مواجهة جديدة بين أب وابنته: نصيحتي لها لا تعني رفضي لتصرفاتها

هو: لست ضد الاحتفال والفرح، لكني مع التفكير أولاً
هي: ما الخطأ بأن نحتفل بأمي في يوم الأم؟
2 صور

إذا كنتِ زوجة أو ابنة أو أختاً أو زميلة، ولكِ موقف من سلوك أقرب الرجال إليك، فهذه الصفحة لك. قولي كلمتك له، فالذكي من الإشارة يفهم... وعسى أن يكون رجلك ذكياً!

الإبنة: هل حُرّم علينا الفرح؟
أحياناً أتمنى أن يتوقف الزمن ولا نكبر! أصبحت أنظر للمسنين بنظرة تحمل علامات استفهام كثيرة. لماذا عندما يكبر الشخص يصبح أكثر تزمتاً وعصبية؟ أين صورة الرجل المسن الذي كنا نقرأ عنه في القصص عندما كنا صغاراً؟! أين الحكمة والسكينة والملاذ الذي نلجأ له؟ أصبحت أهرب من المسنين وأتجنبهم وأولهم أبي، فكلما مرّ عام، زاد حدّة في طباعه. لا أذكر أنه كان على هذه الصورة في طفولتي، كنا نذهب في نزهات عائلية ونسهر أمسيات مع الأقارب؛ نلعب ونلهو فيها، كنت أذكر سهراتهم أمام شاشة التلفزيون يُطربون بحفلات أم كلثوم وعبدالحليم. كانت أعياد ميلادنا أعراساً، فماذا جرى؟! لماذا تحوّل أبي وكل من عاش تلك المرحلة لأشخاص لا يجيدون غير الانتقاد والشكوى والتذمر من الزمن الراهن. لماذا يُحرم على جيلنا أن يعيش كما عاشوا هم؟ كل تصرّف منّا يواجه بنقد لاذع ويتحوّل لنقاش يعكّر المزاج.


آخر هذا النقاشات عندما فتحت موضوع اقتراب يوم الأم، وكيفية الاحتفاء بوالدتنا في هذا اليوم. ما كان من أبي إلا أن يواجه الفكرة وسؤالي بسيل من الاستفسارات والاتهامات؛ أن هذا اليوم ليس له أساس، وأنه مستحدث، وأنه ليس سوى عملية تسويقية، و.. و... و...
ما الخطأ بأن نحتفل بأمي في يوم الأم؟ وإن كان هذا اليوم مستحدثاً في الرُزنامة، فما الخلل في أن يكون للأم يومٌ خاصٌ بها تكون فيه الملكة؟ فهي تعاملنا كالملوك كل يوم من أيام السنة، فلماذا يحرم عليها الفرح؟ أيعقل أن يتغير أبي ولا يريد الاعتراف؟ ربما.. ولن أستغرب، فالإنسان عندما يكبر يعود طفلاً ويبحث عن الاهتمام!


فلسفة أبي أنه يعود لأصول هذا اليوم ويناقشنا بما أوصانا به الله ورسوله فيما يتعلق بالوالدين، لا أخالفه بالطبع، فنحن تربينا على كتاب الله (وبالوالدين إحساناً)، لكنّ احتفاءنا بالأم في يوم الأم لا يعني أننا لا نقدّرها أو نحترمها ولا نصلها إلا في هذا اليوم! نحن نقدّر مكانة الأم وكل ما تفعله، ولكن في هذا اليوم ندعها تستريح من مهامها اليومية وتقضي يوماً منعشاً بعيداً عن المسؤوليات والهموم. ما الفرق بين حفلة عيد ميلاد أحد منّا وهذا اليوم؟ لا فرق، فلماذا أبي يتقبل أعياد الميلاد؟


كم نحتاج إلى القليل من الفرح والانتعاش في خضم هذه الحياة وضغوطها، وما إن أتفوّه بجملة كهذه، أجد أبي يتهكّم بكلامي ساخراً من جيلنا. نعم حياتنا صعبة، وتحدياتنا كثيرة، ونعيش أزمات اقتصادية وأحداث حروب، ومآسي، بينما جيل أبي عاشوا مرفهين، فلماذا يستكثر علينا لحظات فرح نتنفس من خلالها بعضاً من الأمل؛ ليساعدنا على تحمّل من تحمله لنا الأيام القادمة؟

زينب (سنة 25 - خريجة إدارة واقتصاد- تبحث عن عمل)

شاركوا في تقديم اقتراحاتكم لـ«زينب» .


