الممثلة المغربية سعيدة باعدي لـ"سيدتي": أفضّل العمل أكثر مع زوجي المخرج حميد باسكيط  

هي ممثلة متميزة خريجة معهد المسرح والتنشيط الثقافي ، برزت في أدوار عديدة في السينما والتلفزيون خلال مرحلة التسعينيات، أخذها الزواج وأسرتها لتتوارى عن الأنظار لسنوات،  لتظهر من جديد في أعمال مختلفة، خاصة مع زوجها المخرج حميد باسكيط . يعرض لها حالياً مسلسل "البيوت أسرار"، الذي كتبته بمعية شقيقتها الممثلة حفيظة باعدي. تحمل اليوم الى جانب التمثيل ، مشروع الكتابة والتأليف وبدء صفحة أخرى مع عالم الدراما المغربية. سألناها: 

كيف جاءت فكرة كتابة المسلسل؟

فكرة كتابة "البيوت أسرار" جاءت بالصدفة، وتعود في الأصل لشقيقتي الممثلة حفيظة ،علاقتي بالكتابة كانت قائمة في  تدوين خواطر وأفكار تجول بالخاطر . كنت أتمنى أن أكتب للتلفزيون وأعبر عن مشاغل الناس وهمومهم وكانت الفكرة تراودني على هذا الأساس أي أن أنقل ما يشعر به الاخرون ويجدون أنفسهم في العمل الذي يشاهدونه، كان هذا الحلم يراودني باستمرار . عرضت عليّ  حفيظة الفكرة وتحمست لها  خاصة وأن شخصيات المسلسل مثل سعيد وللا عيشة وعبد العالي وعالم الشخوص كلها جزء من ذاكرة طفولتنا معاً، ليس بنفس التفاصيل لكن فيها شيء من  حياتنا في منطقة ميدلت المعروفة بضيعات التفاح وحيث كان الوالد بنفسه له ضيعة تفاح، فالأجواء التي عشنا فيها في مدينتنا أوحت لنا بفكرة المسلسل ، حيث عشنا آنذاك حكاية إقطاعي كان يستبد بسلطة المال للاستفراد بالربح من مداخيل الضيعات .قررنا كخطوة أولى أن نكتب معا ،وهي لديها كتاباتها الخاصة في السيناريو أيضاً لكننا في "البيوت أسرار" أردنا أن نكتب تجربة نلامس بها واقعاً خاصاً عشناه ونستلهم منه حكاية تتكرر وتعبر للآخرين من باب التواصل والإبداع والعبرة. انطلقنا حول الفكرة العامة ورسم الشخوص والعوالم المختلفة لها وكان الاتفاق على أن الفضاء الرئيسي الذي سيحتضن العمل هو مدينة فاس، لكن مع ظرف كورونا وإكراهاته جعل من الصعب المجازفة بطاقم 40 شخص للتصوير في مكان بعيد في عز الوباء.

 

المشروع الأساسي

سعيدة باعدي
سعيدة باعدي

اختفيت طويلًا أين كنت؟

اختفيت لمدة فقط ،فالمشروع الأساسي الذي حققته هو بناء أسرة مع زوجي حميد وابنتيّ إيناس وياسمين الله يحفظهما ويحفظ لكل الأعزاء أبنائهم، وأتمنى أن أكون نجحت فيه وأدعو الله أن أستمر في هذا الدور الأساسي بنجاح. فعلاً بعد ولادة ابنتيّ التوأم تلقيت عروضاً كثيرة ورفضتها لإحساسي بالمسؤولية تجاه ابنتيّ، فرغم وجود  مساعدة من العائلة ومربية، ألا أن العناية بتوأم ليس أمراً هيناً ويحتاج الكثير من الوقت. لهذا كانت الأولوية للأمومة قبل العمل بعد مرور أربع سنوات من الولادة اشتغلت مع عبد الله فركورس وصورت فيلماً تلفزيونياً "الراحة والسياحة ". وبدأت أعود بشكل  محتشم إن صح التعبير، بقيت مترددة ومتخوفة، كنت أخشى أن أقصّر بدوري كأم ، كان شغلي الشاغل تربيتهما لا غير، وهذا ما جعلني أتردد باستمرار خوفاً من أن لا أكون  إلى جانبهما كما ينبغي، كانت نفسيتي مضطربة وراودني إحساس بالذنب خشيت أن لا أكون في مستوى تربية ابنتيّ، غلبت كفة الأم على كفة الفنانة. عدت قبل 5 سنوات بوتيرة قوية بخمسة أفلام سينمائية وحصلت على جائزة أفضل ممثلة في الدورة 34 بالإسكندرية تلتها أعمال تلفزيونية خاصة مع زوجي حميد ، وقريباً سيعرض لي فيلم من إخراج زوجي باسكيط أنا صاحبة السيناريو فيه. أظن أنني في الطريق الصحيح ومتواجدة باستمرار وأفخر بردود الفعل الإيجابية لعودتي من طرف جمهور واسع يشيد بأدواري ويعتبرني نضجت أكثر.

