هبة القوّاس لـ "سيدتي": إبداع عبد الرب إدريس يدفعني إلى توزيع أغنية "ليلة" أوركستراليًّا

هبة القوّاس
هبة القوّاس
هبة القوّاس
هبة القوّاس
هبة القوّاس
هبة القوّاس
6 صور

امتزج مسارها الموسيقي التجديدي بين الشعر الصوفي والمعاصر، بدءًا بالحلّاج، وابن عربي، وابن الفارض، والمتنبي، مرورًا ببدر شاكر السيّاب، وأدونيس، هدى النعماني، وأنسي الحاج، ومحمود درويش، وحمزة عبود، وصولًا إلى د. عبد العزيز خوجة، وزاهي وهبي، وراغدة محفوظ ، وندى أنسي الحاج. وسبق لها المشاركة في تأليف كتاب المناهج الموسيقية في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة في لبنان، وألّفت أيضًا مناهج دور المعلمين للموسيقى، كما نالت وسام السلطان قابوس للثقافة والفنون والإبداع في عُمان.
من هذه البداية "سيدتي" حاورت المؤلفة الموسيقية ومغنية الأوبرا اللبنانية، هبة القواس بعد حفلها الذي أقيم على مسرح مركز المؤتمرات بجامعة الأميرة نورة في الرياض، وفي أول لقاءٍ يجمعها بالجمهور السعودي.

* ماذا يمكن أن تقولي عن حفلكِ الأول في السعودية، وتحديدًا في مدينة الرياض؟
- الشعب السعودي راقٍ ومتعلم، ويضم كثيرًا من النخب على المستوى الثقافي، وهذا ما تأكد لي في الحفلة، وما قلته ينطلق من معرفتي بأهل المملكة العربية السعودية وتاريخها وتنوع بيئتها الجغرافية الكبيرة، ما أضفى غنًى ثقافيًّا، لأنّ التنوع الجغرافي يأتي بثقافات متنوعة وامتداد مساحتها لا يمكن إلّا أن يكون فيها طبقة كبيرة من الناس تقدّر الفنون الراقية، وأنا أقول إنّ ردّة الفعل الجميلة في الحفلة، جاء أكثر ممّا توقعت، والسعودية منفتحة على الثقافة، ويوجد بها صفوة الشعراء والأدباء والمفكرين والفنانين.

* كيف كان صدى وقع الجمهور في الحفل؟
- الحفلة التي قدمتها هي من ضمن الفعاليات التي نظمتها الهيئة العامة للثقافة خلال أيام عيد الفطر المبارك، وكان الحضور متاحًا للعائلات، وهذا ما أسعدني وجعلني أستمد قوتي من الجمهور الذي منحني إحساسًا أعلى، والاتصال به هو الذي أسّس لمسار كامل الحفلة. وقدّمت في الحفلة مجموعة من الأغاني والمقطوعات الموسيقية، بمشاركة فرقة أوركسترا "كييف فيرتيوزي" السيمفونية بقيادة النمساوي "كارلسولاك".

* لماذا تم تأجيل طرح ألبومكِ الجديد "صوتي السماء" أكثر من مرة؟
- الألبوم جاهز منذ فترة تزيد على العام، ولكن حُكم عليه الجلوس على طاولة الانتظار، بسبب ضبابية الوضع السياسي الذي مرّ على لبنان طوال السنوات الماضية، ما جعلني لا أتسرّع في إطلاقه، فقد كان هدفي أن يطلق من لبنان إلى العالم العربي. وحاليًّا، بما أنّ العوائق السياسية قد زالت، أستعد لوضع اللمسات الأخيرة عليه استعدادًا لطرحه، وهو يضم قصائد لعدد من الشعراء في عالمنا العربي، منهم: الشاعر السعودي د. عبدالعزيز خوجة، وندى أنسي الحاج، وهدى النعماني، وراغدة محفوظ، وزاهي وهبي، وجميعها من تأليفي الموسيقي، وإنتاج شركتي الخاصة.

