على أبسط حقوقها، ولا بد أن يكون لها ولي أمر شرعي عن طريق المحكمة، بجانب أنها لو رغبت بالسفر سواء للعمل أو لمتابعة دراستها، أو لتحسين مستواها المعيشي، أو لأي سبب كان لا بد أن تأخذ الإذن المسبق بالموافقة، وقد يكون من يتحمل ولايتها ولدها أو عمها أو خالها.

هناك الكثير والكثير من الاحتياجات التي تحتاج منا إلى وقفات وفتح باب للحوار المنطقي والعقلاني المستند على الشرع، إن معاناة المطلقة لا تنتهي بل تستمر وتبقى كجبل يكبر وينمو لتعيش أصعب مراحل حياتها، نتيجة الضغط فتعدد أدوارها ومسؤولياتها بشكل يفوق أحياناً قدراتها، أو يتعدى إمكانات الظروف المحيطة بها، لحظتها تكتشف بأن للحياة وجهاً آخر بعد الطلاق، وجه لم تكن تتوقعه حين تبدأ سلسلة من التحولات الحيوية في جميع جوانب حياتها، وبالتأكيد أن الوضع الآن تحسن عن السابق كثيراً، ولكن مع الأسف لازال هناك الكثير من النساء يعانين من هذا الجبروت، نظراً لثقافة أهلهن وأسرهن المتشددين والرافضين الخروج عن العادات والتقاليد التي تعودوا عليها.