المصممة فاطمة عبد الله: علم نفس الأزياء عنصر أساسي في التصميم

المصممة فاطمة عبد الله: علم نفس الأزياء عنصر أساسي في التصميم
المصممة فاطمة عبد الله-تصوير : علي الرفاعي

تؤمن مصممة الأزياء البحرينية، فاطمة عبد الله، بمقولة «ما نرتديه هو انعكاس لأرواحنا» باعتبار أن الجمال الداخلي يأتي في المرتبة الأولى قبل المظهر الخارجي، مبينة بأن شغفها بعالم الموضة دفعها لدراسة علم نفس الأزياء، لاستخدامه كعنصر أساسي في تصميم الأزياء، ومنها تبلورت فكرة العلامة التجارية ريلام دار الأزياء Relam، ساعدها تخصصها الهندسي في إدارة مشروعها، وأطلق العنان لعقلها للإبداع، وتعلمت منه الثبات والالتزام بمبادئ وأخلاقيات المهنة.. حول بدايتها والتحديات التي واجهتها، تحدثت المصممة فاطمة عبد الله لـ «سيدتي» عن إصرارها بإحداث التغيير للارتقاء بتصميم الأزياء، لكي يتواكب مع تغيرات الحياة في الذوق والجودة والمعرفة..

الشرقية | عواطف الثنيان Awatif Althunayan
تصوير | علي الرفاعي Ali Alriffai

المصممة فاطمة عبد الله 


عرفينا بنفسك، من هي فاطمة عبد الله؟


مصممة بحرينية ومهندسة، حصلت على بكالوريوس بتقدير امتياز في الهندسة من جامعة البحرين، وعملت في المجال الهندسي، إلا أن حبي وشغفي بالأزياء والموضة دفعني لدراسة علم نفس الأزياء واستخدامه كعنصر أساسي في تصميم الأزياء، لإيماني الكبير بأن مشاعرنا وأرواحنا تأتي في المرتبة الأولى قبل مظهرنا الخارجي، أسست علامة ريلام دار الأزياء في منتصف 2021.


الإبداع بلا حدود

 

من تصميم المصممة فاطمة عبد الله


بين الهندسة وتصميم الأزياء، هذه النقلة في الاختيارات، إلى أي مدى كانت مهمة بالنسبة إليك؟


الهندسة مزيج بين الذكاء والفن والإبداع، عملي في المجال الهندسي ساعدني كثيراً في إدارة دار الأزياء، إذ أن إدارة المشاريع الهندسية والتعامل مع العملاء وجميع الأطراف المشاركة في إتمام المشاريع الهندسية، علمني كيف أطلق العنان لعقلي للإبداع بلا حدود، وكيف أفكر خارج الصندوق، بالإضافة إلى أنه علمني كيف أعامل موظفي الدار، وكيف نتعامل مع مختلف الشخصيات من العملاء، وأهمية الوقت والالتزام بموعد التسليم بكل احترافية، وكذلك علمني الثبات والالتزام بمبادئي وبأخلاقيات المهنة.


ما التحديات التي واجهتها في مشروعك وكيف تغلبت عليها؟


واجهت تحديات شخصية كثيرة طوال حياتي قبل أن أخوض مجال الأزياء، ما جعلني أتقبل جميع المشاكل والتحديات التي تحصل على الجانب المهني، وأستشعر بأنها شيء ممكن السيطرة عليه وحله. كل يوم هو بمثابة تحدٍ لي للموازنة بين وظيفتي كمهندسة في المجال الهندسي وبين شغفي في تصميم الأزياء وإدارة دار الأزياء الخاصة بي، وبين حياتي الشخصية والاجتماعية.


كيف كانت بدايتك؟


بدايتي كانت في 2021 في فترة جائحة كورونا، ومن أصعب المواقف التي مرت بي كانت فترة رمضان والعيد 2022 حيث كان فريق الخياطة الخاص بي في ضغط شديد جداً قبل العيد بأسبوع واحد لتسليم الطلبات لعملائنا في الوقت المتفق عليه قبل العيد، مر بأحد موظفي الخياطة ظرف طارئ في بلده وهو مرض زوجته المفاجئ، فكان التحدي اختباراً لمدى إنسانيتي بين السماح له بالسفر أو الحفاظ على سمعتي لدى عملائنا وتسليم طلباتهم في الوقت المتفق عليه، ولكن قدرة الله فوق كل شيء، فقد أعطيت الله عهداً بأن لا أظلم أحداً، فمنّ الله على زوجته بالتحسن في الصحة شيئاً فشيئاً، وبالتالي هو من رفض السفر، علمني هذا الموقف التخلص من الأنانية ورؤية المواقف من حولي بنظرة إنسانية أكثر تحمل الحب والرحمة.
هل أنت مهتمة بمتابعة لقاءات مع مصممين الأزياء..تابعي اللقاء مع المصممة صوفيا العصفور: تجسيد المرأة لقوتها سيغير حاضرها ومستقبلها