* وما هو أكثر ما يصدمكِ في الموسيقى؟
- تقديم نماذج من الأصوات المشوّهة، التي يمثل تأثيرها تدميرًا للأفكار والأرواح، والأجهزة العصبية. فعلى سبيل المثال. كل تردّد موسيقي سلبي نتاج موسيقى استهلاكية، سواء كانت عربية أو عالمية، تأخذ الإنسان وكونه إلى مكان خطير، وكل تردّد إيجابي جميل، هو بناءٌ للجسد والروح، ويساهم في بناء الكون .

* كيف تجدين علاقة الجمهور بالغناء الأوبرالي العربي بعد النهضة التي تحققت تجاه هذا الفن في بعض دول الخليج؟
- بداياتي كانت في التسعينيات الميلادية في عمر صغير، أثناء وجودي في إيطاليا لمتابعة الدراسات العليا في الغناء الأوبرالي، وتحضير الماجستير في التأليف الموسيقي، وقد طُلب مني البقاء ومواصلة الغناء باللغة الإيطالية، ولكنني رفضت وعدت إلى عالمنا العربي، ممتلئة بالثقة واليقين في أنني سوف أنجح على نحو مختلف. ولقد ساهمت مع بعض الأصدقاء الفاعلين من أصحاب الرؤية الحكيمة في الخليج وعالمنا العربي، بتأسيس بيئة وحالة جديدة هنا فوق أرضنا التي تحتاجها ونحتاجها كلنا، لتكون حاضنة للأوبرا والموسيقى الكلاسيكية العربية الحقيقية بشكل عام، التي لم تعد ترفًا، بل ضرورة.

* ما هو الفرق ما بين حقبة التسعينيات الميلادية والحقبة التي بدأت في عام2010م، حتى عامنا الراهن؟
- من هنا أصبح في معظم الدول الخليجية صروح تحتضن فنون الأوبرا العربية، وتكونت مؤسسات ونُظّمت مهرجانات فنية خاصة للعروض الأوبرالية، وأصبح هناك جمهور عريض متذوق لهذا الفن. ومازالت ذاكرة المكان تحتفظ لي بمشهد فريد لا يفارقني أبدًا، وهو آخر عمل قدمته بدار الأوبرا السلطانية بمسقط، حمل اسم "أنوار الأندلس"، وكانت التذاكر قد حُجزت كلها قبل أن تبدأ حفلاتنا بمدة طويلة، وفي ثلاثة أيام متتالية، كانت القاعة ممتلئة بالجمهور، وأغلبهم من المواطنين وليسوا أجانب، وقد ظل الجمهور متفاعلًا على مدى عمر الحفلات بشكل كبير، ويصفق واقفًا لمدة 20 دقيقة متواصلة عقب انتهائها، لدرجة أنني شعرت بلذة النجاح كما مسّني، وهذا بالتأكيد، له تأثير كبير عليّ، لأنني زرعت هذا النمط من الغناء وساهمت فيه.

* ماهي الإمكانات التي لابد من توافرها في مغنّي الأوبرا؟
- في الأوبرا لا يكفي أن يتمتع المغني بموهبة الصوت العذب،‏ بل تلزمه مساحات صوتية واسعة، والتقنية أيضًا، وعلى المغنّي أن يتعلم كيف يتنفس، بحيث يكون لديه مخزون كافٍ من الهواء،‏ ثم يجب أن يتقن التحكم فيه.

