اللاعبة الإماراتية حوراء العجمي: الكاراتيه أجمل مصادفة في حياتي

«رب مصادفة خير من ألف ميعاد»، يبدو أن قصة بطلتنا اليوم هي برهان كبير على مدى صحة هذه المقولة المأثورة، فالصدفة قادتها إلى دخول عالم ألعاب الدفاع عن النفس؛ حيث وجدت نفسها في لعبة «الكاراتيه»، وأطلقت العنان لروحها كي تنطلق لتبدأ مسيرة رياضية متميزة في عالم رياضة المرأة. كان لنا فرصة حضور جلسة تدريبية معها استعداداً لخوضها منافسات دورة الألعاب الآسيوية التي ستقام في الصين في سبتمبر المقبل، وعلى الرغم من شخصيتها التي تبدو للوهلة الأولى أنها تتسم بالرقة والهدوء، فإنها بمجرد لمس أقدامها بساط ملعب الكاراتيه وبداية التمرين، وجدنا شخصية مغايرة تماماً، تتمرن بكل قوة وشراسة، ومع كل ضربة نشاهدها، كل قفزة، كل صيحة وركلة؛ كانت عيناها تبعث برسالة واضحة كالشمس أن «المرأة تقدر». «سيدتي» التقت في حوار شائق مع البطلة الإماراتية حوراء العجمي، لاعبة المنتخب الإماراتي للكاراتيه، ونادي الشارقة الرياضي للمرأة.



الشارقة | عمرو جمال Amr Gamal

تصوير | محمد فوزي Mohammed Fawzy


البداية «مصادفة»

 

الموازنة بين الدراسة والرياضة ليس سهلاً إطلاقاً، هي تحتاج إلى بعض التضحيات من أجل حلها


ما الذي دفعك للانضمام إلى رياضة الكاراتيه؟

في البداية، لم أقصد اختيار لعبة الكاراتيه بحد ذاتها؛ حيث كنت أمارس العديد من الرياضات المدرسية، مثل الجري، وبالصدفة نظمت شرطة دبي مبادرة مدرسية بتقديم حصة إضافية للإناث لتعليمهن الدفاع عن النفس، وكانت عبارة عن حصة كاراتيه، وحينها شدتني اللعبة، وأحببت التعرف إلى المزيد عن اللعبة وتفاصيلها، وبدأت أمارس اللعبة بشكل احترافي في نهاية عام 2010.

ما الصعوبات التي واجهتك في مسيرتك، وكيف تغلبتِ عليها؟

بالطبع، كانت هناك صعوبات في البداية من شأنها أن تعيقني أو توقف مسيرتي، لكني كنت من الشخصيات التي تحلت بالمثابرة، ومن أهم الصعوبات التي واجهتها هي خوف الأهل كون اعتقادهم أن رياضة الكاراتيه من الرياضات القتالية والعنيفة، لكن مع مضي الوقت بدؤوا يعرفون عن قوانين اللعبة التي تحمي اللاعب من عنف الخصم، كما أن وجهة نظرهم تغيرت مع حصولي على البطولات وتحقيق الإنجازات، فصاروا يشجعونني.

نعلم أنكِ تخرجت في كلية الشريعة والقانون بتفوق، كيف كنت قادرة على عمل الموازنة بين التفوق الدراسي والتفوق الرياضي في الوقت ذاته؟

في الحقيقة موضوع الموازنة بين الدراسة والرياضة ليس سهلاً إطلاقاً، هي معادلة صعبة تحتاج إلى بعض التضحيات من أجل حلها؛ حيث من المهم إعداد جدول وخطة محكمة لتنظيم الوقت وترتيب الأولويات ما بين التمرين والدراسة وأوقات الترفيه مع الأصدقاء والعائلة، كما أيضاً هناك دور مهم للغاية للمدارس والجامعات في إعداد البطل الرياضي بتقديم العون والمساعدة للمتفوقين رياضياً، وتقديم حلول دراسية لهم تعوضهم عن أوقات غيابهم نظراً إلى المشاركة في البطولات وخلافه.