 

حقيقية في الدورين معاً سواء كأم أو كفنانة

سعيدة باعدي مع صينية الشاي المغربي
سعيدة باعدي مع صينية الشاي المغربي

أيهما أنت الحقيقية الأم أم الممثلة؟

تضحك وتجيب: أظن الاثنين معاً. أحاول أن أزاول مهمتي كأم بصدق ووفاء وتفاني وأحاول أن أتقمص أدواري في التمثيل بكل صدق وأمنحها ما تستحقه بوفاء تام. أعتقد أنني حقيقية في الدورين معاً سواء كأم أو كفنانة. لست افتراضية أبداً ، بل إنسانة تعي وجودها ودورها في الحياة وأحاول ما أمكنني أن أفي بهذا الوجود وأتحمل مسؤولياتي على أتم وجه، لا أعرف الكذب والنفاق ، أعيش في الحياة بكل جوارحي وبصدق، أنا في البيت أم مائة بالمائة وفي الفن ممثلة مائة بالمائة.

ما هي مشاريعك في رمضان؟

يستمر بثّ مسلسل "البيوت أسرار" بالعرض خلال رمضان سيعرض لي فيلمان الأول" مكاتيب" كتبته وأخرجه زوجي حميد والثاني مع المخرج سعيد خلاف ولديّ فيه دور رئيسي، وأتمنى أن يكون حضوري طيباً وفي مستوى انتظارات الجمهور الذي يحبني وأحبه.

تشتغلين باستمرار مع زوجك الفنان المخرج حميد باسكيط  فلماذا هل العمل معه هو بمثابة حماية لك؟

شخصياً أحبذ العمل مع زوجي حميد لأنه زوجي وحبيبي وقبلها صديقي منذ مدة طويلة، أحب فيه شخصية حميد المبدع، يعرف جيداً استثمار أجمل ما عندي من عطاء، ويتقن استفزاز طاقتي الإبداعية فعلى سبيل المثال في فيلم "صمت الفراشات" الذي حزت به على جائزة أفضل ممثلة وفاز بجائزة العمل الأول أيضاً، كان الدور ليس رئيسياً ومع ذلك كان قوياً اشتغلت فيه أنا وابنتاي ،وكان دوراً دقيقاً يمثل أماً تعاني من اغتصاب زوجها لبناتها، أعطيت فيه الكثير. أحب الاشتغال مع زوجي وإن كنت أحبذ الانفتاح على مخرجين آخرين. إن خيرت سأختار العمل معه دائماً، لكنني لا يمكن أن أعمل سوى معه ولا يمكن في نفس الوقت أن لا أعمل مع آخرين.

 

أنا فنانة طمّاعة

سعيدة باعدي  وزوجها المخرج حميد باسكيط
سعيدة باعدي  وزوجها المخرج حميد باسكيط

ما الدور الذي تنتظرين أن تلعبيه بعد؟

أنا فنانة طمّاعة، مادمت على قيد الحياة والصحة سأطمح وأطمح لأدوار عميقة تسلط الضوء أكثر على قضايا النساء وعوالمهن ومآسيهن وأفراحهن، خلقت لأكون واسطة للتعبير عن وضعيات مختلفة للنساء لأجل الإنصات لهن وتسليط الضوء على حياتهن قانونياً واجتماعياً ونفسياً، نحن كمبدعين لنا هامش من الحرية لإخراج هكذا مواضيع للعلن وتحسيس الآخرين بها بصيغة إبداعية. أتمنى أن أجد التفاتات من كتاب ومخرجين للتعريف بشخصيات نسائية تاريخية، لأننا للأسف نجهل تاريخ النساء اللواتي سجلن اسمهن بنضال لإرساء قيم إنسانية. أحب أن أشخّص دوراً تاريخياً يعترف بمجهودات النساء. وكل شيء يعتمد على ذكاء الكتابة لأجل الوصول إلى كتابات راقية.

كيف اجتزت مرحلة الحجر الصحي؟

كورونا درس للبشرية، بينت كم نحن ضعفاء واهنون جداً وأننا لا شيء أمام قوة الخالق وقوة الكون، في بداية الحجر ذعرت مثل  كل الناس دخلنا بيوتنا مذعورين خائفين من المرض والهلاك، انتظرت مع الناس الفرج وترقبت عصا سحرية أو قوة خارقة تنقذنا، في عز كورونا كتبت السيناريو مع شقيقتي ورسمت طريقاً لعدد من الكتابات التي ستأتي. كورونا جعلني أعيد ترتيب حياتي وجعلت الموت قريباً بالنسبة لي، فمن الممكن أن أنتهي في أي لحظة وبدأت أعيش اللحظة بتفاصيلها بعدما كنت منضبطة جداً لإيقاع الحياة وحريصة على حياة كريمة ومستقبل مشرق. الأحلام والطموحات كلها تبخرت في وقت ما وكأني توقفت. وبعدها فكرت لعل الله منحنا وقفة للتأمل والبدء من جديد.عشت تساؤلات عميقة ولحظات تأمل قوية غيّرت مجرى الحياة بداخلي. 

هل يمكن أن تمري ذات يوم إلى الإخراج مادمت انتقلت للكتابة الدرامية؟ 

لا يستهويني الإخراج،لأنه بالنسبة لي عمل تقني أكثر، أحب الكتابة أكثر وأجد فيها متعتي وتدخلني  في عوالم سامية، الكتابة هي الأصل.

كيف تقضين رمضان؟ 

كنت أقضي رمضان قبل الوباء كأي امرأة مغربية بين إعداد الوصفات والعبادة والزيارات العائلية، وبعد كورونا بدأت أستغل رمضان لصالحي لأجل الكتابة والإبداع، لابد أن أقول كلمتي من تصوري الخاص للعالم قبل المغادرة، لعلني أترك شيئاً يفيد الناس.