الحالة النفسية واتخاذ القرارات

الدكتورة مايا الهواري
مايا الهواري  
مايا الهواري  

كثيراً ما تؤثّر الحالة النّفسيّة للإنسان على حياته واتّخاذ قراراته، فقد تؤدّي إلى التّردّد في تحديد المستقبل إن كانت الحالة النّفسيّة سيّئة، وبالتّالي السّيطرة على التّفكير بشكلٍ كامل ويتبعه نتائج خاطئة، كما أنّ عدم الرّغبة في التّميّز عن الآخرين يجعل الإنسان معتمداً على قرارات الآخرين وآرائهم في ما يخصّ حياته الشّخصيّة، فالقلق والتوتّر عاملان أساسيّان لا يؤثّران على مشاعره وانفعالاته فقط، بل إنّ للخلايا العصبيّة الموجودة في الدّماغ نصيبٌ من ذلك، فتجد السّلبيّة طريقاً إلى داخله وقد يصل هذا إلى قرارات خاطئة والنّدم في المستقبل القريب أو البعيد.

تؤكّد الدّراسات أنّه على الإنسان عند اتّخاذ أيّ خطوةٍ جديدةٍ في حياته لا بدّ أن تكون حالته النّفسيّة مستقرّة حتّى يكون القرار سليماً ولا يؤدّي إلى نتائج سلبيّة، وفي هذا السّياق سأقصّ ما حدث معي لتوضيح الصّلة بين الحالة النّفسيّة للإنسان وقراراته:

في بداية الصيف وتجهيزاً للسّفر لقضاء العطلة الصّيفيّة اشتريت عبوتي عطر من ماركةٍ مشهورة من أحد المراكز على نيّة أخذهما معي في سفري، عندما وصلت المنزل وبدأت أرشّ منهما، إحداهما ذات رائحة جميلة وأعجبتني بينما الأخرى لم أتقبّلها أبداً لدرجة جعلت نفسي تتقلّب، مسبّبة صداعاً في الرّأس، فحدّثت نفسي أن أمنحها لأحد أفراد العائلة، ولكنّي تراجعت عن ذلك مخافة ألّا أتقبّل رائحة العطر عليه، فتركتها جانباً لحين أجد لها طريقاً. ذهبت لعطلة الصّيف وأخذت زجاجة العطر الّتي أعجبتني، وبعد عودتي من الإجازة حدّثتني نفسي أن أجرّب القليل من العطر الّذي لم أتقبّله فوضعت القليل منه على ملابسي وذهبت لعملي، وفي اليوم التّالي وضعت كميّة أكثر ولم تزعجني الرّائحة أبداً؛ بل وجدتها لطيفة ومميّزة وكأنّها ليست تلك التي وضعتها قبل سفري، وهنا راودني سؤال في خاطري عن سبب إعجابي بها الآن وعدم قبولها سابقاً، ووجدت أنّ نفسيّة الإنسان تتغيّر من فترة لأخرى، لأنّني عندما أزعجتني رائحة العطر كنت في حالة نفسيّة متعبة، وبالمقابل حين أعجبتني كانت نفسيّتي مستقرّة، وهذا ما نجده كذلك لدى المرأة الحامل، فالعطر الّذي تحبّه فترة حملها قد لا تطيقه بعدها.

نستنتج ممّا سبق أنّ نفسيّة الإنسان ووضعه الصّحّي والاقتصادي والعاطفي كلّه يؤثّر على اختياراته، وهذا بدوره يقود المرء لمعرفة مدى تقبّله للأشياء الجديدة في حياته حسب الوضع النّفسي الرّاهن، وبالتّالي عند اتّخاذ قرارات مصيريّة سواء بما يتعلّق بالقرارات الشّخصيّة أو المهنيّة ينبغي أن تكون الحالة النّفسيّة مستقرّة وغير خاضعة لضغوطات نفسيّة تكون سبباً في قراراتٍ خاطئة.