الاحتفاء بالمترجم أبوبكر يوسف في معرض موسكو للكتاب

2 صور

«أبوبكر يوسف»، مترجمٌ مصريّ في حصيلته الكثير من الأعمال الأدبية لكبار الأدباء والمؤلفين الروس مثل «تشيخوف»، «كوبرين» و «ايتاماتوف»، وقائمة طويلة تضم ترجمات لعمالقة الأدب الروسي، وإرثٌ ثقافيٌ كبير لم نعرف بحجم منجزه إلا عندما نشر «اتحاد الأدباء الروس» نعياً له بعد وفاته.
وكتقدير لما خلفه من منجزات أدبية نظم مشروع كلمة للترجمة في دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي مؤخراً، ندوة للاحتفاء بهذا المترجم الراحل ضمن مشاركته في «معرض موسكو الدولي للكتاب» المقام خلال الفترة من 4 إلى 8 سبتمبر الجاري في العاصمة الروسية، شارك في الندوة كل ٌمن «جمال أبوبكر يوسف»، والمترجم الدكتور «ماهر سلامة».


من هو أبو بكر يوسف؟

على الرغم من انشغاله الكبير بالعملين السياسي والاجتماعي، استطاع المترجم المصري الراحل «أبو بكر يوسف»، أن يقدم الكم الكبير من الإبداع والتراجم المتميزة، وكانت لحياته الخاصة الدور الأهم في هذه المنجزات الأدبية التي قدمها، بحسب ما قاله ابنه «جمال أبوبكر يوسف»، إذ وضح أن هناك ثلاثة عوامل رئيسة أثرت في شخصية والده وكان لها دور كبير فيما حققه من منجز إبداعي.

تمثل العامل الأول في نشأته، فقد كان والده صارماً ويتمسك بقواعد صارمة في الحياة اليومية، ولذلك استطاع «أبوبكر يوسف» أن يحفظ القرآن الكريم قبل أن يبلغ الثامنة من عمره، ثم انتقل للإقامة مع شقيقه الأكبر ليلتحق بالمدرسة، وأهلته النتائج المرتفعة التي حققها للانتقال إلى مدرسة خاصة بالطلبة المتفوقين كانت تضم طلبة متفوقين من كافة أرجاء مصر. وفي الثانوية العامة كان ترتيبه الخامس على مستوى جمهورية مصر العربية كلها، فتم اختياره ضمن الطلبة المبتعثين للدراسة في الخارج وكان من أوائل المصريين الذين قدموا للاتحاد السوفياتي طلباً للعلم. وأشار «جمال» أن حياة والده في بداية انتقاله للإقامة في موسكو لم تكن سهلة، لأنه لم يكن هناك أي مدرس يتحدث العربية أو الإنجليزية، لذلك وجد صعوبة كبيرة في تعلم اللغة الروسية في بداية الأمر.


نشأة المترجم أبوبكر يوسف

تكريم المترجم المصري أبو بكر يوسف  في موسكو الدولي للكتاب

في ظل بروز دور الأدب والشعر في مطلع الستينيات، في الاتحاد السوفياتي، تمتع الشعراء الروس بشعبية هائلة، وكانوا يعقدون اجتماعات وأمسيات شعرية وسط حضور جماهيري غفير، ما أسس لنشوء بيئة أدبية وإبداعية كانت هي العامل الثاني الذي أثر في شخصية «أبوبكر».
فكان المواطنون السوفيات يبدون اهتماماً كبيراً بالأدب الروسي والأجنبي، ويسعون للحصول على أحدث الإصدارات، حتى كان الكتاب يمثل أفضل هدية يمكن تقديمها في الأعياد والمناسبات المختلفة.

وفي وسط هذه الأجواء، كان «أبوبكر» محاطاً دائماً بما يمكن أن نسميه بالمجتمع الأدبي من العرب المقيمين في موسكو، من بينهم شعراء، أدباء، مترجمون، ومخرجو المسرح، حيث كانت الجالية العربية تعيش وقتذاك فترة حافلة بالأحداث والتطورات واللقاءات بشكل لم يكن له مثيل من قبل. وقال «جمال أبو بكر يوسف»: «كان من أصدقاء والدي الشاعر «جيلي عبد الرحمن» من السودان، الأديب السوري«سعيد حورانية»، السينمائي «سعيد مراد»، الشاعر المصري «عبد الرحمن الخميسي» إلى جانب صديقه وأستاذه الشاعر «نجيب سرور» ومجموعة كبيرة من الأدباء والمبدعين. وبشكل عام يمكن القول إن والدي كان على ملتقى ثقافتين أو حضارتين عظيمتين».


العمل في الترجمة من الروسية

أعمال المترجم أبو بكر يوسف

كان لوجود زوجة المترجم الراحل المتخصصة في اللغة الروسية، الدور البارز في نجاح «أبوبكر»، فقد كانا يتعلمان معاً، وأشار «جمال يوسف» إلى أن والدته كانت تساعده في فهم مغزى الكتاب، فكان في النهار يمارس الأنشطة الاجتماعية مع الجالية العربية، وفي المساء كان يخصص وقته كله للترجمة من الروسية للعربية، وأحياناً كان يؤجل العمل الاجتماعي ويخصص جل وقته للترجمة لينتهي من العمل في موعده.
وقد يعدُّ «أبو بكر» مترجماً فريداً من نوعه، إذ كان يتقصى بعناية نقل الحالة النفسية بكل مصداقية ودقة لما يترجمه، محافظاً على روح القصة وجمالياتها، فخلف وراءه الكثير من التراجم، كما حصل على العديد من التكريمات. لقد تم تكريمه وهو على قيد الحياة بمنحه ميدالية «بوشكين» وهي من أهم الأوسمة الحكومية في روسيا، وهو أيضاً عضو فخري في «اتحاد كتاب روسيا» وأول أجنبي ينال هذا اللقب، كما منح ميدالية «تشيخوف» تقديراً لنشاطه الاجتماعي، وكرمته جامعة الدول العربية كذلك بمنحه عدداً من الجوائز، وتم إطلاق اسمه على أحد الشوارع في مدينة الفيوم مسقط رأسه في مصر.

كما أوضح المترجم الدكتور «ماهر سلامة» علاقته بالراحل، فأشار إلى أنه قام بالتدريس في «كلية الألسن» عام 1964، ومنذ ذلك الوقت امتدت صداقتهما حتى وفاته في مارس الماضي. وقال: «كان أبوبكر يوسف يتمتع بكاريزما خاصة، ويهتم بالجميع. وعلى المستوى المهني ترك لنا تراثاً عظيماً من الترجمات المتعددة، وللأسف لم نعرف بحجم منجزه إلا عندما نشر اتحاد الأدباء الروس نعياً له بعد وفاته ومعه قائمة بأعماله تضم ترجمات لعمالقة الأدب الروسي، وأكثر ما يثير الدهشة ما ورد في القائمة أنه ترجم أكثر من 30 كتابا للأطفال».