الحب في زمن السوشيال ميديا

الدكتورة لمياء البراهيم،الكاتبة واستشارية الأسرة والمجتمع والجودة
يختلف التعبير عن الحب من شخص لآخر
4 صور

يختلف مفهوم "الحب"، وطرق التعبير عنه من شخص لآخر ومن مجتمع لآخر، والتي ومن دون أدنى شك طرأ عليها الكثير من التطور والاختلاف مع تطورات المجتمعات وتنوع وسائل التواصل الاجتماعي، وتغير نظرة المجتمعات العربية للحب. ويبقى الحب من وجهة نظر الدكتورة لمياء البراهيم، الكاتبة واستشارية الجودة إحساس غريزي فطري لايوصف، ومن المهم توفيره منذ الولادة، والاستمرار في تقديمه دائماً. رغم أنه لا يوجد هناك مفهوم واضح للحب الحقيقي، ولا أحد يستطيع تعريف الحب،ثم احتكار التعريف لنفسه، واعتبار وجهة نظره فقط صحيحة، فالحب إحساس لا يوصف، تتعدد مشاعره وأساليب التعبير عنه، وإظهاره إلى العلن، وقد ينتهي، ويتغيَّر من شكل لآخر، وبالنسبة إلي، أراه طاقة لا تنضب،ولا تأتي من العدم، لكنها تتحول من شكل لآخر، نغذيها مثل النبتة، ونرويها بالاهتمام والاحترام، لأنها قد تموت لو فقدت العناصر التي تساعدها على النمو".
وكما يختلف مفهوم الحب يختلف أيضاً التعبير عنه من شخص لآخر، فأحياناً يأتي الحب من النظرة الأولى، ومرات من الكلمة، فيما يهتم بعضهم بالشكل،وآخرون بالمادة".
المجتمع والحب
وحول مدى تقبُّل المجتمع مشاعر الحب، أوضحت البراهيم، أن كل دولة تمثل قارة بتنوعها الاجتماعي والثقافي، فالأسرة الواحدة نجد فيها أفراداً يتقبَّلون الحب بين الجنسين، إن كانت لديهم تجارب ناجحة، أثمرت عن الزواج،وآخرين يتخوفون منه ومن مشاعره، وقالت:"التجارب والخبرات السابقة يبنى عليها التقبُّل والتعايش، ونحن لا نرى إلا قمة الجليد، هناك كثيرٌ من قصص الحب الناجحة وغير المعروفة، وهناك قصصٌ انتهت دون أن يعرف بها أحد، وتحولت إلى ذكرى في وجدان مَن عاشها، كما توجد قصص حب طاهرة، وهناك حالات قيل عنها إنها حبٌّ، وهي ليست كذلك، وإنما مشاعر مريضة بالتملك، أو الرغبة في الخروج من الواقع والتمرد على المجتمع".
وأضافت "في الأساس، أي مشاعر قد تكون مستقرة،وقد تكون عكس ذلك، فالشخص نفسه الذي يحب شخصاً ما،يتساءل بعد سنوات:كيف أحببته؟ لأنه يكتشف أن هذا الشخص لا يناسبه،خاصةً بعد أن ينضج ويحتكَّ بالآخرين،وحتى نكون أكثر شموليةً، من المعروف للجميع أن العادات والقناعات والأكل والأشخاص يتغيرون في كل مرحلة نمرُّ بها، إذاً كيف سيكون الحال بالنسبة إلى شخصين يتفاعلان مع بعضهما يومياً؟ لكن،يبقى الحب الوحيد المقبول بعد حب الله، هو حب الوالدين، فهو الحب المحمود والمقدَّر".
المرأة والحب
وتحدثت عن بعض القناعات الثابتة حول صفات المرأة في الحب بالقول: "المرأة غالباً ما تكون أكثر عاطفةً بطبيعتها، لكنَّ بعض الرجال عاطفيون أيضاً، لذا لا يمكن التعميم، أما الإخلاص في الحب فيعتمد على شخصية المرأة، وتأثير العوامل الاجتماعية فيها، فهناك عوامل تحتِّم عليها الإخلاص في علاقاتها الشخصية والزوجية، فالمجتمع مثلاً قد يبرِّر خيانة الرجل، أو عدم إخلاصه لزوجته، لكنه لا يفعل ذلك مع المرأة، أما التضحية فيقدمها مَن يحب أكثر أياً كان جنسه، أما مدى تقبُّل الرجال لرغبة النساء فيهم فتختلف من شخص لآخر،لكنَّ قبولهم يعزز في ذاتهم الرضا".
الحب والحرمان
وتطرقت إلى الفارق بين مَن عاش في أجواء مفعمة بالحب ومَن افتقد ذلك، قائلةً: "لا نستطيع العيش من دون حبٍّ، والدراسات النفسية والسلوكية والاجتماعية بيَّنت أن هناك اختلافاً بين مَن عاش في جو مفعم بالحب في فترة طفولته، ومَن عانى من الحرمان العاطفي"، فالأشخاص الذين تلقوا الحب في طفولتهم يتميزون بأنهم أكثر ثقةً في أنفسهم في المستقبل، وأكثر اكتفاءً من الآخرين.
وفي المقابل، نرى العكس تماماً مع الأطفال الذين حرموا من الحب، مثل الأيتام واللقطاء،إذ تتم كفالتهم وتوفير ظروف حياتية جيدة لهم،لكنهم يفتقدون مشاعر الحب الحقيقية في العائلة، ومع تقدم العمر يبقى لديهم نوعٌ من الحرمان العاطفي، لذا أؤكد أن الحب لدى الإنسان غريزي فطري، ومن المهم توفيره منذ الولادة، والاستمرار في تقديمه دائماً، نظراً للحاجة الإنسانية للحب والتقدير والامتنان والشكر".
الحب في زمن الميديا
وفي الختام، تطرقت البراهيم إلى "الحب في زمن السوشيال ميديا "قائلة: "اليوم، الحب أصبح أسهل لما تتيحه مواقع التواصل من إمكانات هائلة للتعرُّف،كذلك نوعية عبارات الحب تغيَّرت،ففي السابق كان العشاق يأخذونها من القصص الرومانسية، أما اليوم فيتوجهون لفعل ذلك إلى رسائل جوجل ومواقع التواصل السريعة، وأيضاً نلحظ أن الحب أصبح ينتهي البلوك عكس السابق بالدموع والرسائل".