* ألا يلوح في الأفق فكرة تعاون يجمعكِ بالمدرسة الرحبانية في أعمال غنائية ومسرحية؟
- ربما يحدث. في الأساس لم يكن لديّ هذا الاتجاه، وعند بداية دخولي الوسط الموسيقي، أردت تأسيس تاريخ موسيقي جديد يأخذ الموسيقى العربية باتجاهات جديدة، ولم يكن همّي التعاون مع أيّ اتجاهات أخرى، لأنني إنسان جديد يتطلع إلى روح موسيقية جديدة ومختلفة. والرحابنة أسّسوا نمطهم في المسرح الغنائي الذي يصل للناس من خلال حالة لطيفة أكثر، وكما نعرف أنّ المسرح الغنائي أقلّ درامية من حالة الأوبرا والموسيقى الدرامية، التي يمكن القول إنها توصلني للناس أكثر، من خلال عمق الموسيقى التي أقدّمها. وحاليًّا، بعدما تحققت أهدافي، وبتطورها مع الوقت، أرحّب بالتعاون من باب التنويع والترفيه والمتعة. وأتصور أنّ ما أقدّمه من الناحية الموسيقية البنّاءة، له علاقة بمدرسة تقنية الصوت وكيفية استخدامها، والتي لم يكن لها وجود في السابق، وكذلك تقنية التأليف وكيفية كتابة دمج الروح العربية مع الموسيقى العالمية، وتطوير الثقافة والارتقاء بالذائقة الفنية، ونقلها إلى الأجيال القادمة، وهو هدفي الذي أقوم به من خلال الأكاديمية التي أنشأتها، وأسعى سعيًا حقيقيًّا إلى دفع مجموعة من طلاب الموسيقى، نحو الحصول على جوائز عالمية، ومنهم بالفعل من حصل عليها.
وربما هذا الذي منعني من التعاون مع الرحابنة في الفترة السابقة، مع العلم أنّ الياس وأسامة الرحباني أصدقائي، وتجمعني بهما علاقة إنسانية ومحبة كبيرة، وقريبًا سيكون هناك مشروع.

* هل لكِ أن تخبرينا بقصص الأعمال المرتقبة ما بينكِ وبين بعض الموسيقيين العرب، وعن إعادة إحياء التراث الفني لبعض كبار الفنانين في الفترة المقبلة؟
- أنا من الذين لا يضعون مشاريع معينة، لأنني كل يوم أضع مشروعًا جديدًا، ولكنني مؤخرًا، أردت أن أؤدي بعضًا من الأعمال القديمة التي أشعر بأنّ الناس يحبونها ويشتاقون إلى الاستماع إليها بعد توزيعها سيمفونيًّا، وهناك تعاون، على سبيل المثال مع الرحابنة، والموسيقار العراقي نصير شمه، وكان هناك لقاء مع الموسيقار السعودي د. عبد الرب إدريس، وفي موضع من ذات الحوار حدثني عن رغبته في توزيع بعض أغانيه أوركستراليًّا، ولم ينتهِ من جملته الأولى حتى بادرته بالقول: قد تعودت أن أستمع إلى أغانيك الرائعة وغنائها، وبالذات أغنية "ليلة" منذ كنت صغيرة، فقال لي: لا أحد سيوزعها غيركِ، لتكون إشارة البدء لتنفيذها قريبًا.

* وما هو أكثر ما لفتك في شخصية الموسيقار الفنان د. عبد الرب إدريس ؟
- أوجه متعدّدة لإبداعه ولاهتماماته. أحببت الموسيقار د. عبد الرب إدريس كإنسان، وموسيقي، لأنه يمتلك حرفة عالية باللحن الموسيقي والانتقال المقامي بشكل غير عادي، وأبعادًا موسيقية خاصة، يقوم باستخدامها ضمن اللحن الموسيقي.

* كيف كانت علاقتكِ برائد قصيدة النثر العربية الحديثة الراحل أنسي الحاج، وما هو الأثر القوي الذي تركه في نفسكِ في سنوات النشأة والتكوين؟
- عرفت الراحل أنسي صديقًا مميزًا على قلبي، وكان محورًا مؤثرًا في موسيقاي ورحلتي ورؤيتي، ورافق مشروعي الموسيقي منذ بداياته. كما كان مولعًا بالموسيقى الكلاسيكية ويحمل لها محبة بشكل خاص، ويعتبرها الفنّ الأهم، والحالة الأكثر سامية.
تعرفت إليه في عمر الخامسة عشرة، وكنت أخذت من شعره قصيدة من ديوان "الرسولة"، وغيّرت الصيغة من المذكر إلى المؤنث، وحين ذهبت لألتقي به للمرة الأولى، دُهش بالأغنية وأحبها كثيرًا وأصبحنا صديقين. وصدى صوته لازال يتردد في أذنيّ عندما قال لي: إني حققت له حلمه بأن يسمع شعره مغنّى. ولقد ألّفت بعدها موسيقى لعشر من قصائده وتغنّيت بها، وبعد أنسي أصبحت زوجته ليلى صديقتي.
رسمت ابتسامة خفيفة ثم استطردت قائلة: " وانتظرت ابنته الشاعرة ندى لتكبر، لتصبح بدورها صديقتي ورفيقة عمر ودرب. وقد وجدت ضالّتي في ندى، فشكلنا ثنائيًّا في الموسيقى والشعر، على مسارح لبنانية وعربية وعالمية، حيث أعزف على البيانو وترافقني في إلقاء قصائدها .

