عـيـد العُـمّـال في 1 مايو والاحتفال بالسواعد التي تبني البلاد

الاحتفال بعيد العمال
في الأول من أيار
للسواعد التي تبني
كل عام وعمال العالم بخير
عيد العمال بالأول من أيار من كل عام
7 صور

هم السواعد التي تبني، وتحمل البلاد على أكتافها إلى برّ الأمان، هم القلوب التي تحرس غفلتنا وراحتنا، هم عامل البناء، والحداد، والنجار، والميكانيكي، والسباك، ورجل الكهرباء، والبائع المتجول، والموظف، إنهم العُــمّــال، الذين يحتفلون بنا طوال العام، ونحتفل بهم يوماً واحداً في العام، نحتفل بهم وبإنجازاتهم في الأول من أيار/مايو.


قضية «هايماركت».. التي صرخت في وجه الظلم


من هناك، من مدينة «شيكاغو» في الولايات المتحدة الأمريكية، بدأ كل شيء، عندما نظّم العُمّال الأمريكيون إضرابهم الشامل الأول خلال العام 1877، وطالبوا السلطات بتقليل ساعات العمل، وتطبيق نظام ساعات العمل الـ8، وتحسين ظروفهم المعيشية وشروط السلامة في أماكن عملهم. وعلى الرغم من موافقة الحكومة الأمريكية على مطالبهم، إلا أن أصحاب المصانع والأعمال، استمروا باستغلالهم لهؤلاء العمال وإجبارهم على العمل لساعات طويلة، تمتد من 14 إلى 15 ساعة في اليوم، وكل ذلك مقابل أجور قليلة وظروف عمل قاسية للغاية.
بعد أعوام قليلة، وعلى وجه التحديد في شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام 1884، اجتمعت في مدينة شيكاغو، عدد من أهم النقابات العُمّالية في كل من أميركا وكندا، وقررت الدخول في إضراب شامل ضخم، وتم تحديد تاريخ الأول من أيار/مايو من العام 1886 للبدء بهذا الحراك الحقوقي الضخم، ليكون ثورة تاريخية على ظلم الإقطاعيين وأصحاب الأعمال، فاتحدّ العمال جميعهم في وجه هذا الإضطهاد وبالفعل بدؤوا إضراباً شاملاً وكبيراً، لتطبيق نظام عمل «الـ 8 ساعات».
ففي ذلك اليوم، 1 أيار عام 1886، توقف ما يزيد عن 350 ألف عامل في أكثر من 20 ألف مصنع أمريكي عن العمل تماماً. وخرجوا في مظاهرة هائلة في شوارع شيكاغو، وهو الأمر الذي دفع السلطات إلى محاولة قمعهم بالقوة، لكنها فشلت في فعل ذلك، وحدث ما لم يكن متوقعاً، إذ أن هذا الحراك العُمالي الكبير وصل إلى معظم مقاطعات ومدن كندا، ثم إلى أستراليا، ثم بدأ العمال في مختلف دول أوروبا بالأمر نفسه، وامتدت هذه المظاهرات إلى مختلف دول وأنحاء العالم. وبعد شهر واحد فقط من هذه التظاهرات، قررت الحكومة الأمريكية تنفيذ قانون ساعات العمل الثمانية، وأجبرت أصحاب المصانع على تطبيقه.


أول عيد عُمال بعد الانتصار..


بعد قرابة الـ3 سنوات، وعند افتتاح مؤتمر النواب الإشتراكيين الدولي في العاصمة الفرنسية باريس، قرر المؤتمر أن يتم الإحتفال بعُمّال العالم كلهم في يوم 1 أيار/مايو من كل عام، وذلك تكريماً لشجاعة العُمّال الذين شاركوا في الإضراب الكبير الذي انتشر كالنار في الهشيم في العالم، والذي تمكن من انتزاع حقوق العمال البسطاء من بين أيدي أصحاب المصانع. وفي التاريخ نفسه من العام التالي 1890، بادر عمال الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، إلى السير بتظاهرات واسعة في شوارع البلاد، احتفالاً منهم بالانتصار الذي حققوه، وكان ذلك أول احتفالات «عيد العُمال» في العالم.
وبعد ذلك التاريخ، اعتمدت مختلف الدول العالمية، تاريخ الأول من أيار للاحتفال بيوم العمال أو عيد العمال. وأصبح هذا اليوم عطلة رسمية وطنية لجميع العُمال في البلاد، يرتاحون فيه من شقاء وظائفهم وأعمالهم، ويحتفلون بسواعدهم التي بنت البلاد، ويحتفل الناس بهم تكريماً لإنجازاتهم، ولأرواح الذين ضحوا بكل شيء في قضية «هايماركت»، التي أشعلت الاحتجاجات وأعادت للعمال حقوقهم.