كيف تحضرين نفسك قبل المنافسات والبطولات؟

من الطبيعي أن أشعر بالتوتر قبل خوض المنافسات والبطولات، لكن أتغلب على هذا التوتر بالتخيل: تخيل شكل المنافسة، وتخيل أدائي في أثناء المباراة، وتخيل تقديمي لأفضل مستوى لدي، وتخيل حتى النتيجة، لكن أركز على تخيل نفسي أكثر من الخصم، وأحاول تقليل أخطائي وإبراز مهاراتي واستغلال نقاط القوة التي أتميز بها، وأقول لنفسي دائماً يوم البطولة إنه حان اليوم الذي سأكلل فيه مجهودي وتعبي خلال التمرين في الفترة السابقة، وبذلك أتخلص من الخوف والتوتر، وأدخل المنافسة بكل قوة من أجل تحقيق الفوز.

نقترح عليك قراءة اللقاء الخاص مع بطلة الراليات السعودية مها الحملي: تعلمت الشجاعة من حادث سيارة نجوت منه فأكملت السباق

 

بطولات وتطلعات


ما أبرز الإنجازات التي حققتها في مسيرتك الرياضية؟

تعد الميداليات القارية أبرز الإنجازات التي حققتها في مسيرتي الرياضية، ومنها الميدالية البرونزية في بطولة آسيا عام 2016، والميدالية الفضية لبطولة آسيا عام 2021، وبرونزية آسيا برفقة المنتخب الوطني عام 2022، كذلك الميدالية الذهبية في البطولة العربية للكاراتيه عام 2021.

ما تطلعاتك وآمالك في المستقبل في رياضة الكاراتيه؟

البداية من هذا العام؛ حيث أطمح إلى إحراز ميدالية في دورة الألعاب الآسيوية التي ستقام في الصين، أما على المستوى المهني فأطمح إلى أن تكون لي مكانة في عالم التدريب، أو أن يكون لي مكان في إحدى المؤسسات الرياضية.

في حالة إحساسك بالفشل أو اليأس... كيف تتعاملين مع الأمر؟

من المؤكد أن كل رياضي يمر بلحظات من الفشل أو اليأس، خاصة بعد البطولات؛ لذلك أعد أن فشلي ما هو إلا مشكلة ولها حل، فأبحث عن النواقص والعيوب الموجودة لدي، وأعمل على تصليحها، والتركيز على تقوية نقاط ضعفي وتطوير مهاراتي.

في حياة كل شخص ناجح بشكل عام والرياضيين على نحو خاص، هناك أبطال آخرون في الظل، لكنهم من أصحاب الفضل عليه، فمن هم أبطال الظل في حياة حوراء العجمي؟

الشخص الأول الذي أدين له بكل ما وصلت إليه بعد الله سبحانه وتعالى هي أمي، صحيح هي لم تمارس الرياضة، لكنها هي البطلة الحقيقية في حياتي، أستمد منها القوة، فعلمتني كيف أعتمد على نفسي، وبمصطلح آخر «كيف أقف على رجلي». الشخص الآخر الذي أدين له بفضل كبير للغاية في حياتي الرياضية، وساعدني كثيراً على وصولي إلى منصات التتويج هو مدرب المنتخب كابتن وحيد خاجة، فدائماً ما كان يدعمنا بحلوله الدائمة للنواقص والمشاكل التي نعانيها، وفخورة أنني تدربت تحت قيادته.

من النموذج الرياضي الذي يلهمك وتحتذي به؟

النموذج الرياضي الذي أستمتع بمشاهدته خلال المباريات من حيث السرعة والتكتيك هو البطل السعودي الأولمبي طارق حامدي، وأعدّه نموذجاً رياضياً وقدوة لأي شاب عربي.