* هناك بعض الشخصيات التي يستدعي مجرد ذكر اسمها معنى التاريخ الفني ، دعينا نسترجع بعضًا .. من ذكرياتكِ مع الفنان الراحل وديع الصافي؟
- الراحل وديع الصافي صديق عظيم، وهو محب لموسيقاي، وشديد الحرص على حضور حفلاتي، فكان يراقب أيّ صدور جديد لأعمالي. وهناك واقعة شخصية أضيفها إلى قائمة طويلة جدًّا ممّا يربطني بالراحل وديع الصافي، وما زلت أذكر عندما توفي والدي(رحمه الله)، وبعد مرور أشهر عدة، صادف عيد ميلادي وامتنعت حينذاك عن الاحتفال به، لأنني كنت أحمل صدمة غيابه على أكتافي، ورحيله كان أمرًا قاسيًا لا يمكن تخطّيه بسهولة، حيث أصرّ الفنان الكبير وديع، على أن يقيم الاحتفال في بيته.

* كان حلمكِ إنشاء دار أوبرا في لبنان، فهل تبخّر الحلم وأصبح سرابًا؟
- سرحت كمن يتذكر شيئًا وقالت: "الرئيس الراحل رفيق الحريري يرحمه الله ذاك الإنسان الذي كسب احترام كل من حوله، حتى أكاد أجزم أنني لم ألتقِ أحدًا مثله في حياتي. وكان حلم إنشاء دار الأوبرا بوجوده سيكون أسرع وأسهل لأننا أجرينا دراسات من نقطة الصفر، وصولًا إلى اختيار الأرض التي ستقام عليها الأوبرا، لكنّ قدر موته كان أسرع.
ولكنّ حلم لبنان مازال مستمرًا، واعتقد أنه ليس ببعيد، لأنّ لبنان على بعد خطوات من استقراره. وبإمكاننا مواصلة مسيرة الحلم مع الرئيس سعد الحريري، الذي يريد تحقيق أيّ حُلم، حَلُمَ به والده قبل أن يرحل، ولن أقول بهذه السهولة، لأنّ الزمان دار، وتحوّل من مكان إلى مكان، وبقي الموعد حلمًا في ذهني ينتظر التحقيق، وسيصبح ما أنتظره واقعًا، وأعتقد أنه لا يوجد مستحيل مع إرادة من حديد.

* حدّثينا عن تبنّي موهبة الفنان السعودي عبدالرحمن محمد، وتقديمكِ له في حفل "أنوار الأندلس"، في عرض عالمي "على خشبة دار الأوبرا السلطانية بمسقط؟
- ما شدّني إلى موهبة عبدالرحمن شخصية وجمال صوته، وقد ألّفت ألحانًا خاصة لصوته مع الأوركسترا، وقدّم معي دويتو إلى جانب أدائه مواويل تراثية. "أنوار الأندلس" يحاكي الحضارة الإسبانية والعربية. وقد مزجنا إيقاعات الفلامنكو بالأنغام الحجازية، وأنني بصدد تأليف مقطوعات موسيقية جديدة لعبدالرحمن، ليصعد بها إلى خشبة مسارح عالمية، وستصاحبه فرقة من إسبانيا تتمازج مع أسلوبه المزدوج، وقريبًا سيكون البدء لتنفيذ إنتاج ألبومه الخاص.

 

لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا أنستغرام سيدتي

ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر تويتر "سيدتي فن"