عش لحظات حماستك.. 

د. سعاد الشامسي 

نحتاج مِن حين إلى آخر أن نستشعر حريتنا، تِلكَ المُتعة الحقيقية التي لا يُدركها سوى من تذوق قسوة القيود، لَكِننا نحتاج إلى حرية من نوعٍ آخر، تِلكَ الحرية التي تشعر فيها بأن داخلك كماً من الحماسة والطاقة لا يُمكن إيقافهما، تندفع لتُزيح مِن أمامها كُل عائق، وتستمتع من المُتعة المُستحقة ما يُرضي رغباتك، ربما هي قليلة تلك اللحظات من الجنون المشروع، لَكِنها تستحق التأمُل، فعش لحظات حماستك مهما كانت الظروف والأوقات.. فمن عاش تِلكَ اللحظات فقد عاش أعماراً فوق عُمرهِ، واستشعر قوتك، فمن يُمكنهُ إيقافك حين تَدُق الساعة لتُشير عقاربها إليك في فخرٍ وحماسة، حينها فقط.. أمهل عقلك لحظات لتستشعر تلك القوة التي تنتفض بداخلك، إنها قوة الإرادة، الطموح، والرغبة في امتلاك العالم بأسره في ليلةٍ وضحاها، إنها قوى الاندفاع نَحو المجهول، والإصرار على تحقيق ما لم يتوقع أحد أن تُحققه يوماً، إنها القوة السحرية التي يبحث عنها الجميع، لَكِن أحدهم لم يَعلم أنها تَكمُن في قلب كُل إنسان، ولن تنتهي أبداً مهما كَثُرت صدمات الواقع.. ففي القلب تكمن المشاعر، لذلك لا تُهمِل مشاعرك، لأنها طريقتك في التفكير لذلك هي الأكثر حاجة للاهتمام، الاهتمام يا عزيزي، إنها كلمة السر لدخول القلوب، وعلاج المشاكل، وبناء العلاقات المُتصَدِعة، لَكن الاهتمام لا يقتصر على غيرك فحسب! بل عليك أن تهتم بمشاعرك أنت، فلا تُهملها، ولا تدعها تتسرب مِنك حتى تنفُد، اهتم بمشاعرك فهي مُحركك ووقود قلبك لأن يشعُر ويعي، إنها السبيل إلى السعادة المُطلقة، وهي الوسيلة التي يُشبع بها قلبك رغباتهِ المشروعة، فلا تُهمِل مشاعرك، مهما رأيتُ مِن الدنيا قسوة ومتاعب.
ستسألني عن ماذا أتحدث هنا؟ 
عَن العِشق تَحَدَث، نعم الحب والعشق، أشبع فضول الآخرين في معرفة خفاياه وقواعدهُ، تحدث عن حبك الأول، عن تلك النظرات التي حفرت في ذهنك صورةٌ من الجنة، عن ذاك اللقاء.. حين كانت الأرض تَدورُ بِك وترفعك لتلوح في الأُفُق، تحدث عمن منحتهُ ثقتك وأدخلتهُ حياتك، ليُكمل الطريق معك، عن العشق لعملك، لعائلتك، لشغفك، فالعشق يا عزيزي أنواع، كما هو لذة الحياة من حولنا تختلف من شخص لآخر، كذلك هو العشق، عن العشق تحدث بلا خجل، فهُناك نوع خاص من السعادة في كُل عِشقٍ صادِق.. لكل أمر ولكل نفس.
واستمتع بالحديث مع قلبك، نعم حَدِث قلبك قبل الآخرين عن سرك الخفي، عما تشعر به، عما تمر به، عما يجول بعقلك وعينيك، إنهُ يسمعك، يُرافقك في كُل موقفٍ أو مُشكلة، فالجأ إليه حين ترغب في البوح، لتكسر حاجز الكتمان عن آخره، وتُفتت ذاك السكون المقيت، وتُعلنها بوضوح، أنك مازِلت ها هُنا تعي وتشعُر، وتَمُلك قلباً يَقِظاً، لا تُشبعُهُ مُبررات الوحدة واليأس، إنهُ ينصُت إليك في أشد الأوقات، حينها.. تَكلَم.. حدثهُ عن سِرك، وأفِض لهُ بما أخفيتهُ عن العالم من حولك.. إنها الطريقة الأنجح لتعيش لحظاتك بكل حماسة.