«القطايف» طبق رمضاني اختلفت حوله الروايات وتغنّى به الشعراء

«القطايف» طبق رمضاني اختلفت حوله الروايات وتغنّى به الشعراء
تشابه ملمسها مع ملمس قماش القطيفة
قارنها الشعراء بنظيرتها الكنافة بأسلوب فكاهي
اختلفت الروايات التاريخية حول أصلها
منهل اللطايف في الكنافة والقطايف
5 صور

«منهل اللطايف في الكنافة والقطايف»، هذا ما قاله العالم جلال الدين السيوطي، في تلك الحلوى الشرقية التي تُزيّن الموائد الرمضانية منذ القدم وحتى اليوم في العديد من الدول العربية، وبشكل خاص في بلاد الشام ومصر، فلا يكاد يخلو منزل غني أو فقير من تلك العجينة السائلة المخبوزة، ليتمّ تناولها محشوّة بالأطايب من المكسرات، الزبيب، القشدة، أو الجبنة.
في السطور التالية نتعرف على تاريخ هذا الصنف، وإلى ماذا يعود أصل تسميته، ولماذا ارتبط تناول «القطايف» بالشهر الفضيل؟

 

qtyf.png


أصل التسمية واختلاف الروايات


تقول بعض الروايات إنّ أول من أكل «القطايف» كان الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك، في سنة 98 هـ، وفي رواية أخرى أنّ أول من ابتكر «القطايف» هم الأندلسيون، حيث انتشرت في كلٍ من غرناطة وإشبيلية، ثم انتقلت إلى بلاد الشرق العربي، وظلت تتغير وتتطور على مدار السنوات، حتى وصلتنا اليوم.
وفي رواية ثالثة، أنّ أصل «القطايف» يعود إلى العصر الفاطمي، حيث كان صُنّاع الحلوى يتنافسون على تقديم أجمل ما لديهم؛ حتى ينالوا إعجاب ورضا السلطان، وكي يتمكنوا من العمل في قصره، فقرر أحد الطهاة أنّ يبتكر فطيرة صغيرة محشوة بالمكسرات، ثم وضعها بشكل أنيق في طبق وزيّنه بالمكسرات، وخرج به على الضيوف في القصر الملكي، فتهافت عليها الحاضرون، وظلوا يقطفونها من بعضهم؛ بسبب طعمها اللذيذ، ومن هنا أطلقوا عليها اسم «قطايف»، في حين ترجح رواية رابعة أنّ «القطايف» أخذت انتشارها في عصر السلطان قنصوة الغوري، ويعتقد بعض المؤرخين أنّ أصل تسمية «القطايف» بهذا الاسم، وذلك لتشابه ملمسها مع ملمس قماش القطيفة.

 

qtyf_1.jpg



مكانتها الأدبية


ولفرط لذتها، تغنّى بها الشعراء في قصائدهم وأبياتهم، وعبّروا عن عشقهم لها في عصور مختلفة، وقارنوها بنظيرتها «الكنافة» بأسلوب فكاهي يوحي بالتنافس بينهما، ومنهم أبو الحسين الجزار، إبان عصر الدولة الأموية، حيث قال:
وما لي أرى وجه الكنافة مُغضبًا ولولا رضاها لم أرد رمضانها
تُرى اتهمتني بالقطايف فاغتدت تصُدُ اعتقادًا أن قلبي خانها
ومُذ قاطعتني ما سمعت كلامها لأن لساني لم يُخاطب لسانها

وقال زين القضاة السكندري، واصفًا إياها بعُلب مصنوعة من العاج محشوة بحجر الزبرجد:
لله در قطائف محشوة من فستق دعت النواظر واليدا
شبهتها لما بدت في صحنها بحقاق عاج قد حشين زبرجدا

وتغزّل بها أيضًا الشاعر الأندلسي سعد الدين بن عربي، قائلاً:
وقطائف مقرونة بكنافة من فوقهن السكر المدرور
هاتيك تطربني بنظم رائق ويروقني من هذه المنشور

والشاعر ابن عينين، صوّر الخصام بين الكنافة و«القطايف» بشكل لطيف في أبياته، قائلاً:
غدت الكنافة بالقطائف تسخر وتقول: إنّي بالفضيلة أجدر
طُويت محاسنها لنشر محاسني كم بين ما يطوى وآخر ينشر
فحلاوتي تبدو وتلك خفية وكذا الحلاوة في البوادي أشهر


ارتباطها بشهر رمضان


فكما اختلف الكثيرون حول تاريخها، اختلفوا أيضًا حول ارتباطها بالشهر الفضيل، حيث رأى البعض أنّ ذلك يعود كما قيل للعصر الأموي، وأنّ الخليفة سليمان بن عبد الملك تناولها في شهر رمضان، بينما يرى الغالبية أنّ «القطايف» أصبحت أحد طقوس شهر رمضان؛ لأنّه يتم صنعها على شكل هلال نسبة لهلال الشهر!