الثقة بالنفس دعمتني

 

من تصميم المصممة فاطمة عبد الله


من كان الداعم الأكبر لك؟ ومن هو قدوتك؟


أقاربي، وصديقاتي المقربات، والكثير من عملائنا المخلصين، ولكن من بين جميع الداعمين دائماً ثقتي بنفسي هي الداعم الأكبر لي، أؤمن أن أكبر وأقوى دعم نتلقاه يكون من أنفسنا، فنحن نعرف جيداً قيمتنا، وقدراتنا وكفاءتنا، ومهما كان التشجيع كبيراً من حولنا يبقى الأهم الصوت الداخلي الذي يحدثنا، كل شخص يحمل رسالة سامية مليئة بالخير والأمانة والرحمة للمجتمع هو قدوةً حسنةً لي.


ما أبرز إنجازاتك التي تعتزين بها؟


منذ بدايتي في تصميم الأزياء هنالك الكثير من التصاميم التي أطلقناها ولم نتحدث مع جمهورنا عن المشاعر التي صُممت هذه التصاميم لكي تعكسها عليهم، فكان أجمل شعور للإنجاز عندما يقتنون تصاميم مختلفة ويعبرون لنا عن مدى حبهم للقطعة، وعن المشاعر الجميلة التي شعروا بها عند ارتدائهم هذا التصميم، وأن رسالتنا من التصميم وصلت بالطريقة الصحيحة، وأفتخر أن تصاميمنا متاحة حالياً لدى عدد من تجار التجزئة الراقية في الشرق الأوسط، مثل متجر ساكس فيفث أفنيو الشرق الأوسط ومتجر تريانو.


معايير الموضة موجودة في جميع جوانب حياتنا، وتؤثر علينا باستمرار.. كيف يمكن للموضة أن تصبح جزءاً من هوية الشخص ويندمج مع المجموعة، وفي الوقت نفسه هل للباس القدرة على فصل الفرد من المجموعة؟


أؤمن بالمقولة الشهيرة «ما نرتديه هو انعكاس لأرواحنا» You are what you wear. الموضة تتغير باستمرار، ولكن عندما يكون الشخص ذا مبادئ وشخصية متزنة وقادراً على فهم ذوقه الشخصي، ويعرف ما يريد وما لا يريد، ترينه يختار من الموضة بعناية بما يتناسب مع هويتهِ الشخصية. كما إن الأزياء تجذب الانتباه لعلاقتها الحميمة مع الجسد، وبالتالي مع هوية الشخص الذي يرتدي اللباس، وبهذا هي تصبح جزءاً منه، لأنه يبقى ثابتاً على أسلوب اللباس نفسه، مع إضافة عناصر تواكب الموضة الحصرية المتغيرة.


مشاعر منعكسة من الملابس

 

من تصميم المصممة فاطمة عبد الله


علم نفس الأزياء من الأسس والمبادئ الرئيسية المستخدمة في جميع تصاميمك، أخبرينا كيف يمكنك معرفة المشاعر المنعكسة من الملابس على أرواحنا؟


