طبيب يترك عروسه بعد شهر العسل وينضم للطاقم الطبي في عزل كورونا

طبيب يترك عروسه بعد شهر العسل وينضم للطاقم الطبي في عزل كورونا
طبيب يترك عروسه بعد شهر العسل وينضم للطاقم الطبي في عزل كورونا
2 صور

بالرغم من زواجه حديثاً إلا أنه لم يتردد في تلبية واجبه الوطني والانضمام لأول فريق طبي بمستشفى العزل في مدينة بلطيم بمحافظة كفر الشيخ، فتأديته للخدمة العسكرية كضابط احتياط عقب تخرجه في كلية الطب بجامعة عين شمس عام 2014، علمته أن تلبية نداء الوطن هو أسمى شرف يمكن أن يناله الإنسان، الطبيب الشاب الذي لم يتجاوز عمره الـ29عاماً، لم يتردد لحظة واحدة في خدمة هذا البلد والانضمام للجيش الأبيض بخطوط الدفاع الأولى.


الدكتور أحمد سعيد الدسوقي عتمان، طبيب مقيم باطنة ومناظير وجهاز هضمي بمستشفى كفر الشيخ العام، وابن قرية كفر المرازقة التابعة لمركز قلين بالمحافظة، الذي كان من أوائل الذين انضموا للفريق الطبي الأول بمستشفى العزل، يحكي الطبيب، تجربة 14يوماً هي مدة بقائه وزملائه بالمستشفى لعلاج مصابي كورونا، وكيف حاول إقناع أسرته وخوضه التجربة التي يعتبرها من أفضل تجارب حياته، 14 يوماً قضاهم الطبيب الشاب بين جدران المستشفى ومع المصابين الذين كانت تزيد أعدادهم يوماً تلو الآخر، حتى أعلن هو ورفقاؤه امتلاء المستشفى بالمصابين خلال 3 أيام فقط من بدء العمل.


في الواحدة صباح اليوم الأول من أبريل الجاري، كان الطبيب يمارس عمله بالمستشفى، دق هاتفه وكان المتصل زميله الدكتور عبد المنعم حسن، أخصائي الرعاية المركزة بنفس المستشفى، ليخبره باختياره ضمن الفريق الطبي الذي سيتوجه بعد أقل من 10ساعات لمستشفى العزل ببلطيم، بعد أن جرى تخصيصه ليكون أول مستشفى بالمحافظة يستقبل مصابي كورونا من المحافظات المجاورة، وترك له الاختيار، لكنه لم يتردد لحظة ورد عليه «أنا معاكم وجاهز لخدمة البلد»، هكذا حكى عتمان لـ«الوطن»، بداية انضمامه للفريق الطبي.


وعن موافقته وإقناع أسرته يقول عتمان: «مترددش لحظة في قبولي المهمة دي، حسيت وقتها أنه ده استدعاء زي الجيش بالضبط فمكنش ينفع أرفض، لكن كان عندي صعوبة إزاي هقول لأسرتي وزوجتي، خصوصاً أني عريس جديد لم يمر على زواجي سوى شهر العسل، وكمان أخويا ممرض فإحنا الاتنين هنكون على خط المواجهة، فدا ممكن يكون صعب على البيت، لكني لقيتني بقول للدكتور عبد المنعم، أنا معاك وجاهز، محتاجين نكون إيد واحدة، وقفلت معاه وخلصت نوبتاجيتى وتوجهت للبيت، شرحت لأسرتي وقدرت أقنعهم وجهزت شنطتي وروحت على مديرية الصحة».


وأضاف الطبيب الشاب: «لقينا نفسنا في ساعات قليلة، أول فريق هيكون عليه مسؤولية كبيرة، لكن عاهدنا نفسنا أمام الله أن نكون على قدرها، توجهنا للمستشفى وقولنا الاعتماد على أنفسنا هيكون أكبر، بدأنا في تجهيز وتقسيم المستشفى وعمل ممرات آمنة للدخول والخروج، وغرف عناية متوسطة وشديدة وأقسام داخلي، ولأننا جميعا تدربنا من قبل على عمل الرعايات المركزة لمواجهة عجز الأطباء، فعندنا خبرة للتعامل مع الحالات، وبدأنا شغلنا وفى خلال 3 أيام المستشفى كان كامل العدد مكنش عندنا مكان لاستقبال أي حالات جديدة، فكان الضغط كبير جداً، لكن كنا بنستعين بخبرات زملائنا في مستشفيي النجيلة والعجمي، لأن الحالات كتير وإحنا فجأة بقت المسؤولية كبيرة».


وعن أصعب المهام التي واجهته داخل مستشفى العزل، يحكى بطل الجيش الأبيض قائلاً: «أول مهمة كانت صعبة جداً علينا، هي التهيئة النفسية للتمريض والعمال، إحنا كأطباء متعودين على الشدة لأن معظمنا كان في الجيش وبنشتغل في المستشفى العام أكبر مستشفى بيستقبل حالات حرجة، لكن العمال كانوا خايفين وكانت أصعب حاجة إننا نتكلم معاهم ونصبرهم ونطمنهم، كنا بنقول ليهم خدوا بالكم إنتوا شغالين لله، ولازم ناخد بالنا من مخاطر العدوى، بنعلم كل الناس إزاي تؤمن نفسك، وكان عندنا مهمة صعبة للغاية وهى إزاي نطمن المريض، كنا بنستقبل الحالة تحت والناس بتيجى مصدومة لازم أقابلهم بالتهيئة النفسية و99% منهم جاي معندوش أعراض لكن مصدوم، كنا بنطمنهم وكل حاجة بتمشي كويس ودا أساس العلاج».


لم يكن الاطمئنان على ذويه مهمة سهلة لضيق الوقت وكثرة الحالات، لكنه كان يستطيع خطف دقائق معدودة ليطمئنهم حتى لا يكونوا قلقين: «كنت محتاج أطمن أهلي لكن الوقت كان مضغوط، وإحنا مسؤولين عن أرواح ناس، كنت بخطف دقائق أكلم زوجتي وأهلي، وكانوا أكبر داعم لينا، إحنا كنا أول فريق وكان لازم نؤسس نظام في المستشفى لتحمل كل حاجة، لكن الحمد لله هما كانوا متقبلين ده، وكانوا بيبقوا سعداء زينا بالظبط لما كانت بتخرج».


وعن أصعب موقف أبكاه قول عتمان: «صدمنا بوفاة خالة طبيب زميلنا في نفس المستشفى، بكينا لما صلينا الجنازة عليها، وكانت أول حالة وفاة بكفر الشيخ، حسيت إحساس صعب لحظة وفاتها، ومكناش عارفين نواسي زميلنا اللي مش هيحضر جنازة خالته ولا نعمل إيه، وبنتعرض لمواقف أصعب كمان لما بنسمع شائعات، علشان كدة بقول للناس متسمعوش للشائعات وخدوا الكلام عن فيروس كورونا من المصادر الموثقة زي وزارة الصحة».