زكية موروتون تتحدث لـ«سيدتي» عن نفسها وعن الحجر المنزلي

المهاجرة المغربية زكية موروتون
المغربية زكية موروتون في منزلها، مع صندوق أعداد «سيدتي»
زكية في حديقتها مع أعداد «سيدتي»
المهاجرة المغربية زكية موروتون
5 صور

زكية موروتون مهاجرة مغربية في إنجلترا منذ أكثر من 20 عاماً، مدربة تطوير ذاتي ومستشارة في السلوك الاجتماعي والنفسي، ومن متابعات «سيدتي» منذ زمن طويل، وحريصة على الاحتفاظ بـأعداد «سيدتي» في صناديق خاصة تعود إليها باستمرار، تحدثت إلينا في هذا اللقاء عن كورونا وأبعادها النفسية والاجتماعية في المهجر، كما حدثتنا عن نفسها في الحجر المنزلي.

 

الأبعاد النفسية والجتماعية لكورونا في المهجر


* كيف تقضين الحجر المنزلي في بريطانيا؟
أنا مقسمة بين الحجر المنزلي والحجر العملي هنا في إنجلترا.
كما تعلمين فأنا أشتغل مستشارة نفسية تخصص سلوك اجتماعي ونفسي؛ حيث أستقبل حالات نفسية يومياً على مدار ساعات دون توقف.
كربّة بيت، أحاول أن أقسم الوقت بين العمل والبيت.

 


* كيف تعاملت مع خبر الوباء؟
- بصراحة لم أتعامل مع الخبر بجدية حاسمة، كنت أتابع الأخبار من بعيد حتى لا أدخل في حالة خوف أو رعب؛ خاصة أن الأخبار في البداية تركزت في شمال إيطاليا والصين، كنت قد حجزت رحلتي إلى إيطاليا قبل إقفال المطارات، وكنت متمسكة برحلتي إلى أن تم إلغاؤها من طرف شركة الطيران.


* ما التفسير الذي منحتِه لما يعيشه العالم بسبب كورونا؟
- تعددت التفسيرات لما يعيشه العالم بسبب كورونا، ولكل شخص تفسير يختلف عن الآخر حسب اعتقاداته، لقد خلقنا لنعيش ولدينا شيء اسمه جهاز المناعة السلوكي، وهو بمثابة خط الدفاع الأول للتقليل من انتشار المرض؛ ما أدى إلى نوع من التباعد الاجتماعي الغريزي؛ منطلقين من مبدأ البقاء سالمين بدلاً من الإحساس بالندم.


أعتقد أن كل الناس عبر العالم لم يتقبلوا التعايش في الحجر المنزلي؛ ما أودى بهم أحياناً كثيرة إلى الحزن والخوف وحتى كآبة جماعية وضغوطات نفسية خارج السيطرة؛ خاصة مع هذا الكم من الإعلام العالمي والتواصل الاجتماعي المليء بإحصائيات مخيفة عن الإصابات وعدد الوفيات.
هنا للأسف الحكومة البريطانية لم تتخذ أية إجراءات سريعة للحفاظ على سلامة المواطنين بالمقارنة مع المملكة المغربية مثلاً.


* بحكم خبرتك في التوجيه النفسي، ما هي الحالات التي خلقها الحجر المنزلي؟
- تختلف من شخص لآخر، وتتوقف على مدى الاستجابة للتوجيه الصحي أو الاستشارات النفسية.
الحالات التي خلفها الحجر المنزلي كثيرة، مادية واقتصادية واجتماعية ونفسية، سنتطرق إلى الجانب النفسي الذي خلق شعوراً بالخوف على سلامة صحتنا وعلى سلامة صحة عائلتنا أهالينا وأقاربنا، الغضب، الملل، الاكتئاب، الإحباط، القلق، الوسواس، عدم الشعور بالأمان، الوحدة.


كل هذه الأعراض لها انعكاسات سلبية على الإنسان؛ مما أدى إلى ارتفاع حالات العنف الأسري.
هنا في بريطانيا وصل معدل ارتفاع العنف إلى 26%، وهي نسبة جد مرتفعة في وقت قصير، وفي حالة استمرار الأمر كما هو عليه الآن؛ فإن العدد سيتضاعف إلى ثلاث مرات بسبب التوتر المتصاعد بين الأزواج، الناجم عن النقاشات الحادة فيما بينهم.


