الشغف.. ودوره في تحقيق أهداف الشباب

الشغف.. ودوره في تحقيق أهداف الشباب
الشغف.. ودوره في تحقيق أهداف الشباب

تردد في الآونة الأخيرة كثيراً مصطلح «الشغف» لدى العامة، وبين فئة الشباب خاصة، وسعى الكثير منهم باحثين عن شغفهم في الحياة. فحينما يُقال «اسعَ إلى تحقيق شغفك» قد يبدو ذلك لنا نصيحة جيدة، ولكن النتائج قد تكون خطيرة؛ لأنَّ هذا الشغف قد يقود المرء إلى الاتجاه الخاطئ لأشهر وسنوات، وربَّما لعقود.

فهل الشغف مطلبٌ حقيقيٌ لا بدّ من تحقيقه، أم أنه وهمٌ أشغل تفكير البعض عن التلذذ والاستمتاع بجوانب الحياة المختلفة، وهل حينما يسعى الإنسان إلى تحقيق هدفه، يجب أن يبدأ بالشغف؟


لولوة الصالح: الشغف إنسان يمتلك من الوعي الكافي لفهم وإدراك ذاته وظروفه

لولوة بنت عامر الصالح


لا بدّ من التجربة


«لا يمكن أن نقول بمطلق العبارة إنّ الشغفَ وهّم، فقد يعتقد الإنسان أنه مُبدع ويحب القيام بعمل أو هواية معينة بمجرد الاعتقاد، ولكن عند «التجربة» يتضح له عكس ذلك، كما تقول لولوة بنت عامر الصالح، مستشارة قانونية، تتابع: «قد يكون الإنسان بالفعل شغوفاً بالقيام بعمل معين إلاّ أنه ومع مرور الوقت وتنوع التجارب وزيادة الوعي الذي ينتج عنه فهم الذات قد يُغرم بالقيام بعمل آخر، وهنا يستبدل المرء ذلك الشغف أو يطوره. إذاً، نستطيع القول إنه لا يمكن أن يصل الإنسان إلى مرحلة الشغف من دون التجربة، ولن تتحقق التجربة من دون تهيئة أهم الظروف المساعدة، فالشغف من جهة نظري ليس آمالاً غير محققة، بل أمر محقق قام بفعله الشغوف بدافع الحب إلى أن وجد نفسه مبدعاً فيه».

وتضيف: «إن من يقرر التمسك بالشغف من عدمه هو من يمتلكه؛ ذلك لمعرفته بظروفه ودوافعه، ومن ينادي «بتطوير الذات» لا بد أن يكون مُدركاً ومُراعياً للاختلافات بين الشخصيات، كـاختلاف الظروف، والرغبات والتوجهات، ومن مُنطلق إدراك تلك الاختلافات يتم التطوير؛ لذلك لا يمكن تعميم نظريات معينة والأخذ بمطلقها وقياسها على كافة الشخصيات، فالتمسك بالشغف بالنسبة إلي مرهونٌ بدوافع الإنسان ورغباته التي تتماشى مع ظروفه.

ولا شك بأن من يصل إلى مرحلة الشغف هو إنسان يمتلك من الوعي الكافي لفهم وإدراك ذاته وظروفه، التي تجعله يتمكن من اتخاذ القرار المناسب، إما التخلي عن شغفه، أو التمسك به».

تابعي المزيد: مسجلا قصص نجاحاتهم.. موسم جدة يستقطب مهارات الشباب والشابات


حسنى أحمد الأميري: لا بد أن تصاحب الشغف واقعية وجدية في العمل

حسنى أحمد الأميري


لا بد أن تصاحبه الواقعية والجدية


بالنسبة إلى حسنى أحمد الأميري، دعم وإدارة مكاتب تنفيذية، تقول لا بد من أن تصاحب الشغف واقعية وجدية في العمل حتى يستطيع المرء أن يستمر، فحينما يجد نتائجَ وثمارَ عمله حتماً ستتدفق حماسته، ويستمر في العمل بروح جميلة ونشيطة، وتتابع: «نعم، قد يكون الشغف مجرد وهم إذا لم يصاحبه تنظيم واستمرارية وكان مجرد أحلام لا صحة لها، أو ادعى صاحبه الاتكالية والعيش في عالم الخيال. كما من المهم أن يحافظ الإنسان على الشعلة الداخلية لشغفه أياً كانت؛ سواء مكانة اجتماعية مرموقة، أو مستوى مادي، أو تطور معرفي وأكاديمي. لذلك، فإن مطوري الذات يعملون على مساعدة الأفراد على التعرف إلى أنفسهم، وإيجاد هذه الأسباب التي تحافظ على الشغف، وبالتالي التمسك بها. بالنسبة إلي، فإن التمسك بالشغف من أصعب التحديات، ولو لم يكن كذلك «لساد الناس كلهم»، أعترف بأنني أستمر في العمل حتى وإن قل شغفي؛ لأنه يشبه ضوء الشمعة يخفت أحياناً وقد ينطفئ، ومن خلال تجربتي وخبرتي فقد دفعتني الاستمرارية في العمل إلى استعادة شغفي، كما جعلتني أتعرف إلى ما يجعله ينقص أو يزيد، وهذا أمر طبيعي جداً خلال المسيرة المهنية لأي شخص كان».


