تعرفوا إلى أسرار الساعة البيولوجية في الجسم

هل شعرتَ يوماً كما لو أنك تدار بالساعة؟ هذا لأنك إلى حد ما، تدق ساعة بيولوجية في كل خلية من جسمك. تستجيب هذه الساعات لإشارات رقعة من دماغك تجعلها متزامنة مع بعضها البعض ومع الوقت من اليوم، يطلَق عليه نواة suprachiasmatic.
يحتوي على 20000 خلية ولا يزيد حجمه عن حبة أرز، وهو المكافئ البيولوجي لخطوط غرينتش ميريديان، إنها النقطة المرجعية التي تستخدمها مليارات الساعات الخلوية الأخرى في جسمك؛ لتظل دقيقة وتحافظ على إيقاع الساعة البيولوجية لجسمك.

 

الساعة البيولوجية للجسم

تتحكم الساعة البيولوجية في العمل الطبيعي للدماغ والمناعة ووظائف الجسم
تتحكم الساعة البيولوجية في العمل الطبيعي للدماغ والمناعة ووظائف الجسم


وفقاً لصحيفة الديلي ميل، يتحكم هذا الإيقاع في العمل الطبيعي للدماغ والمناعة ووظائف الجسم، مثل معدل ضربات القلب أو الهضم، ويمكن أن يُضرّ بصحتك والتعافي من المرض.


ومع ذلك، يمكن أن تتعطل هذه الإيقاعات بسبب أشياء كثيرة: الضوء الساطع في الوقت الخطأ من اليوم، أنماط الأكل أو التمارين الفوضوية، بعض الأدوية.


حتى الميكروبات في أمعائنا لها إيقاعات الساعة البيولوجية، والتي يمكن أن تتعطل بالمضادات الحيوية أو الأكل في أوقات غير معتادة، تشير الدراسات التي أُجريت على الفئران إلى أنه عندما يحدث هذا؛ فقد يؤدي ذلك إلى زيادة ضعف وظيفة وإيقاع أعضائنا.


يتم استخدام فهم جديد لكيفية عمل الساعات في أجسامنا لاستكشاف كيف يمكننا التعافي من المرض، وجعل العلاجات الدوائية تعمل بشكل أفضل، مع آثار جانبية أقل، إذ تتشابك ساعة الجسم في عملية الشفاء لدرجة أنه حتى الوقت من اليوم الذي تتعرض فيه لإصابة، أو حدث مثل النوبة القلبية، قد يكون له تأثير على مدى جودة وسرعة التعافي.
على سبيل المثال، نحن نعلم أن نظام القلب والأوعية الدموية له إيقاع يومي قوي: ضغط الدم يكون أقل عندما ننام، لكنه يرتفع بشكل حاد عند الاستيقاظ، تكون الصفائح الدموية لدينا، وهي شظايا صغيرة في الدم تساعدها على تكوين جلطات، أكثر لزوجة خلال النهار، كما أن مستويات الهرمونات مثل الأدرينالين، التي تضيّق الأوعية الدموية وتجعل القلب ينبض بشكل أسرع، تكون أعلى أيضاً في النهار.
تؤثر هذه الاختلافات في الساعة البيولوجية على احتمالية الإصابة بنوبة قلبية: إحصائياً، من المرجح أن تصاب بنوبة قلبية بين الساعة 6 صباحاً ومنتصف النهار أكثر من أي وقت آخر.

 

التوقيت يؤثر على قدرتنا على التعافي من إصابة القلب

التوقيت يؤثر على قدرتنا على التعافي من إصابة القلب
التوقيت يؤثر على قدرتنا على التعافي من إصابة القلب


قد يؤثر التوقيت أيضاً على قدرتنا على التعافي من إصابة القلب، فقد كشفت الدراسات التي أجريت على الفئران عن وجود اختلافات في نوع وعدد الخلايا المناعية التي تتسلل إلى أنسجة القلب المصابة؛ اعتماداً على الوقت من اليوم الذي تحدث فيه الإصابة.
يؤثر هذا على مقدار تشكل النسيج الندبي ومدى جودة ضخ القلب للدم؛ مما يؤثر في النهاية على البقاء.
اقترحت الدراسات البشرية أيضاً، أن فرص بقاء المرضى على قيد الحياة تتحسن إذا خضعوا لجراحة في القلب في فترة ما بعد الظهر بدلاً من الصباح.


لماذا يزداد الألم في أوقات معينة من اليوم؟

ازدياد الألم في أوقات محددة من اليوم
ازدياد الألم في أوقات محددة من اليوم

ليس فقط نظام القلب والأوعية الدموية هو الذي يظهر هذا الاختلاف، وجدت دراسة حديثة أن خلايا الجلد التي تسمى الخلايا الليفية، والتي تلعب دوراً رئيسياً في التئام الجروح، تعمل بكفاءة أكبر خلال النهار منها في الليل، بسبب تذبذب مستويات البروتينات التي توجه الخلايا نحو المناطق المصابة.


جروح الجلد التي حدثت أثناء الليل تلتئم بشكل أسرع من تلك التي تحدث أثناء النهار، عندما قام نفس الباحثين بتحليل البيانات من قاعدة البيانات الدولية لإصابات الحروق، وجدوا أن الأشخاص الذين يعانون من الحروق أثناء الليل، يستغرقون حوالي 11 يوماً للشفاء أكثر من المصابين خلال النهار.


هناك أمثلة أخرى للتغيرات اليومية في علم وظائف الأعضاء لدينا: تجد الفيروسات سهولة في التكاثر والانتشار بين الخلايا في الليل، تكون ردود الفعل التحسسية أقوى بين الساعة 10 مساءً ومنتصف الليل؛ بينما تسوء آلام المفاصل وتيبسها في الصباح الباكر.


لذا توصي إرشادات المملكة المتحدة لوحدات العناية المركزة بضوء النهار الطبيعي في غرفة كل مريض، بالإضافة إلى الأضواء الاصطناعية التي يمكن قلبها لأعلى أو لأسفل.
ومع ذلك؛ فإن التعرض للضوء في الليل وغياب الضوء الساطع أثناء النهار، يمكن أن يتسبب في اضطراب الساعة البيولوجية؛ مما يؤدي إلى عدم تزامن الإيقاعات في خلايانا، هذا لا يعطل النوم فقط، وهو بحد ذاته ضروري للتعافي، له تأثير مباشر على الشفاء أيضاً.

 

الساعة البيولوجية للأطفال

يأتي بعض أقوى الأدلة على ذلك من دراسات الأطفال، على الرغم من أن الأطفال مشهورون بنومهم المكسور، يبدو أن الساعة الرئيسية في الدماغ تعمل منذ حوالي 18 أسبوعاً من الحمل، إذ تنضج إيقاعات الساعة البيولوجية تدريجياً من تلك النقطة فصاعداً، على الرغم من أن إيقاعات النوم التي يمكن التنبؤ بها لن تظهر إلا بعد حوالي ثمانية أسابيع من الولادة.


لا يتعرض الجنين النامي للضوء الساطع، لكن نظامه اليومي قد يستجيب لإشارات أخرى، مثل التقلبات اليومية في هرمونات الأم، ومعدل ضربات القلب وضغط الدم، ومع ذلك، إذا ولد الطفل قبل الأوان؛ فإن هذه الإشارات تفقد.