*هل ترَين أن للوباء أوجهاً إيجابية، وكيف؟
- بالطبع هناك أشياء إيجابية من خلال هذا الحجر المنزلي، وهو تقدير وتثمين العلاقات الاجتماعية والإنسانية؛ حيث ظهرت عدة مبادرات إنسانية لتقديم مساعدات للآخرين وخاصة لكبار السن الذين يعيشون وحدهم، وأيضاً ظهرت عدة فعاليات لمواقع التواصل الاجتماعي عبر العالم، تحث على نشر ثقافة التضامن الإنساني والتسامح وإنتاج الأمل.


* كيف يمكن في نظرك تحمل البقاء في المنزل؟
- البقاء في البيت لعدة أيام أو أسابيع أو شهور ليس أمراً اعتيادياً بالنسبة لعامة الناس، أيضاً تختلف من شخص لآخر حسب طبيعة عمله الوظيفي ونشاطاته، ولكل منا طاقة للتحمل تختلف من شخص لآخر،
أهم شيء هو التأقلم والتقبل لهذا الحجر المنزلي والتعامل على أساس أنه مؤقت.

 

نصائح خلال الحجر المنزلي


* بما تنصحين الأزواج في التعامل مع هذا الاستثناء التاريخي؟
- هناك ارتفاع عدد كبير من المشاكل الزوجية خلال هذا الحجر المنزلي كما سبق الذكر، بسبب الضغوط النفسية والتوتر؛ خاصة إذا كانت العلاقة الزوجية غير صحية قبل الحجر المنزلي، وهناك احتمال لزيادة نسب الطلاق.
لذا لا بد للأزواج من الحفاظ على التوازن داخل البيت، والحفاظ على مشاعر الآخر، مع الابتعاد عن لغة اللوم التي تؤدي إلى خلق الصراع.


يجب احترام المسافة الشخصية التي يصنعها الشخص لنفسه، ليس بالضرورة أن يتفق الزوج مع زوجته على مشاهدة نفس البرامج، من الأفضل أن يمارس كل منهما هوايته المفضلة داخل البيت، مع تجنب الطلبات الملحة الآنية، ولا بد من ضمان نوع من الاستقلالية داخل البيت، مع خلق جو ترفيهي مثل: سماع نوع من موسيقى مختلفة عما تعودت آذانهم، تنظيم حصص غناء ورقص مع الأطفال وهكذا.


* هل الغربة زادت من حدة الحجر، من خلال تعاملك مع المهاجرين كيف يعيش المغترب الوضع، وكيف يمكن تجاوزه عملياً؟
- بالطبع الغربة زادت من حدة الحجر المنزلي بسبب الخوف من الموت بعيداً عن وطنهم وعن أهاليهم، الخوف أن يموت الإنسان داخل الحجر المنزلي دون أن يعرف عنه أحد.
المغترب خطط لغربته ولكل المشاكل التي قد يتعرض إليها إلا هذا الفيروس الطارئ، لم تعد هناك أنشطة أو تجمعات تجمعنا وتخفف عنا معاناة الغربة.


فهو يعيش الآن حالة ترقب وخوف من المجهول، بعضهم معلق بين إدارة الهجرة لتسوية أوضاعه، بمن فيهم الطلبة المهاجرون؛ حيث أُغلق العام الدراسي إلى إشعار آخر.
أيضاً هناك بعض اللاجئين يعيشون داخل مراكز في مساحات ضيقة وظروف صعبة.


* هل من وصفة يمكنك تقديمها للأسر لأجل أن يمر الحجر بسلام؟
- أول شيء يجب عدم حساب الأيام، والابتعاد عن التفكير في التوقعات المفترضة.
الحفاظ على المودة والحب والاحترام، إطلاق العنان للمشاعر الطيبة.
الابتعاد عن تبادل اللوم واستفزاز مشاعر سلبية.


* هل تتوقعين أن يخلف الحجر أزمات نفسية حادة؟
- بالطبع ستكون هناك نتائج سلبية نفسياً، قد يصاب الشخص بحالة الوسواس القهري، أيضاً مشاكل نفسية وقلق حاد بسبب فقدان الوظائف والمشاريع، وأزمات اقتصادية التي لها عواقب سيئة على نفسية الإنسان.


* ما هي الوصفة الضرورية في تقديرك للخروج بأخف الأضرار الممكنة؟
- أتوجه بشكل خاص للسيدات وأقول، أنصحك سيدتي باستفزاز روحك المرحة دوماً، وخلق جو من المرح والبسمة مهما حصل.
بالطبع لا توجد وصفة سحرية فالوضع صعب، لكن الوصفة الضرورية هي التشبث بالأمل والإيمان بأن بعد العسر يسراً.