ومن عالم الرياضة أيضاً اخترنا لك الرياضيات السعوديات إنجازات ومناصب وتفوق

 

حلم الأولمبياد


بما أنك ذكرتي البطل الأولمبي طارق حامدي، هل تحلمين يوماً بالمشاركة في الأولمبياد إذا تم إدراج الكاراتيه مجدداً في أولمبياد باريس 2024؟

من لا يحلم بالأولمبياد! لكن الحقيقة أن لدي حلماً مختلفاً بخصوص الأولمبياد، وهو أن أرى النشيد الوطني الإماراتي يعزف على منصات التتويج في الأولمبياد، وأرى ذلك ممكناً في البطلة الإماراتية فاطمة خصيف، التي أعدها أختي الصغرى، فإلى جانب صغر سنها، فهي تتمتع بموهبة كبيرة، وهي بطلة متميزة للغاية، وحاصلة على ثلاث ميداليات ذهبية في بطولات آسيا؛ لذلك أتمنى لها من كل قلبي إذا أدرجت لعبة الكاراتيه في الأولمبياد مرة أخرى أن تشارك وتحصد ميدالية أولمبية.

 

أنصح المرأة أن تمارس الرياضة بشكل عام، ورياضات الدفاع عن النفس على نحو خاص؛ لما لها من فوائد تعود على شخصيتها

 

الواقع والمستقبل

 

بوصفك بطلة لدولة الإمارات العربية المتحدة في لعبة الكاراتيه، كيف تجدين واقع اللعبة بالنسبة إلى النساء داخل الدولة حالياً؟

في البداية، كان عدد الممارسين بشكل عام للعبة الكاراتيه في الإمارات قليلاً؛ نظراً إلى كون لعبة كرة القدم هي اللعبة الشعبية الأولى داخل الدولة، وعلى مستوى السيدات كنت أجد صعوبة في إيجاد أفراد لأتمرن معهم، كما كان هناك نقص في البدايات من ناحية الدعم، خاصة لرياضة المرأة، لكن الوضع تغير حالياً، وأصبحت الدولة تولي اهتماماً كبيراً لقطاع رياضة المرأة بشكل عام.

كونك عضواً من أعضاء فريق نادي الشارقة الرياضي للمرأة، إلى أي مدى تجدين مستقبل اللعبة في النادي؟

أحمد الله على كوني موجودة في نادي الشارقة الرياضي للمرأة؛ حيث أجد دعماً كبيراً من الإدارة لتخطي أي عقبات وتدفعنا إلى تحقيق المزيد من الإنجازات، كما أن اللعبة تشهد تطوراً هائلاً داخل النادي؛ حيث هناك صفوف عدة النساء على عكس الماضي.

ما النصائح التي تقدمينها للسيدات اللواتي يرغبن في الانضمام إلى رياضة الكاراتيه؟

أنصح المرأة أن تمارس الرياضة بشكل عام، ورياضات الدفاع عن النفس على نحو خاص؛ لما لها من فوائد تعود على شخصية المرأة في الأساس، فمن شأنها أن تعطي الثقة بالنفس، والتحكم في الانفعالات وأوقات التعصب، كما أنها تساعد على اختيار القرارات بطريقة صحيحة وتحمل المسؤولية، إلى جانب الفوائد البدنية، مثل: زيادة المرونة، واللياقة، وتقوية العضلات.

في النهاية... نود أن نشكرك على هذه المقابلة بوصفك بطلة رياضية تعد نموذجاً ناجحاً للمرأة العربية بشكل عام، وخاصة على المستوى الرياضي.

أتوجه إلى «سيدتي» بالشكر لإتاحة هذه الفرصة، فهذه المقابلة تعد دعماً كبيراً لي، وحافزاً على مواصلة مشواري ومسيرتي، ومجلة سيدتي معروفة بوصفها منصة إعلامية كبيرة تساعد على إبراز الشخصيات النسائية الناجحة، ومساعدة المرأة العربية دائماً وأبداً.

يمكنكم متابعة الحوار بالفيديو عبر قناتنا على اليوتيوب ومنصاتنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي.