هي الحرمان العاطفي

أميمة عبد العزيز زاهد

 

حوار دار بين زوجة وزوجها قالت له تزوجتك وكلي خوف من حياتي الجديدة، خاصة أني لم أتمكن من اطلاعك على ما يؤرقني، فقد كنت أنا أول إنسانة في حياتك، وأنت كنت الرجل الثاني في حياتي، وصدمت عندما تزوجتني، فقد ظننت بأني امرأة ذات خبرة ودراية، ولكنك فوجئت بخبرتي الضئيلة، أو بالأصح المعدومة كأسوأ من أي فتاة صغيرة لم تتزوج بعد، وطلبت منك في البداية أن تمنحني الوقت لأتأقلم معك، ودعني أخبرك ما في نفسي وباختصار شديد نظراً لحساسية الموضوع، ففي أعماقي كدمات مكلومة وآهات مدفونة وأنات مخنوقة... المفترض أني امرأة أو بلغة أوضح واقعي يقول إني أنثى، ولكن ما مفهوم الأنوثة وماذا تعني بالنسبة لي؟ لا شيء على الإطلاق، وحتى أكون منصفة على الأقل مع ذاتي، وأكون أكثر وضوحاً معك فأنا طوال فترة زواجي الأول كنت أعتقد بأن المشاعر والعواطف الحميمة بين الزوجين هي مسؤولية الرجل وليس للمرأة أي دور فيها، فقد كانت هذه نصائح والدتي ونبهتني أن الزوج يقيس عفة الفتاة وحسن خلقها وتربيتها من خلال هذه العلاقة، وزرعت بداخلي مفهوم العيب في كل ما يخص هذه العلاقة، فنشأت وبداخلي مجموعة من القواعد الخاطئة والتي تشربتها وحفظتها عن ظهر قلب بجانب قلة ثقافتي في مثل هذه الأمور، ولم أجد من يفهمني الأوضاع على حقيقتها، وساهم بعد ذلك طبيعة تفكير زوجي الذي كان يحمل نفس تفكير أسرتي في تأصيل النظرة الدونية للزوجة بصفة خاصة وللعلاقة الحميمة بصفة عامة، فعشت حياة تنعدم فيها المشاعر والحب والأحاسيس، قل لي بربك أي إحساس بالسعادة يمكن أن أشعر به وأنا لا أفهم من أمورها ولا أفقه من وسائلها قيد أنملة، وكل ما أعرفه هو الواجب، وحتى هذا الواجب كنت أنفر منه وأرفضه دون إرادة مني، وانتهت حياتي بحلوها ومرها، ولكن بعد أن دمرت عاطفياً، وعشت بعدها، ونسيت بالفعل بأني امرأة فقد أخذتني دوامة العمل ومسؤولياته التي أثقلت كاهلي، ونسيت نفسي وأحاسيسي ومشاعري التي تأكدت أنها ماتت.
حتى عرفتك وكنت أشعر بأنك طوق نجاتي ونعمة أرسلها الله لي سبحانه؛ لتسعد أيامي؛ ولأعيش حياة زوجية جديدة وبمفهوم وأحاسيس ومشاعر جديدة، فأنت من عوّض حرماني المعنوي والنفسي والعاطفي، فلم أشعر بأنوثتي ولا آدميتي ولا بكياني إلا معك، وفهمت في أيام قليلة ما لم أفهمه في سنوات طويلة.
وكانت حياتي معك هي المؤشر والاختبار لذاتي؛ لأعرف أني لست إنسانة مريضة كما كنت أعتقد، وكل ما أطلبه منك يا حبيب عمري أن تتحملني حتى أصل إلى بر الأمان، وأعدك بأني لم ولن أنسى أنك كنت المفتاح الذي فتح حصوني وأنقذ أنوثتي، فحبك وتفهمك وعطاؤك وتفانيك وصبرك معي أيقظ بداخلي أحاسيس ميتة…وأنوثة مغتالة، فبكل المشاعر الصادقة والأحاسيس النبيلة أهدي لك عمري يا حب عمري.