إذا كنت زوجاً أو أباً أو أخاً أو زميلاً، وتواجه مشكلة في التعامل مع أقرب النساء في حياتك، فهذه الصفحة لك. قل كلمتك لها، فالذكية من الإشارة تفهم... ولعلها تكون ذكية!


الأب: لنفكّر أولاً ثم نفرح!
تتصور ابنتي ومن هم من جيلها بأنهم عباقرة الكون وفلاسفة زمانهم، ما إن تحاول مناقشتهم بموضوع ما إلا واتهموك بالتعصب والرجعية والعقلية القديمة، ليس هذا فقط، بل أيضاً يشعرونك بأنهم يحملون أعباء الدهر فوق أكتافهم، ويستهينون بكل سنوات عمرك وخبرتك في هذه الحياة! هذا هو عيب هذا الجيل.


من أكبر عيوبهم هو التقليد الأعمى لكل ما يروّج له المجتمع الحديث لأسباب تسويقية بحتة، فتارة يوم الحب، يوم المرأة، يوم الربيع، يوم الأب، يوم الأم، والأيام كثيرة.
لست ضد الاحتفال والفرح إن أرادوا، لكني مع التفكير أولاً. ابنتي زينب تنفعل وتثور عندما أناقشها، أو حتى أتساءل عن مغزى هذه الأيام، ثارت وغضبت عندما ناقشت فكرتها عن الاحتفال بيوم الأم. أعيد وأكرر أنني لست ضد الاحتفال بالأم، ولكن نقطتي كانت تدور حول محور واحد؛ وهو هل نحتاج ليوم واحد بالسنة؛ كي نقدّر فيه الأم ونشعرها بمكانتها بيننا؟ هل يوم واحد فقط في السنة هو ما أوصانا به الله في كتابه والرسول في أحاديثه؟


لا نقاش مع زينب، بمجرد أن أبدأ حديثي، تنطلق بفلسفتها المعتادة، واتهامي بأن التقدم في السن يجعل مني شخصاً كئيباً وكارهاً للفرح! أنا أعلم أنني لست كما تقول، والدليل أنني منذ طفولتهم وحتى هذه الساعة أحتفل بأعياد ميلادهم، وأعيش معهم أجمل اللحظات. كل ما في الأمر أنني أناقش هذه الظواهر الجديدة على مجتمعنا، أناقش إن كانت تناسبنا وتتماشى مع مفاهيمنا وما أوصانا به ديننا.


لا أُحرّم عليهم الفرح، كما تتهمني زينب، فالسؤال والنقاش ليسا بتحريم، وأنا لست ذلك الشخص الكئيب المنطوي على نفسه. زينب في أحيانٍ كثيرة تتجاوز حدودها في النقاش، ولكني لا أعير الأمر أهمية، ربما عدم اكتراثي جعلها تتمادى قليلاً. تتصور زينب أن ما تتفوّه به هو الصواب، وأننا نعيش في القرون الوسطى. الفرق بيننا أنني أناقشها من منطلق ديني، ولكنها تتحدث بمفاهيم اجتماعية جديدة!


أكرر أنني لست ضد الفرح، ولكن ربما أنتقد بعض تصرفاتي وتصرفات جيلي عندما كنا في أعمار أولادنا، لذا أجد نفسي دائم النصح والمواعظ، فكنت أتمنى لو كنت في شبابي على هذا القدر من الوعي والالتزام الديني. نصيحتي لهم لا تعني رفضي لتصرفاتهم. أتمنى أن تفهم زينب وجيلها هذا.

عمر (65 سنة - متقاعد)

شاركوا في تقديم اقتراحاتكم لـ«عمر».