زياد الأهدل: حين ينشغفُ القلب يصبح قوة الجسد العظمى التي لا يضاهيها شيء

زياد الأهدل


الشغف قوة للجسد


«لا شغف كشغف امرأة العزيز حين شغف الحب قلبها وغَلّق لها الأبواب» بهذه العبارة بدأ زياد الأهدل، محامٍ، حديثه معنا؛ حيث بيّن أن الشغف هو ما جاوز غشاء القلب وامتلأ به، يقول «حين ينشغفُ القلب يصبح قوة الجسد العظمى التي لا يضاهيها شيء كعصى موسى يتكئ عليها فتسنده ويضرب بها فتسحر له، كذلك الشغف هو المتكأ حتى الوصول، وهو السحر إن كان لا بد من فلق الحجر لبلوغ ما ابتُغي بلوغه».

وبسؤاله عن إمكانية أن يكون الشغف مجرد وهم، أجاب: «لا وجود للوهم حيث الشغف، ولكن لكلٍ عدو، وعدو الشغف الأكبر هو منطقة الراحة التي ما إن تستظل بظلها حتى يغلبك النعاس فيها، وكل ما تحتويه هذه الراحة من استقرار وسكون ما هي إلا أضغاث أحلام، فالتمسك بالشغف هو دافع فطري يبث في القلب الرغبة والاطمئنان إلى ما شُغف القلب له طواعية وهيمنة تسوق القلب سَوقاً».

يستطرد: «أؤمن أنه لا توجد نقطة نهاية لأي شغف، فإما أن يتوالى الصعود، وإلا فدائرة تكرارية من الإبداع، وأما عن اختلاف الظروف النفسية والاجتماعية فهي من أركان الشغف، فسهولة البلوغ هي حتمية التخلي، وصعوبته هي حجر أساسه، والقمة لا تتسع لأحد، بل تُحتل احتلالاً».

تابعي المزيد: بعد انحسار الجائحة احتفالات عيد الفطر المبارك في عيون الشباب


سحر فيده: الشغف أن تعمل بحب وأن تعطي كل ما لديك من دون الشعور بالتعب

سحر فيده


المرونة والتكيّف


وفي السياق ذاته، بيّنت سحر فيده، مدربة حياة، أنّ الشغف هو أن تعمل بحب، وأن تعطي كل ما لديك من دون الشعور بالتعب، فهو الاستمتاع بعمل الشيء الذي تحبه بكل يسر وسهولة، تقول: «قد يكون الشغف مجرد وهم إذا لم يتعرف الإنسان إلى نفسه ويكتشف مواهبه، كذلك إذا لم يدرك رسالته في الحياة، فنجده يلتحق بتخصص معين بناءً على طلب من والديه، أو تقليداً لغيره، ولكن في الحقيقة ذلك التخصص لا يعبر عنه، فشغف الفرد لا بد أن يكون نابعاً من داخله، وليس مجرد وهم أو قناع يظهر به، وهنا فقط يصبح من الجميل التمسك به ومواجهة العقبات في سبيله، ولكن من دون حرب حتى لا يفقد المتعة في تحقيقه».

وتكمل: «قد يبالغ بعض المهتمين بتطوير الذات في تشويه بعض الحقائق حول الإيجابية أو الدعم الذاتي، ولكن نحن لا نريد أن نخدع أنفسنا بالظهور بما ليس بداخلنا، أو نتغاضى عن حقيقة مشاعرنا التي لا بد لنا من تحريرها وعيشها كما هي حتى لا نتجرد من بشريتنا. وبناء عليه يجب على الشخص التمسك بشغفه، ولكن من دون تعلق، وحين تختلف عليه الظروف النفسية والاجتماعية المؤدية إليه لا بد أن يكون مرناً في التعامل والتكيف مع تلك الظروف من دون مقاومة، أو أن يسلم بأن هذا ليس بشغفه ويسعى للتعرف إلى شغفه الحقيقي الذي يتناسب مع ظروفه ومواهبه».


هتون الذكري: على كل شخص اكتشاف شغفه، وإيجاد معنى لذلك

هتون يوسف الزكري


«الشغف يجعلنا شجعاناً»


هتون يوسف الزكري، مديرة مكتب إدارة مشاريع، تؤمن بأن الشغف هو العمل على الشي بحب وحماسة وطاقة عالية، فهو المحفز الذي يجعل الإنسان يركض لا أن يهرول أو يمشي، ويجعله يشع بالنور والطاقة الإيجابية، تتابع: «الشغف إحساس الاكتمال والنجاح، والسعادة عند التعب، وهو ما يجعل للحياة معنى كما ذكر الكاتب باولو كويلو «جميعنا يعرف الخوف، ولكن الشغف يجعلنا شجعاناً». وعلى ذلك أستطيع أن أقول لا يمكن أن يكون الشغف وهماً وهو شعور يخالج النفس التواقة للمعالي لبذل كل ما يمكنها في أن تجعل رضا الله سبحانه وتعالى، ثم الرضا الذاتي نابعاً من داخلها، ومناسباً لوضعها الاجتماعي».

