السياحة في السعودية اهتمام وتطوير ومشروعات رائدة تحقيقًا لـ"رؤية 2030"

كشف بيانٌ أصدرته مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما"، ووزارة السياحة، عن أن حجم إنفاق السياح القادمين إلى السعودية، بلغ في العام الماضي 2019 نحو 101 مليار ريال "26.93 مليار دولار"، بارتفاع 8.02%، بما يعادل 7.5 مليار ريال عن مستويات عام 2018 البالغة 93.5 مليار ريال "24.93 مليار دولار".


وتهدف السعودية إلى تطوير القطاع بصفته جزءاً من "رؤية 2030" من خلال توفير خيارات سياحية متنوعة، لا سيما بعد النتائج المشجعة عقب فتح التأشيرات السياحية في سبتمبر 2019، حيث تجاوز عدد التأشيرات الممنوحة 500 ألف تأشيرة بنهاية فبراير الماضي، أي قبل أزمة كورونا العالمية.


وسجلت رحلات السياح القادمين إلى السعودية نحو 16.48 مليون رحلة خلال 2019، مقارنةً بنحو 15.3 مليون رحلة للعام السابق، أي بزيادة 7.6%، بما يعادل 1.16 مليون رحلة.


كذلك، نما حجم الإنفاق على السياحة المحلية خلال 2019، ليبلغ 53 مليار ريال مقارنةً مع العام الذي سبقه، البالغ 48 مليار ريال، بنمو 10.4%، ليسجل بذلك الإنفاق على السياحة المحلية مستوى قياسياً. ويعود 40% من حجم الإنفاق لغرض الرحلات والتسوق، و25% للزيارات العائلية والأصدقاء، و27% للأغراض الدينية.


ونمت رحلات السياحة الداخلية بنحو 12.6%، لتبلغ 48 مليون رحلة، مقارنة بنحو 42.6 مليون رحلة لـ 2018، وبذلك يصبح إجمالي الإنفاق السياحي في السعودية عبر السياحة الداخلية، وكذلك السياح القادمين إلى السعودية، نحو 154 مليار ريال، ويسجل نمواً بنحو 8.8%، شكَّل إنفاق السياح القادمين من الخارج نحو 65.6% من الإجمالي.


من جهة أخرى، ووفق "سبق"، قال الدكتور فهد بن سليمان النافع، عضو هيئة التدريس في كلية الاقتصاد والإدارة في جامعة القصيم: "السعودية تعدُّ أولى الوجهات العربية اهتماماً من قِبل السياح المسلمين، ورابعها عالمياً ضمن قائمة الوجهات العشر الأولى الأكثر زيارةً من قِبل السياح المسلمين، من بين 130 بلداً بحسب تقرير المؤشر العالمي للسياحة الإسلامية لسنة 2019م".


وأضاف "تعتبر السياحة مصدراً قوياً من مصادر الدخل في كثيرٍ من دول العالم, لكنَّ السعودية لم تهتم بهذا المصدر إلا في السنوات القريبة الماضية، وقد أخذت السياحة في البلاد اليوم منحى مختلفاً، حيث النمو المتسارع، لكونها جزءاً من المحاور المهمة لرؤية 2030، كما أن السعودية تضم كثيراً من المعالم التاريخية والتراثية المهمة, إضافة إلى التنوع الطبيعي والثقافي لمختلف مناطقها".


وتابع النافع "سابقاً مَن كان يأتي إلى السعودية، كان قدومه يقتصر فقط على ثلاثة أنواع من التأشيرات، حج وعمرة, وعمل, وزيارة، وقبل عام تحديداً، في نهاية سبتمبر الماضي 2019, استُحدث نوعٌ آخر من التأشيرات، يتيح لجميع مواطني دول العالم القدوم إليها على مدار العام، وفق تنظيمات جديدة، وقد بدأت وزارة السياحة في وضع الخطط لتحقيق النمو في زيادة أعداد السياح, نظراً لأهمية هذا القطاع اقتصادياً، ودوره في تعزيز الناتج الوطني, وتنويع مصادر الدخل في موازنة الدولة".


وأردف الباحث الاقتصادي، أنه "عند اكتمال كثيرٍ من مشروعات الدولة في القطاع السياحي, ستكون هناك نقلة اقتصادية كبرى, وستفتح آفاقاً جديدة في هذا القطاع الحيوي المستحدث، كما ستجعل هذا القطاع قادراً على توفير أعداد كبيرة من الوظائف للسعوديين, وتشجيع المواطنين على السياحة الداخلية لوجود المقومات المطلوبة، ولا أحد ينكر الجهود والتطور السريع الذي حدث لقطاع السياحة أخيراً من قِبل وزارة السياحة، وشمل كافة المناطق السعودية".


بينما قالت مريم الحربي، الباحثة في الآثار الإسلامية والمرشدة السياحية: "جاء قطاع السياحة والسفر على رأس القطاعات الأكثر تضرراً بسبب القيود التي فرضتها الدول للمحافظة على رعاياها، لكنَّ هذه القيود جاءت لصالح الترويج للسياحة الداخلية"، وفق "سبق".


وأضافت "السياحة الداخلية توفر البيئة المثالية، فـالسعودية فيها التنوع الثقافي والتضاريسي الذي يجعلها وجهة أولى في السياحة، كما شهدنا هذا في برنامج تنفس السعودية، الذي أطلقته وزارة السياحة للترويج للوجهات السياحية خلال صيف ٢٠٢٠، وجاء برنامج تنفس السعودية متنوعاً ومتبايناً ما بين شواطئ وجبال ومناطق جديدة، مثل شاطئ الرأس الأبيض في محافظة الرايس التابعة لمنطقة المدينة المنورة".


وتعمل السعودية على تنفيذ عديدٍ من المشروعات السياحية العملاقة وفق "رؤية 2030"، لتجعل قطاع السياحة رافداً مهماً للاقتصاد الوطني، كما أنها تتميز بامتلاكها ثروة جيولوجية متنوعة ونادرة في العالم، تُعدُّ امتداداً لطبيعةٍ، تكوَّنت في شبه الجزيرة العربية منذ ملايين السنين، ولا تزال آثار معظمها باقية حتى وقتنا الحاضر، منها الكهوف والدحول، فقد اكتُشف منها حالياً نحو 1826 كهفاً ودحلاً موزعة في 12 منطقة، وحظيت باهتمام علماء الأرض والجغرافيا والتاريخ، والآثار، إلى جانب كونها مواقع سياحية جاذبة.


يذكر أن السعودية لديها عدد كبير من المناطق السياحية والمشروعات السياحية الحديثة، من أبرزها، مشروع القدية، غرب العاصمة الرياض، وهو مشروع ترفيهي ملهم للشباب، ومشروعات ضخمة على السواحل، مثل نيوم والبحر الأحمر وأملا، إضافة إلى تطوير عديدٍ من المواقع التاريخية، مثل العلا، ومدائن صالح، والدرعية التي تمثل رمزاً وطنياً في تاريخ السعودية.
كذلك، تمتلك مدناً سياحية تعدُّ واجهةً للسياحة الداخلية، منها جدة التي تعتبر من الوجهات السياحة التقليدية، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة، والرياض، والطائف، وأبها، وينبع، وجازان، والباحة.