ضمن مبادرة وزارة الثقافة السعودية: رحلة الكتابة والخط معرض «دروب الروح».. رحلة وجدانية غامرة

ضمن مبادرة وزارة الثقافة السعودية: رحلة الكتابة والخط معرض «دروب الروح».. رحلة وجدانية غامرة
ضمن مبادرة وزارة الثقافة السعودية: رحلة الكتابة والخط معرض «دروب الروح».. رحلة وجدانية غامرة

نجحت المبادرات العديدة، التي أطلقتها وزارة الثقافة السعودية، في تسليط الضوء مجدداً على الخط العربي بوصفه فناً أصيلاً ومتجذراً وقائماً بحد ذاته، إلى جانب التعريف بقواعده، ومكامن الإبداع فيه، خاصةً عبر هندسته وتأطيره وتقديمه ضمن أعمالٍ فنيةٍ راقية، ما أسهم بالنتيجة في تحويل السعودية إلى حاضنةٍ لهذا الفن من خلال دعم الموهوبين المحليين، واستقطاب المبدعين الإقليميين والعالميين. ويبرز من هذه المبادرات معرضُ «رحلة الكتابة والخطّ»، الذي انطلق في نسخته الثانية تحت عنوان «دروب الروح»، برعاية الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، وزير الثقافة. ويشكِّل الحدث، الذي رصدته «سيدتي»، دعوةً للانطلاق في رحلةٍ وجدانيةٍ غامرةٍ من الاكتشاف، وتأمُّل جماليات الخط العربي، وإدراك قيمته باعتباره كنزاً ثقافياً، ومظهراً من مظاهر تراث السعودية وثقافتها.


رمزٌ عالمي للثقافة العربيّة

عمل للفنان تيمو ناصري بعنوان الحروف المجهولة


افتُتحت المناسبة بحفلٍ، نُظِّم بمستشفى عرقة في الرياض، وحضره عددٌ من المسؤولين في المنظومة الثقافية، وجمعٌ من كبار الشخصيات في عالم الفن والثقافة، إلى جانب فنانين سعوديين وعالميين مشاركين في المعرض.
وفي كلمته بالحدث، قال الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، وزير الثقافة: إن «تنظيم هذا المعرض إثباتٌ للأهمية المعرفية والإنسانية البالغة للحراك الثقافي والفني، إلى جانب ما يُسهم به الحدث من إلقاء الضوء على الجهود الحثيثة التي تبذلها السعودية في خدمة الخط العربي، من ذلك قيادتها ملف إدراجه ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي ليونسكو عام 2022، بالتعاون مع 15 دولةً عربيّةً، وهذا يعكس إيماناً قوياً بالقيمة الكبيرة التي يُمثِّلها هذا الفن الرفيع للإنسانية بوصفه رمزاً عالمياً للثقافة العربيّة».
وتضمَّنت كلمة الوزير مشاعرَ اعتزازٍ بتنظيم المعرض في الرياض والمدينة المنورة، منوهاً بما يملكه «رحلة الكتابة والخط» من قيمةٍ معرفيةٍ، تستكشف البُعد الروحي للخط في الحضارة العربية الإسلامية عبر مجموعةٍ فريدةٍ من الأعمال الفنية التاريخية والكلاسيكية والمعاصرة.

وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان: تنظيم هذا المعرض إثبات للأهمية المعرفية والإنسانية البالغة للحراك الثقافي والفني


البعد الروحاني


وشهد حفل الافتتاح، كذلك، كلمةً باسم اللجنة التوجيهية للمعرض، ألقاها الكاتب والشاعر الدكتور عيسى مخلوف، وجاء فيها، أن «النسخة الأولى من المعرض، أرَّخت لأصول الخط العربي، وتطوُّر الخطوط، ورصدت أحواله في الوقت الحاضر، أمَّا النسخة الجديدة، فتتناول البعد الروحاني لفن الخط المتجذِّر في قلب الحضارة العربيّة الإسلاميّة، والذي يشكِّل أحد مكوِّناتها الأساسيّة».