وتضيف: «على كل شخص اكتشاف شغفه، وإيجاد معنى لذلك، وكذلك هوية يتميز بها كي يحقق طموحه، ولكن عليه أن يعي بأن الشغف يمر بمراحل وليس فقط نجاحاً أو فشلاً، كما أنه ليس بمرحلة تخلو من الصعوبات، ويجب أن يكون لديه إيمان داخلي بأن ما يسعى له يسعى إليه كذلك، أذكر مثالاً على ذلك جي كي رولينج، مؤلفة سلسلة هاري بوتر، التي بعد سنوات قليلة من تخرجها مرت بأصعب التجارب؛ حيث فشلت في حياتها الزوجية، وأيضًا كانت بلا عمل، كما تم رفض روايتها «هاري بوتر» من قِبل 12 ناشراً، واليوم، سلسلة كتب هاري بوتر من أشهر الكتب عالمياً، وتم بيع أكثر من 500 مليون نسخة حول العالم، وهذا المثل يعطي لنا معنى جميلاً للثقة بالنفس والشغف والطموح الذي يصل بصاحبه إلى تحقيق هدفه».

تابعي المزيد: الدراسة في المقاهي بين إقبال الطلاب وتحفظات الأهالي


محمد مسفر الزهراني: الشغف هو حياة ولا يمكن الاستغناء عنه إن كان يرضي الله ورسوله

محمد مسفر الزهراني


الشغف حياة


يقول محمد مسفر الزهراني، استقطاب كفاءات، «الشغف هو حياة، ولا يمكن الاستغناء عنه إن كان يرضي الله ورسوله، ولكن يجب علينا أن نعي طريقة بناء الشغف بشكل مناسب، وذلك بأن يكون في المجال الذي يحبه الشخص، وتنطبق عليه معايير الهدف الذكي (SMART)، وهي اختصارات محددة وقابلة للقياس والتحقق، كما أنها واقعية ومجدولة بوقت زمني، فمتى ما توفرت هذه الشروط يمكن للجميع بأن يكونوا شغوفين جداً». يتابع: «أن تصل متأخراً خيراً من ألا تصل. نحن بحاجة إلى الدعم المعنوي لجميع الفئات العمرية حتى نتمكن من ربط أهدافنا بشغفنا، وبالتالي نتمكن من الإبداع، وربما من التنافس عالمياً. بالنسبة إلي، العمل على وظيفة أنا شغوف بها أفضل بكثير من العمل على وظيفة لأجل العمل؛ حيث الأولى تضمن الإبداع والتطوير، أما الثانية فتكون لأجل العمل فقط. كما أن أكبر مصادر الشغف هو طموح ولي العهد محمد بن سلمان وشغفه في تحقيق النجاح، واختياره لفريق عمله بمعايير الشغف؛ حيث الكفاءة وحدها لا تكفي».


هيفاء الغامدي: الحياة بلا شغف تصبح خالية من الحماسة والاستمرارية

هيفاء الغامدي


ليس وهماً أو خرافة


أكدّت هيفاء الغامدي، أخصائية إعلامية، أن الحياة بلا شغف تصبح خالية من الحماسة والإثارة والاستمرارية، تقول: «لا يمكن لعامل يدفعك إلى الأمام أن يكون وهماً، فـالأغلبية ترى أن الشغف كذبة ووهم يتسبب بعدم تناسب المجتمع مع الواقع، ولكن الحقيقة أن الشغف ليس خرافة، وإنما شعور ينبع من داخل الفرد، ويدفعه إلى التطور والمضي قدماً في تحقيق ما يثير حماسته من اهتمامات».

وتضيف: «لا أرى في تحفيز الذات أي خطأ، وإنما هي ركائز تبدأ بالتحفيز من تحديد الهدف، وصولاً إلى السعي لتحقيقه، فـلابد من التذكير بين الفينة والأخرى؛ لإلهام الآخرين، وإعادة تأجيج حماستهم، وإزالة العقبات التي تمنعهم من التقدم والتطوير. بالنسبة إلي، أنا أتمسك بشغفي، وأسعى لتحقيقه بتجاوز الصعوبات، ومحاولة عدم إفلات الشعور الداخلي، وتجنب الوصول إلى مرحلة الفتور، فالحياة ارتخاء وارتفاع، ولا يمكن لشخص أن يتمسك بشغف لا ينتهي أو يتخلله الفتور، ولكن بقدرة الشخص ورغبته الملحة في التقدم يتجدد الشغف».

تابعي المزيد: نظرة شبابية كيف تكون صاحب شخصية مؤثّرة؟