يمكن معرفتها كظاهرة اجتماعية، تهتم بالأزياء والمعاني والرموز التي توفر تواصلاً بصرياً سريعاً، وتبرز سمات مثل الشخصية، ومدى اختلاط الفرد بالناس، وأهلية هذا الشخص، إلا أنه عادة ما تكون الصورة التي يتم إيصالها للآخرين عن معنى ما نرتديه تختلف عن الصورة المقصودة، إذ يمكنني الإحساس بالمشاعر التي تعكسها قطعة الملابس من خلال النظر إلى لونها، نوع قماشها وملمسه، نقشات القماش إن وجدت، احترافية وجودة خياطتها، خط أسلوب تصميمها، ولكل درجة لون انعكاس معين من المشاعر على الروح، فهنالك درجات من اللون الوردي تعكس مشاعر البهجة والفرح، وهناك درجات من اللون الوردي تبدو هادئة وجميلة لأول وهلة، ولكنها تعكس مشاعر كئيبة لميلان لونها للدرجات الباهتة، أما عن اللون الأسود فهو من الألوان التي تعكس مشاعر القوة والثقة على أرواحنا، ولهذا السبب هو من الألوان المعتمدة في قواعد الأتيكيت ليتم استخدامها في الأحزان الرسمية، فهذه أكثر الأوقات التي نكون محتاجين فيها للقوة.


بماذا تفسرين التأثير المتبادل بين صناعة الأزياء والسلوك الإنساني ورفاهية الحياة وقدرتها على تحسين الصحة النفسية للمرأة؟


سيكولوجيا الأزياء هي تخصص فرعي من علم النفس، والهدف منه تطوير فهم أعمق للتأثير المتبادل بين صناعة الأزياء والسلوك الإنساني، وبالتالي استخدام الأزياء كوسيلة لتحسين نوعية حياة البشر، خاصة المرأة. ولأن الأزياء تهتم بسلوك الناس يمكن اعتبارها كنموذج من علم النفس، فالملابس مهمة من ناحية وظيفية وللحماية، ولكنها أيضاً الوسيلة التي نروّج بها عن أنفسنا، وتؤثر في كيف يرى الشخص نفسه والآخرين، وهويته، وكيف يعيش حياته. نحن دائماً نشتري الأشياء لكي نحصل على الشعور بالسعادة والفرح، ولكي تشاركنا في أوقاتنا السعيدة. والأزياء هي إحدى أشكال رفاهية الحياة التي يمكن الحصول عليها، كما أن لديها القدرة على تحسين الصحة النفسية ليس فقط للعاملين في هذه الصناعة، بل للمستهلكين أيضاً، خاصة المرأة.


ما الذي يميز علامة ريلام عن غيرها؟


أفتخر جداً بكافة علامات الأزياء التي تصنع أزياءها بطريقة أخلاقية وبأمانة مجتمعية وبيئية في جميع العالم. علامتي ريلام تركز جداً على المشاعر الداخلية في أرواح من يرتديها قبل أن تركز على المظهر الخارجي، نؤمن بأن تناسق التصميم مع شكل الجسم مهم جداً، ولكن هذا غير كافٍ للشعور بالسعادة والراحة والثقة عند ارتداء التصميم، فنحن في ريلام نبدأ بالتركيز على المشاعر، ومن ثم نركز على شكل الجسم وتناسق الألوان مع البشرة، وغيرها من العناصر المهمة الأخرى، لكي نحصل على تصميم متكامل مليء باللطف على من يرتديه، فتقديرنا لذواتنا وشعورنا بمشاعر جميلة حتماً سوف تعكس الجمال الداخلي على الجمال الخارجي لكل من يراه.


لا تكمن العظمة في القوة بل في الاستخدام الصحيح للقوة.. متى شعرت بقوتك، وكيف ومتى قررت أن تكوني مثابرة؟


أستشعر قوتي في كل لحظات اليأس التي يسيطر عليها شعور الرغبة في الاستسلام، ولكنني أختار أخذ نفس عميق والمواصلة في السعي نحو كل ما يحمل في طياته خيراً وأمانة وبناء للمجتمع. وقررت أن أكون مثابرة منذ اللحظة التي اكتشفت فيها حبي وشغفي للتصميم.


ما طموحاتك المستقبلية؟


أحب أن أتابع تغيرات الحياة بتفاؤل كل يوم، وأن أجدد الطموح باستمرار لكي يتواكب مع تغيرات الحياة، ولكن بكل تأكيد طموحي يحمل في طياته كل خير لبلدي ولمجتمعي. أطمح أيضاً إلى الارتقاء بأسلوب التصميم الخاص بي، لنثبت للعالم أن المصمم البحريني لا يقل عن المصمم العالمي في العلم، الذوق، الجودة والمعرفة.
ومن عالم التصميم أيضأً اخترنا لك لقاء مع المصممة كوثر الهريش: صناعة الأزياء تعبيرية تنتج عنها قطع فنية

 

 

من تصميم المصممة فاطمة عبد الله