الفرق بين الفيلسوف والمفكر

التفكير يمثل أعلى الوظائف الإدراكية
التفكير يمثل أعلى الوظائف الإدراكية

سعى الكثيرون لفك شفرات العقل البشري وعلاقته بالكون وما يحيط بهما من ماهيات ومتاهات عبر التفكير والتأمل والفلسفة.. ولطالما استعنا بالفكر والفلسفة لتحقيق ذلك الفهم.
"سيدتي" التقت د. أحمد رياض ناجي، أستاذ متفرغ للفلسفة الإسلامية بكلية الآداب، في حديث حول الفيلسوف والمفكر وما بينهما.
في البداية، يقول د. أحمد رياض ناجي لـ"سيدتي": على الرغم من أننا نسكن أنفسنا، إلا أننا نادراً ما ننجح في فهم أكثر من جزء صغير مما نحن عليه أو ما يحيط بنا من ديناميكيات تحرك ثنايا أدمغتنا، وتغيير أفكار المرء يمكن أن يغير حقيقة المرء ذاته، فالفكر هو حجر الزاوية في الفلسفة، كما أن حالاتك (في الوجود) تنشأ في عقلك. فالعقل هو صانع الفلسفة، فما يهم "ليس الطريقة التي تسير بها الأشياء في الواقع، بل الطريقة التي نفكر بها لتسيير الأشياء".


الفرق بين الفيلسوف والمفكر

الفيلسوف هو المُحِبُّ للحكمة
الفيلسوف هو المُحِبُّ للحكمة


يقول د. أحمد: الفلسفة تعني "حب الحكمة"، والفيلسوف هو المُحِبُّ للحكمة، وهو الشخص الذي يمارس الفلسفة، ويفكر من خلالها، فيؤلف فيها وبها ومنها، محاولاً الإجابة عن الأسئلة الفلسفية الشهيرة، ومستقصياً حلولاً للمسائل الفلسفية التي يطرحها كل عصر من العصور حول قضايا وأزمات يواجهها الإنسان وماهيته بالكون ومكانه ومكانته وكينونته.. حيث عدت الفلسفة مرآة تعكس روح العصور .
بينما المفكر هو الشخص الذي يستخدم العقل والذكاء والتأمل والتفكير النقدي، بطريقة مهنية وفقاً لدراسة أو بصفة شخصية، معتمداً على فطرته وقوة ملاحظته.


الفلسفة لا تشبه أي مجال

التفكير يتيح للبشر فهم العالم
التفكير يتيح للبشر فهم العالم


يقول د. أحمد: يتخذ الفيلسوف من التقييم الفلسفي للأفكار والقضايا طريقة لدراسة الآراء المستمدة من العلم أو الفن أو الدين أو السياسة أو أي مجال آخر، على أن الدراسات الفلسفية غالباً ما تركز على معنى الفكرة وعلى أساسها وتماسكها وعلاقاتها بالأفكار الأخرى.
الفلسفة لا تشبه أي مجال آخر. إنه مجال فريد من نوعه، في كل طرقه، وطبيعة موضوعاته واتساع نطاقاته، حيث تسعى الفلسفة إلى متابعة الأسئلة في كل بُعد من أبعاد الحياة البشرية، ويمكن تطبيق تقنياتها على المشكلات في أي مجال من مجالات العلم والفكر.
الفلسفة لا يوجد تعريف موجز يعبر عن ثرائها وتنوعها، فالفلسفة بحث يتخلله الفهم عن الحقائق الأساسية، وهو دراسة لمبادئ السلوك. حيث يسعى الفيلسوف إلى وضع معايير فلسفية للأدلة لتوفير طرق عقلانية لحل النزاعات، وخلق تقنيات لتقييم الأفكار والحجج. 
الفلسفة تطور القدرة على رؤية العالم من منظور الأفراد الآخرين والثقافات الأخرى، وتعزز قدرة الفرد على إدراك العلاقات بين مختلف مجالات الدراسة، كما أنها تعمق إحساس المرء بمعنى وتنوع التجربة الإنسانية.
الفلسفة طريقة حياة. هي ممارسة تهدف إلى تخفيف المعاناة وتشكيل الذات وإعادة تشكيلها، فلطالما كانت الفلسفة دعوة لكل إنسان لتغيير نفسه.


التفكير يكشف المعنى الحقيقي للحياة

التفكير يمثل أعلى الوظائف الإدراكية
التفكير يمثل أعلى الوظائف الإدراكية


يقول د. أحمد: يُعرَّف الفكر أو التفكير اصطلاحاً بأنه عملية استخدام العقل في إنتاج الأفكار عبر العديد من العمليات العقلية الواعية وغير الواعية، مثل: الإدراك، أو التذكر، أو الحساب الذهني، وغيرها. 
ولطالما أراد المفكرون فهم التغيرات المستمرة في العالم؛ بهدف اكتشاف المعنى الحقيقي للحياة، حيث يطلق لقب المفكر على الشخص المبدع  الذي سبق وأبدع أفكاراً جديدة.
التفكير يشمل تدفق الأفكار التي تؤدي لمنطقية الاستنتاجات، فهو نشاط ذو قيمة وجودية، يكمن وراءه العديد من الإجراءات البشرية والتفاعلات العقلية؛ بغرض فهم مادية الوجود.
التفكير يتيح للبشر فهم العالم الذي يختبرونه أو يسعون لتفسيره أو تمثيله أو نمذجته، حيث يمثل التفكير مجمل الأشكال والعمليات الذهنية التي يؤديها عقل الإنسان.
التفكير يمثل أعلى الوظائف الإدراكية، فهو يفيد الإنسان الذي لديه احتياجات وأهداف ورغبات، فالمفكر يعمل العقل لكي يضع خططاً وحلولاً للعديد من المشاكل والمعضلات؛ بغرض فهمها وحلها وتحليلها أو حتى تخطيها، وبالتالي يتمكن من التعامل معها بفعالية أكبر لتحقيق أهدافه وخططه ورغباته وغاياته.


هل كل مفكر فيلسوف.. ومتى يكون الفيلسوف مفكراً؟

كل فيلسوف هو بالأساس مفكر، على أن ليس كل مفكر فيلسوفاً، فالفلسفة تتحرر من أطر التفكير المنطقي والبحث الاستدلالي، فالفيلسوف يحمل نظرة كونية وعالمية لماهية الإنسان والكون، لذلك فالفيلسوف أكثر شمولية وانطلاقاً من المفكر مهما كان مبدعاً، فهو يرزح تحت وطأة قيود المنطق والمألوف والأطر العامة المحددة للعقل والمنطق. 

تابعوا المزيد: أنواع الفلسفة