بعد سنّ الأربعين..فحوصات وقائية لحياة صحية هانئة

بعد سنّ الأربعين..فحوصات وقائية لحياة صحية هانئة
بعد سنّ الأربعين..فحوصات وقائية لحياة صحية هانئة

بعد إطفاء شموع العيد الأربعين، تعرف المرأة مرحلةً جديدةً في حياتها، تتخلّلها تغيّرات جسديّة ونفسيّة لم تعهدها من قبل. «فوضى» الهرمونات الأنثويّة، وتحديداً تراجع الأخيرة، مسؤول عن انتكاسة صحّية ونفسيّة، ما يستدعي عدم إهمال مجموعة من الفحوص الطبّية، واتخاذ تدابير وقائية خاصّة بطريقة المعيشة، كما الالتفات إلى الذات، والنظر إليها بإيجابيّة. المزيد عن حالة المرأة الصحية والنفسيّة ابتداءً من سنّ الأربعين، في معلومات مستمدّة من طبيبة الصحّة العامّة الحائزة على شهادة في الطبّ العائلي، ومديرة مستشفى حاصبيا الحكومي في لبنان، الدكتورة سماح البيطار.

الدكتورة سماح البيطار

الدكتورة سماح البيطار: أمام قدرتك على تحقيق إنجازات عظيمة، حصر دورك بالإنجاب هو نظرة اجتماعيّة تقليديّة، تجاهليها

 

 


يُعرّف سنّ انقطاع الطمث بأنّه حالة انقطاع الدورة الشهريّة لإثني عشر شهراً متواصلة؛ فيما يعيش بعض النساء المرحلة المذكورة ابتداءً من سنّ الأربعين، يصل البعض الآخر المرحلة في سنّ الثامنة والخمسين. الجدير بالذكر أن عاملين أساسيّين يؤثّران في تحديد سنّ انقطاع الطمث، في حياة المرأة، حسب الدكتورة البيطار، هما: التدخين الذي قد يقرّب دخول المرأة المرحلة قبل عامين من السنّ المفترضة، والوراثة (أي السنّ التي بلغت فيها الوالدة أو الجدّة مرحلة انقطاع الطمث).

إلى ذلك، هناك مرحلة سابقة لسنّ انقطاع الطمث، وتمتدّ من أربع حتّى ثماني أعوام (قد تبدأ في سنّ الأربعين أو قبلها)؛ وتعيش المرأة خلالها انخفاضاً تدريجيّاً في عدد الهرمونات النسائيّة، وتحديداً «الإستروجين» و«البروجسترون»، ما يولّد عوارض جسديّة، لا سيّما لناحية ضعف قوّة العظام والأسنان وتساقط الشعر وبهتان البشرة وجفاف العين والتعرّق وارتفاع حرارة الجسم والآلام العضليّة، وجفاف الجلد، بالإضافة إلى جفاف المنطقة الحسّاسة ما يتسبّب بالألم، أثناء العلاقة الزوجيّة، كما بالتهابات البول المتكرّرة، من دون الإغفال عن العوارض النفسيّة، مثل: الكآبة.

تابعي المزيد: هذه الفئة من النساء عرضة لمرض الزهايمر وفق دراسة حديثة

 

 


أمراض مصدرها الهرمونات


ابتداءً من سنّ الأربعين، وفي المرحلة السابقة لسنّ انقطاع الطمث أو خلالها، قد ترتفع حالات الإصابة بالأمراض العضويّة الآتية:

  • أمراض القلب التي ترتفع نسبتها إلى إصابة امرأة واحدة من أصل كلّ امرأتين نتيجة الانخفاض التدريجي في الهرمونات الأنثويّة (الإستروجين، تحديداً)، إذ من المعلوم أن الهرمونات الأنثوية تحمي الشرايين، ومنها شرايين القلب. بالتالي، يجب على كلّ امرأة مراقبة الضغط ونسبة «الكوليسترول» في الدم والشحوم الثلاثية، لمعالجة أي مشكلة طارئة، بالإضافة إلى فحص مخزون السكّر في الدم، بشكل دوري، وذلك لأن الداء السكّري يتأثر بداء القلب، كما يؤثّر فيه. وفي إطار الوقاية، تعوّل الدكتورة البيطار على التمرينات الرياضيّة المؤداة بصورة يوميّة، الأمر الذي يساعد الدورة الدموية، كما يخفّف من التجلّطات. وتدعو الطبيبة إلى الامتناع عن التدخين، بأنواعه، ومراقبة محتوى الوجبات وكمّها، علماً أن التمثيل الغذائي يبطأ، ليزداد الوزن تالياً، مع أهمّية استخدام شريط القياس للخصر حيث تتمركز الدهون البطنية في التعرّف إلى المقاس وليس الميزان. أضف إلى ذلك، تشدّد الطبيبة على تجاهل النصيحة الداعية إلى تناول كلّ امرأة (أو رجل) قرص من «الأسبرين»، بصورة يوميّة بعد سنّ الأربعين، في إطار الوقاية من أمراض القلب والشرايين، فحسب الدراسات الحديثة، قد يتسبّب هذا التدبير بآثار وخيمة العواقب، على صعيد سيلان الدم. صحيح أن «الأسبرين» يحمي الشرايين حتّى نسبة 26 % من الحالات، لكن أخذ الدواء يتمّ بعد التقييم الطبّي، وليس بصورة ارتجاليّة.
  • ترقّق العظام: يحمي هرمون «الإستروجين» عظام المرأة؛ مع تراجع نسبة الهرمون المذكور، تضعف العظام، علماً أن الخضوع لفحص العظام يتأخّر حتّى سنّ الخمسين. لكن، في سنّ الأربعين، من المهم تناول المرأة للفيتامين «د» والكالسيوم، وذلك للوقاية من هشاشة العظام.
  • الأمراض السرطانيّة: بعد سنّ الأربعين، تُدعى المرأة إلى الخضوع بصورة سنويّة للتصوير الشعاعي للثدي (ماموغرافي)، وذلك للكشف عن سرطان الثدي من عدمه. وهناك سرطان عنق الرحم الذي ترتفع الإصابة به، بعد سنّ الأربعين، جرّاء فيروس منتقل عن طريق العلاقة الزوجية، والانخفاض في مستوى الهرمونات التي لم تعد تحمي المرأة، ما يوجب الخضوع إلى الفحص السنوي (مسحة عنق الرحم PAP smear test). من جهة ثانية، تدعو الطبيبة المرأة التي بلغت سنّ انقطاع الطمث (لم تأتها الدورة الشهرية لـ12 شهراً متتالية) إلى أن تسارع إلى عيادة طبيبها عند ملاحظة أي بقعة دم، فهذه إشارة قد تكون دالّة إلى الإصابة بسرطان عنق الرحم.

ثالث السرطانات التي ترتفع الإصابة بها في المرحلة السابقة لانقطاع الطمث وخلالها، هو سرطان القولون، ما يتطلّب الخضوع إلى فحص للتحرّي عن الدم المختفي في البراز الذي يتمّ إما حسب الطريقة الكيميائية المناعية
(Fecal Immunochemical Test)اFIT، اختصارا للكشف عن جزء البروتين أو الهيموغلوبين البشري في البراز أو اختبار الغواياك للبراز Stool guaiac test (FOBT، اختصاراً)، بالإضافة إلى التنظير السيني المرن للجزء السفلي من الأمعاء الغليظة (القولون) كلّ خمس سنوات، في غياب العوارض الدالة إلى السرطان المذكور وحالات الوراثة.

تابعي المزيد: 3 هدايا تضمن لها دوام الصحة في يوم الأم


ابتداءً من سنّ الأربعين


ابتداءً من سنّ الأربعين، قد تعيش المرأة حالة من الكآبة فتجور على الذات وتنتقص من أهمّيتها، نتيجة الفكرة التي يزرعها المجتمع أو المحيطون بها في رأسها، ومفادها بأنّ وجود الأنثى في الحياة مرتبط بالإنجاب. بالتالي، مع بلوغ المرحلة السابقة لانقطاع الطمث، وتقلّص فرص الإنجاب وصولاً إلى انعدامها مع انقطاع الطمث، قد ينظر بعض النساء نظرات دونيّة لذواتهن، حتّى لو كنّ أنجبن من قبل، أو لم يرتبطن في علاقة زوجيّة أو لم تثمر علاقاتهن أبناء وبنات. أضف إلى ذلك، قد تتراجع حالة العلاقة الزوجية نتيجة جفاف المنطقة الحسّاسة، الأمر الذي يؤثّر سلباً في ثقة كل امرأة بذاتها، على الرغم من وجود مجموعة من الحلول الطبية المتعلّقة. يعزّز النقص في الهرمونات التغيّرات المزاجية.

لكن، تدعو الطبيبة كل امرأة في هذه المرحلة العمريّة، التي تسميّها بـ «سنّ الأمل»، إلى النظر بإيجابيّة إلى إنجازاتها في الحياة، على كلّ الصعد، وحبّ الذات، وتقديرها، للتحفير على العطاء، مع أهمّية الانخراط في النشاطات المختلفة، بعيداً عن الانعزال، وطلب الدعم النفسي إذا تطلّبت الحالة ذلك.

تابعي المزيد: «الشيخوخة الرقمية» آثارها على صحة الجلد والجسم