كبار الخطاطين المحليين والإقليميين والدوليين

من الأعمال المعروضة للفنانة عزة فهمي بعنوان قصائد حول العنق


يمتاز المعرض في دورته الجديدة بتنوُّع القطع الفنية المعروضة، وخلفيات الفنانين المشاركين، والمزج بين الأعمال الفنية التاريخية والكلاسيكية والمعاصرة. ويشارك فيه 34 خطاطاً وخطاطةً بارزين من 11 دولةً، و19 فناناً ومصمماً معاصراً من 12 دولةً، ويضمُّ أعمالاً، صُمِّمت بشكلٍ خاصٍّ للمعرض، إلى جانب أعمالٍ فنية ومخطوطاتٍ نادرة من مقتنيات وزارة الثقافة، وغيرها من الأعمال المُعارة من متحف معهد العالم العربي في باريس، والمعهد الوطني للتراث في تونس، إضافةً إلى مقتنياتٍ خاصة. وقد كلَّفت وزارة الثقافة عدداً من كبار الخطاطين المحليين والإقليميين والدوليين، إضافةً إلى فنانين ومصممين بإنتاج مجموعةٍ فريدةٍ من الأعمال الفنية الكلاسيكية والمعاصرة للمعرض تحت إشراف اللجنة التوجيهية المؤلَّفة من كبار الاختصاصيين في المجال.
اقرئي المزيد وزارة الثقافة السعودية تدشن النسخة الثانية من معرض "رحلة الكتابة والخطّ: دروب الروح"


الهندسة الإسلامية وحروف الخط العربي


وفي لقائنا معها، تحدَّثت الفنانة لمى عبدالرحمن عن العمل الذي تقدِّمه في معرض «رحلة الكتابة والخط» قائلةً: «أشارك في معرض وزارة الثقافة بعملٍ فني، يحمل اسم نون، أمزج فيه بين الهندسة الإسلامية وحروف الخط العربي، خاصةً حرف النون». مضيفةً: «وجودي في هذه المناسبة مهمٌّ جداً بالنسبة لي، إذ يجذبني هذا النوع من المعارض، وهو ثاني معرضٍ أشارك به في حياتي، وممتنةٌ لوزارة الثقافة لإيمانها بنا نحن الفنانين، والاستثمار فينا عبر إتاحة الفرصة لنا لعرض أعمالنا ضمن هذا المعرض».


تعبير عن الهوية

عمل للفنان أحمد الجداوي بعنوان اللاءات الثمانية


وعدَّ المهندس عبدالرحمن الشاهد، خطاطٌ وفنانٌ ومهندسٌ معماري يشارك في المعرض بعملٍ يحمل عنوان «نص حكيم»، أن «الخط العربي من الفنون الجميلة جداً التي تعبِّر عن الهوية، وهناك أسرارٌ جاذبةٌ أيضاً، يحملها هذا الفن، وأتوقَّع أن أي أحدٍ، يبدأ رحلة تعلُّم فنون الخط العربي، لن يستطيع التوقف، ودائماً ما سيكون هناك نوعٌ من الشغف للاستمرار في هذا المجال». وعن مشاركته في المعرض قال: «سعيدٌ جداً بالمشاركة في النسخة الثانية من معرض رحلة الكتابة والخط، وأقدِّم فيه عملاً، يتكلَّم عن واحدةٍ من الأسرار الموجودة في الأحرف العربية التي كُتِبَ بها المصحف الشريف».


رموزٌ وأشكالٌ وأيقونات


بينما كشفت الفنانة لارا أسود عن التناقض الذي تشهده علاقتها بالخط العربي، كونها نشأت على اللغتين الإنجليزية والفرنسية، وقالت: «علاقتي بالخط العربي فيها بعضُ التناقض، لأنها نشأت أخيراً، وتحديداً خلال فترة دراستي الجامعية، وقد ساعدني على اكتشاف هذه العلاقة الأستاذ سمير صايغ، الذي تُعرض له أعمالٌ اليوم ضمن المعرض، إذ عرَّفني على كل الأنواع المختلفة للخط العربي، ما زرع حبه في نفسي».
وأضافت: «أنظر للخط كأنه رموزٌ، أو أشكالٌ، أو أيقوناتٌ، وأستخلص من المصاحف القديمة أنماط الخط فيها، وأصمِّم منها قطعاً نمطيةً، أو نظاماً مطبعياً».
يمكنك الاطلاع تحت عنوان دروب الروح.. انطلاق معرض رحلة الكتابة والخط في نسخته الثانية بالرياض


التواصل مع الجذور

من الندوات الحوارية ضمن الحدث


الفنانة والمصممة نور صعب، حدَّدت لـ «سيدتي» الرسالة التي تحرص على تقديمها من خلال الفن، خاصةً الخط العربي، بالقول: «أنا من لبنان، لكنني مقيمةٌ في لندن، ومتزوجةٌ من شخصٍ من ثقافةٍ أجنبية، لذا أقوم بهذا الفن حتى أتمكَّن من الحفاظ على تواصلي مع جذوري العربية، ونقل هذه الصورة لأولادي، وأعدُّ ذلك مسؤوليةً ورسالةً بأن أنقل من خلال أعمالي الصورة الحقيقية عن ثقافتنا».
وعن العمل الذي تقدِّمه في المعرض، ذكرت: «أشارك في هذا المعرض بثلاثة أعمالٍ، تحمل اسم رحلة كلمة على صفحة، وكل عملٍ منها، يدور حول كلمةٍ واحدةٍ، فاللوحة الأولى تحمل كلمة الخط، واللوحة الثانية تحمل كلمة الكلام، والثالثة تحمل كلمة البركة، والفكرة من العمل، أن المتصفحات الموجودة في المتاحف اليوم، لا تربطنا بها اليوم العلاقةُ ذاتها التي كانت تربطنا بها في السابق، فكل ما نراه حالياً صفحتان متقابلتان، ولم نعد نمسك بالكتب ونتصفحها، ومع ذلك فإن جمالية الكتاب لا تزال موجودةً».


أقسام المعرض


يشتمل المعرض على أربعة أقسامٍ رئيسةٍ، هي:

  • قسم «النور»: ويُسلِّط بأعماله الفنية الضوء على البعد الروحي للكتابة في الحضارة العربية والإسلامية.
  • قسم «الحرف»: ويضمُّ بين جنباته أعمالاً، تعرض التصميم الهندسي للحرف، وتكشف التقنية التي يمتلكها الخطَّاط في ممارسته هذا الفن.
  • قسم «المساحة»: ويستعرض أعمالاً فنيةً من مخطوطاتٍ ومنحوتاتٍ ومنسوجاتٍ، ويلقي الضوء على كيفية استثمار فن الخط في عناصر متعددة، ومن خلال وسائط متنوعة.
  • قسم «الشعر»: ويُعرِّف باستخدام الخط العربي في كتابة الكلمات الشعرية، إضافةً إلى النص القرآني الكريم، والحديث الشريف، حيث شكَّل الشعر مصدرَ إلهامٍ للخطاطين الباحثين عن أجمل المؤلفات التي تسمو بالروح والجمالية.


ندوات حوارية

عمل للفنانة سارة أوهاتو بعنوان النور


شهد المعرض إقامة مجموعةٍ من الندوات الحوارية في أيامه الثلاثة الأولى، تناولت الأبعاد المتنوعة للخط العربي بمشاركة خطَّاطين واختصاصيين في المجال، وهي: ندوة «تطور الخط العربي وتتبّعه في المنطقة العربية».
يذكر أن معرض «رحلة الكتابة والخط»، يُعدُّ إحدى الفعاليات الرئيسة التي تنفذها وزارة الثقافة كل عامين احتفاءً بالخط العربي، وتقام نسخة العام الجاري من الحدث الثقافي في مدينتين، حيث افتُتح في الرياض، ويستمر في استقبال زوَّاره حتى 2 سبتمبر المقبل، ثم ينتقل إلى المدينة المنورة، وينظَّم فيها خلال الفترة من 15 أكتوبر إلى 23 ديسمبر في مركز المدينة للفنون.
يمكنك الاطلاع أيضاً معرض "الأبجدية تعانق الرياض" للفنان صالح الهجر

 

 

عمل للفنانة إيتل عدنان بعنوان ذكر