المحامية الدولية الكويتية فاتن النقيب وابنتها تالة العبد العالي... رحلة العمل والحياة والاهتمامات

لطالما كانت الابنة انعكاساً لوالدتها، فترى الأم صباها من خلال بناتها، وعلاقة الأم وابنتها علاقة تكاملية تزداد في قوتها وصلابتها يوماً بعد يوم.
وفي مثال واقعي على ذلك وتزامناً مع «مارس» شهر المرأة الذي يحتفل به العالم بيوم المرأة العالمي ويوم الأم السنوي.. التقت «سيدتي» سيدة الأعمال المحامية الدولية الكويتية فاتن النقيب وابنتها تالة العبد العالي، حيث تحدثتا عن العمل والحياة والاهتمامات في هذا الحوار.

تصوير | سلمى العيسى Salma Al Essa
 

المحامية الدولية الكويتية فاتن النقيب وابنتها تالة العبد العالي

 

 

تصفحوا النسخة الرقمية العدد 2089 من مجلة سيدتي



المحامية فاتن حصدت جوائز وألقاباً مهمة محلية وعالمية، ما أهمها بالنسبة لك، وما الجائزة التي تتمنينها؟
أجابت فاتن: «كل تلك الجوائز والألقاب أمور أفتخر بها، فأنا كمحامية كويتية استطعت أن أصل وأحقق إنجازات ونجاحات لأستحق ذلك، وهي أيضاً اعتزاز وفخر أهديه لوطني الغالي الكويت، وقد تطلب ذلك مني الكثير من الجهد والعمل، من دون أن يكون همي الحصول على الجوائز أو الألقاب، كل تركيزي أن أتقدم وأتطور في عملي أكثر، وهذا ما جعلني أحقق تلك الجوائز والألقاب التي منحتني بالتأكيد الشعور بالرضا والسعادة». وعن الجائزة التي تتمناها قالت: «ليس هنالك ما أطمح له تحديداً، بل الأهم هو أن أستمر في عملي بمزيد من العطاء، وأن أحقق شيئاً مميزاً وأترك بصمة في تاريخ مهنتي، وهو نجاح لنفسي ولأهلي وبناتي ووطني».


تخصصان متلاقيان

المحامية الدولية الكويتية فاتن النقيب وابنتها تالة العبد العالي
المحامية الدولية الكويتية فاتن النقيب وابنتها تالة العبد العالي


تالة العبد العالي مديرة تطوير الأعمال في شركة مكتب النقيب للمحاماة، سألناها: درستِ العلاقات الدولية والعلوم السياسية. فهل يتلاقى مع القانون الدولي تخصص والدتك؟
أجابتنا تالة بكل حماسة قائلة: «بالفعل يتلاقى تخصصي مع تخصص والدتي، من حيث الكتابة واللغة القانونية والمهارات التحليلية ومهارات التفاوض والتواصل، وبيننا منطقة عمل مشتركة».


وهنا كان لابد أن نلحق تلك الإجابة بسؤال: الأم فاتن لها تاريخ طويل في القانون.. ماذا أضفت لها بالعمل معها؟
على الفور بدأت تالة بتعداد الكثير من الأمور التي تعلمتها بالعمل مع والدتها: «تعلمت من والدتي كيف أوازن بين المسؤوليات، وبين عملي الخاص والعمل في مكتب المحاماة، وكيف أتعامل مع العملاء، وتعلمت منها أيضاً التفاوض والإدارة والقيادة، وكيف أُؤسس أقسام المشاريع، والأهم أنني أتعلم منها دوماً سواء في العمل أو خارج العمل .وبخصوص ما قدمته لوالدتي من خلال عملي معها هو الجانب الإبداعي والخدمات القانونية التي تهم الشباب».


تعلم متبادل

المحامية الدولية الكويتية فاتن النقيب وابنتها تالة العبد العالي
المحامية الدولية الكويتية فاتن النقيب وابنتها تالة العبد العالي


أما السؤال الذي يطرح نفسه فكان للأم فاتن: ما الذي تعلمته من ابنتك وهل من اختلافات بسبب فرق الجيل؟
بسعادة تعلو وجهها أجابت: «فعلاً تعلمت من ابنتي، وعندما أصبحت ناضجة، تعلمت منها لغة الحوار، وأن أكون قابلة للتغير، ومعرفة هذا الجيل، وأن المرأة المتحررة فكرياً لاتزال محافظة على تربيتها العربية الإسلامية الأصيلة». كما تعلمت من تالة المغامرة، وأرى معها تفاصيل الحياة الممتعة، ولا أراها ابنتي فقط، بل هي أختي وحبيبتي ومقربة جداً لي، لما تتمتع به شخصيتها من اتزان وهدوء، فكم أنا محظوظة لوجود تالة، وبناتي وهم «نور عيني». وقد يكون هنالك فرق بين جيلينا، إلا أنني قابلة للتعلم والتطور.


بعد هذا الكلام الجميل من الأم لابنتها، سألناهما: ما مميزات العمل سوية، وما السلبيات، وكيف تدعم كل منكما الأخرى؟
تولت تالة دفة الحديث مجيبة عن هذا السؤال: «في البداية وجدنا أننا دوماً نتحدث عن العمل في المكتب والمنزل، ما سبّبَ ضغطاً نفسياً وإرهاقاً، فتعلمنا أن نخلق توازناً في هذا الأمر، أما الجانب الإيجابي فهو أننا نسهم سوية في تطور مشروعنا العائلي وتتلاقى أهدافنا لنحقق النجاحات». واستطردت قائلة: «أمي أكبر داعم لي، وأستشيرها في كل الأمور، فكم أنا ممتنة لها، و«أتمنى أن أكون لها كما هي لي». وهنا عقبت الأم فاتن قائلة: «تالة دوماً بجانبي، وتسعى إلى إرضائي وامتصاص غضبي، وتجعلني أرى الأمور من جوانب مختلفة، ونحن متشابهتان كثيراً حتى في طريقة تفكيرنا ونظرتنا للأمور». وتضيف تالة: «أنا وأمي نشترك حتى في الهوايات فنحن نحب البالية وركوب الخيل وتطوير الذات والعيش بنمط صحي».


بين الشخصيتين

المحامية الدولية الكويتية فاتن النقيب وابنتها تالة العبد العالي
المحامية الدولية الكويتية فاتن النقيب وابنتها تالة العبد العالي


يبدو أن التوافق كبير بين الأم وابنتها، ولكن كان يجب أن نسألهما: متى تظهر شخصية فاتن المحامية ومتى تظهر شخصية تالة السياسية؟
بدأت الأم فاتن بالإجابة وهي تستحضر المواقف في ذهنها عندما قالت: «تظهر شخصيتانا في حالة وجود أي مشكلة أو أمر ما في العمل أو البيت، فتمشي دوماً تالة في طريق الدبلوماسية، بالحوار وطرح الموضوع، وعندما يظهر جانب من شخصيتي كمحامية أو أكون حازمة جداً، أيضاً تظهر شخصية تالة في المفاوضات».


طالما هنالك اختلاف جميل في التعاطي مع الأمور بين الأم وابنتها سألنا الأم فاتن: هل كنت تتمنين لو أن إحدى بناتك درست المحاماة... ولماذا لم يحصل ذلك؟
بصوت يحمل رغبة داخلية دفينة أجابت: «حاولت أن أشجع بناتي لدراسة القانون، ولكن لم أشعر بأن لديهن الرغبة، وقد يكون بسبب أنهن يعلمن كم أنني أعمل بجهد كبير، ولكن الأهم أنني أحب أن يخترن ما يحببن، ودوماً أقول لهن تأكدن عندما تخترن تخصصاً معيناً أن يمنحكن التطور المستمر، وأن تكون الشهادة وسيلة تفتح لكنّ الآفاق».


وأتبعنا ذلك بسؤال: لكل مهنة ومجال عمل تأثير على الشخصية والطباع؛ ماذا تغير بفاتن بعد سنوات العمل بالقانون؟
أجابت فاتن: «مهنة المحاماة والقانون مهنة جميلة، فهي شاملة وكافية، فالقانون في حياتنا وفي مجتمعاتنا، وعندما مارست المهنة بالتدرج صقلت لديّ مهارات معينة، مثل سرعة البديهة، القدرة على التحليل والتحمل، الصبر، والتركيز على التفاصيل، فالتفاصيل المهمة تكشف أسرار القضايا، كما منحتني مهنتي خبرة في التعامل مع الكثير من الناس وأعطتني الحكمة، وأصبحت أكثر قدرة على التسامح والتغاضي».


