العمل بيئة يتم من خلالها التعرف على العديد من النماذج للعقليات البشرية، فهناك شخصيات يمكن وصفها بأنها شخصيات داعمة ومساعدة في الحياة، وهناك شخصيات توصف بأنها شخصيات معرقلة، وذلك وفقاً لما يسمى في علوم التنمية البشرية والمهارات الذاتية والوظيفية بعقلية الوفرة وعقلية الندرة، وهو ما ستخبرنا عنه مدربة التنمية البشرية شيرين صيام في السطور التالية:

بداية تعرف لنا شيرين كل عقلية قائلة: "إن عقلية الوفرة وعقلية الندرة مفهومان سائدان في حياتنا، وقد ذكرهما الرائد العالمي ستيفن كوفي في كتابه "العادة الثامنة"، وفهمهما قد يساهم في تغيير حياتنا للأفضل، ويمكن تعريف عقلية الوفرة بأنها الإيمان بأن هناك فرصاً في هذه الدنيا تكفي للجميع، لذا لا تحتاجين أن تخسري أحداً أو تؤذي أحداً حتى تكسبي أنتِ، فهناك خير يكفي للجميع، أما عقلية الندرة والشح فهي الإيمان بأن الخير والفرص محدودة "لقمة واحدة إما أن تأكليها أنتِ أو تأكلها أخرى"، وأن الحياة كلها صراع وتنافس، فالتي تفكر بعقلية الندرة تخاف أن تنجح الأخريات، كما تخاف أن تمدحهن، ولا تشارك معلومات ولا معرفة؛ لأنها تعتقد بأن نجاح غيرها سيكون سبباً في خسارته.

لذلك تخاف من أن يعرف الناس طريقة نجاحها خوفاً على مكانتها، أما اللواتي يفكرن بعقلية الوفرة من زميلاتك في العمل فهن نموذج هادئ ومطمئن، إذ لا يهددهن نجاح الأخريات، كما يشاركن الناس تجاربهن ومعرفتهن ومعلوماتهن وأصدقائهن، فالشخصيات التي تفكر بعقلية الوفرة ترى كل شيء حولها متعدداً وكثيراً، أما من أشغلتهن الندرة فنجدهن في قلق دائم وتوتر؛ لأن من تفكر بعقلية الوفرة ترى دائماً أن الفرص كثيرة ومتكررة، أما من تفكر بعقلية الندرة فهي ترى أن ضياع الفرصة يعني ضياع مستقبلها".


وحول عقلية الحساد في مجال العمل تقول صيام: "الحاسدة لغيرها في بيئة العمل غالباً تفكر بعقلية الندرة، فهي تنظر للفرص التي تأتي للأخريات وكأنها الفرصة الأخيرة أو أنها سبب في ضياع فرصتها، فتبدأ بالحسد والبغض، بينما من تفكر بعقلية الوفرة فهي تسأل الله الرزق الوفير والبركة للجميع، ومن تفكر بعقلية الندرة تظن أن نجاح الأخريات هو تهديد لها فتركز على المفقود، وتعيش في وحل اليأس والإحباط، بينما من تفكر بعقلية الوفرة ترى أن الفرص كثيرة وموزعة بالتساوي والعدل بين جميع البشر، وتركز على الموجود بالشكر والاستثمار، فيظهر لها المفقود وتعيش في سعادة وراحة ونجاح دائم".