جديد العمل والحياة

المحامية الدولية الكويتية فاتن النقيب وابنتها تالة العبد العالي
المحامية الدولية الكويتية فاتن النقيب


وبما أننا تدرجنا بالحديث وصولاً إلى العمل سألنا فاتن المحامية الدولية: ما هي الأمور الجديدة التي تعملين عليها حالياً؟
غلب على صوت فاتن شخصية المحامية وسيدة الأعمال مجيبة: «أعد حالًيا كتابي في طبعته الثانية، وستكون باللغتين العربية والإنجليزية، وهو بعنوان «الدليل القانوني للاستثمار في الكويت»، ويحتوي على القوانين الجديدة، وقبل نهاية سنة 2021 سيكون جاهزاً». ومؤخراً وخلال جائحة كورونا التي جعلتنا نعيد الالتفات إلى أهدافنا، عملت على مفكرة اسمها «ماذا يقول لي قلبي؟» الهدف منها تشجيع المرأة على كتابة أهدافها، وأن تدون نقاط قوتها ومصادرها ونقاط الضعف، فالكتابة تجعل المرأة ترى أمور حياتها بشكل أوضح، حتى تقوم بما يمكن فعله لتصل إلى ما تصبو إليه. وأضافت: «ضمنت في المفكرة بعضاً من خواطري التي تحمل في كلماتها ومعانيها دعم المرأة وتحفيزها ومساعدتها على تحقيق أهدافها، وتعزز حريتها في تعبيرها عن ذاتها ورأيها. وقريباً ستكون المفكرة في الأسواق، وأتمنى أن تستفيد منها كل النساء في وطننا العربي».


منصة Habitude

تالة العبد العالي


من المنطلق ذاته ودعماً للمرأة وحتى الرجل أسست تالة منصة Habitude وهي كما وصفتها من كل الأشياء التي تعزز الشعور بالارتياح.. فسألناها: كيف جاءت الفكرة في ظل العمل في مجالات القانون والسياسة؟
أجابت تالة بكلام وعبارات نابعة من القلب: «أحب الأزياء والموضة، ولدي جانب إبداعي، وكانت هنالك أفكار جدية وعروض مقدمة لي حتى أتعاون مع جهات مختصة، لكن ضيق الوقت لم يتح لي المجال، كما أنني لم أكن أتوقع أنني قد أنتقل بذلك إلى عمل حقيقي وإصدار خط أزياء وإنشاء منصة، وبالفعل مع الوقت تأكدت من ذلك».


ثم عادت بالذاكرة للوراء وقالت: «أنا أحب الكتابة منذ صغري، وكتبت في مدونات للموضة والأزياء، كما أنني أحب مجال تطوير الذات، وكنت قد اشتريت كتاباً عن ذلك، وأخذت دورة «لايف كوتش»، كل تلك الأمور دفعتني أكثر للكتابة عن الحياة الصحية والامتنان وتطوير الذات، وفي داخلي رغبة بمشاركة غيري كل ما تعلمته وما سأتعلمه، وقررت في يوم وليلة أن أنشئ هذه المنصة». ثم أضافت: «وبالفعل بدأت منذ قرابة عامين بإنشاء منصة Habitude وأصدرت أول مجموعة أزياء، ثم توقفت قليلاً أيضاً بحكم عملي، إلا أن أزمة كورونا أعادت لي التفكير في المشروع، والبقاء في المنزل ساعدني على الإبداع أكثر، وعدت للعمل على ما أحب».


وبالحديث أكثر عن المنصة سألنا تالة: إلى أي مدى تعبر Habitude عن حياتك وشخصيتك، ومن أين تستوحين تصاميمك؟
منصة Habitude تمثلني وتعبر عن شخصيتي الحقيقة، وكل من يتصفح المنصة أو حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بها سوف يدرك ذلك، فأنا أحب البساطة والهدوء والحياة الصحية، وكتاباتي في المنصة والأزياء فيها تحكي ذلك، وما يميز الأزياء أنها أنيقة مريحة ذات خامات جيدة، ننتجها بكميات محددة، صممت حتى تُلبَسَ بأكثر من طريقة تناسب الجميع سواء في المقاسات أو في التنسيق، وهي تحقق الاستدامة وتحافظ على البيئة. كما أن الأزياء التي أصممها مصنعة في إيطاليا لدى مصنع يقصده كبار مصممي الأزياء، وأنا محظوظة جداً أن وافق المصنع على إنتاج قطعي، لا شك أن فيها نوعاً من التميز، وأنا فخورة بذلك؛ لأنني أود أن تكون قطعي من النوع الخاص وبإنتاج مميز. أما مصدر إلهامي فمما لا شك هي أمي أولاً، ثم إن الإلهام والإبداع يأتي من كل مكان، وينبع من مكان عميق بالروح.


ولأن الأم فاتن هي أكبر مشجعة لتالة سألناها: ما رأيك بمنصة Habitude؟
أنا فخورة جداً بتالة لتأسيسها هذه المنصة، خاصة أن جزءاً منها كتابة مقالات تدعم الفكرة العامة للمنصة، وأنا متأكدة أن هذه المنصة سوف تصل العالمية، وتحقق الهدف الأساسي منها، وهو مساندة المرأة والإنسان، وهذا ما اقتبسته تالة مني ولكنها طورته بأسلوبها وشخصيتها.


وفي سياق الأزياء والموضة سألنا كلاً من فاتن وتالة: من يختار الأزياء لكل منكما؟
اتفقت الأم وابنتها على أنهما تتشاركان اختيار الأزياء، ولديهما ذوق متقارب كما أنهما تتبادلان قطع الملابس الجميلة.


الإجازات والمطبخ وأشياء أخرى

تالة العبد العالي
المحامية الدولية الكويتية فاتن النقيب


واستكمالاً للأسئلة المشتركة طرحنا عليهما الآتي:
هل الناجحون يستيقظون مبكراً؟
أجابت فاتن: «أنا لدي نظام في الصباح بحكم طبيعة عملي، فأستيقظ قبل تالة، إلا أنها تسعى أن تكون مثلي، ومن المهم أن تكون حياة الإنسان منظمة ومرتبة». أما تالة فلها رأي مختلف: «أرى أنني يجب أن أكون مرنة مع نفسي أكثر؛ حتى أكون مبدعة أكثر، فالنظام ممل ومتعب، وروتيني الصباحي هادئ وصامت، وأدون أفكاري وأكتبها بعيداً عن الرسائل الإلكترونية؛ لأبدأ يومي بصفاء ذهني».


كيف تقضيان الإجازات الأسبوعية أو السنوية؟
أوضحت فاتن أن بيت العائلة هو مكان لقاء يوم الإجازة الأسبوعي حيث تلتقي الأم وابنتها بالأقارب، واليوم التالي يكون للصديقات والأنشطة العامة، أما الإجازات السنوية فغالباً ما تكون خارج الكويت، وهنا ذكرت تالة أن جائحة كورونا منعت ذلك إلا أنهن كعائلة يحرصن على التجمع دوماً وقضاء الوقت سوية وممارسة الأنشطة الترفيهية.


من يدخل المطبخ أكثر؛ فاتن الأم أم تالة؟
على عكس المتوقع أجابت الأم أنها لا تدخل المطبخ أبداً وقالت: «هذا لا يعني أنني لا أعرف الطبخ، ولكن فقط أشرف على التحضيرات وإعطاء الملاحظات، أما تالة فهي تحب إعداد الأطعمة المختلفة والوصفات الجديدة». وهنا أضافت تالة: «فعلاً الطبخ بالنسبة لي متعة، ووالدتي تدخل المطبخ عندما نطلب منها إعداد وصفة معينة نحبها من تحت يديها فتلبينا».


شهر المرأة والأم

المحامية الدولية الكويتية فاتن النقيب
المحامية الدولية الكويتية فاتن النقيب وابنتها


تزامناً مع شهر مارس، كيف تحتفل البنات بوالدتهن؟
تولت تالة الإجابة عن هذا السؤال: «يوم الأم يوم مميز بالنسبة لنا ونحتفل بأمي في كل عام، كما تحتفل أمي بجدتي».


واستكمالاً مع شهر مارس سألناهما: برأيكما.. هل حققت المرأة الخليجية أهدافها، وهل من عقبات؟
ذكرت كل من فاتن وتالة أنه وبشكل عام المرأة الخليجية تطورت وحصلت على أغلب أهدافها، ولو أن هذا الموضوع يختلف من دولة خليجية إلى أخرى. وقالت فاتن: «كما أحب أن أرى تطوراً فكرياً بعيداً عن العادات والتقاليد، خاصة بالنظرة إلى المرأة الخليجية، لا أعتقد أن الأصول العربية الإسلامية تمنع تطور المرأة، بل إنها تشجعها أكثر، وتحث على المساواة بينها وبين الرجل». وهذا ما أكدته تالة: «مازال الطريق أمامنا طويلاً بسبب وجود الصور النمطية والقيود المجتمعية التي تحد من حرية المرأة، لكننا في الطريق الصحيح، ودائماً نتمنى للمرأة بشكل عام أن تصل وتحقق الإنجازات وتتقلد المراكز والمناصب أكثر وأكثر». وختاماً للحوار طلبنا من المحامية فاتن أن تخص النساء عبر سيدتي بكلمة؛ بمناسبة يوم المرأة العالمي، فقالت بكلمات التشجيع والتحفيز: «أقول للمرأة حددي أهدافك، وبالإصرار تستطيعين أن تصلي، ولا شيء مستحيل، وعلى الإنسان أن يوسع من مداركه وأن يستمتع بالمغامرة في طريق تحقيق ذاته».