كشف أسرار جديدة عن الحيوانات المحنطة في مصر القديمة

خبيئة أثرية، تكشف أسراراً جديدة عن تحنيط الحيوانات في مصر القديمة
خبيئة أثرية، تكشف أسراراً جديدة عن تحنيط الحيوانات في مصر القديمة
خبيئة أثرية، تكشف أسراراً جديدة عن تحنيط الحيوانات في مصر القديمة
خبيئة أثرية، تكشف أسراراً جديدة عن تحنيط الحيوانات في مصر القديمة
5 صور

الدراسات والبحوث المستمرة، والكثيرة حول عالم الفراعنة القدماء، وفحص أهم ما تركته تلك الحضارة الغامضمة من آثار ومومياءات، تفصح لنا مع كل اكتشاف، عن أسرار ومعلومات جديدة عن ذلك العالم، ومؤخراً كشف الدكتور محمد يوسف، مدير منطقة آثار سقارة، إن اكتشاف خبيئة من الحيوانات المحنطة المقدسة بمنطقة سقارة، يعكس اهتمام المصريين القدامى بالحيوانات وتقديسها وربطها برموز دينية مختلفة.


وأضاف يوسف، خلال تصريحات أدلى بها، أن المصري القديم لم يهتم فقط بتحنيط الأشخاص، وإنما اهتم كذلك بتحنيط الطيور والحيوانات وإنشاء معابد لها؛ لما تحمله من رموز دينية بالنسبة إلى المصريين خلال هذه الحقبة التاريخية.

 

اكتشاف حيوانات محنطة في مقبرة فرعونية

اكتشاف حيوانات محنطة في المقابر الفرعونية


بدوره قال الدكتور مصطفى وزيري -الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الذي قاد الفريقَ الذي عثر على المقبرة، المعلن عن اكتشافها في 23 نوفمبر الماضي- إنه جرى الكشف عن مئات من مومياءات القطط في صناديق أو توابيت صغيرة، عليها نقوش هيروغليفية وهي في حالة جيدة من الحفظ.

ذلك بالإضافة إلى 25 صندوقاً خشبيّاً، أغلبها يحوي مومياءات لقطط عليها بعض الكتابات الهيروغليفية، و75 تمثالاً خشبيّاً لقطط من مختلف المقاسات، و25 تمثالاً لقطط كبيرة الحجم، أكبرها تمثال بارتفاع 85 سنتيمتراً، وكذلك 73 تمثالاً من البرونز للإله أوزوريس، و4 لقطط من البرونز، و6 تماثيل خشبية للإله بتاح سوكر، و7 تماثيل خشبية للإلهة سخمت من الفيانس، و3 أخرى لتماسيح من الخشب، بعضها يحتوي على مومياءات لتماسيح، وتابوتين من الحجر الجيري عليهما نقش باسم الإلهة باستت وبداخلهما مومياوات لقطط، ولوحة حجرية عليها اسم الملك أبسماتيك الأول (الأسرة 26)، وصندوق خشبي فيه قناع عليه بعض التذهيب بداخله تمثالين لسيدتين برأس كوبرا، و10 تماثيل خشبية لأشخاص بملامح أجنبية.

 

الاكتشاف الأهم

الأسود المحنطة


لكن الأهم ضمن ما جاء في محتويات هذا الكشف، أن بعض المومياءات الضخمة المكتشفة للقطط يرجح أن تكون لأشبال أسود، وهو أمر يحدث للمرة الثانية، إذ جرى الكشف في عام 2004 عن هيكلين عظميين لأسود في جبانة تونة الجبل بمحافظة المنيا.


ووفق صبري فرج، مدير منطقة آثار سقارة؛ فإن هذه المومياءات الحيوانية المكتشَفة ترجع إلى العصر الفرعوني المتأخر بين عامي (664 و332 قبل الميلاد)، في حين ذكرت بعض المواقع أنها تعود إلى عصر الأسرة السادسة والعشرين (664 –525 ق. م)؛ بسبب العثور -ضمن محتويات الكشف- على لوحة حجرية تحمل اسم الملك أبسماتيك، مؤسس الأسرة السادسة والعشرين.


وقالت سليمة إكرام، أستاذة الآثار بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وهي واحدة من اثنين من المتخصصين الذين استعانت بهما وزارة الآثار، لإجراء الدراسات العلمية المبدئية للمومياءات المكتشفة، في تصريحات خاصة لـ«للعلم» إنها قامت باستخدام الأشعة السينية في دراسة الحيوانات دون فك لفائف التحنيط الموجودة حولها، وكذلك الفحص الميكروسكوبي، وذلك من أجل تحديد نوع الحيوانات ومعرفة كيفية تحنيطها، ووفق «إكرام» فإن هناك 2 من المومياءات يرجح بنسبة 95% أنهما لأشبال أسود، تتراوح أعمارهما بين 6 و8 شهور.


وأكدت ضرورة مواصلة الدراسات باستخدام الكربون المشع 14 لتحديد عمرها بدقة، وكذلك إجراء فحوصات بالأشعة المقطعية وتحليل دي إن إيه DNA؛ حتى نتعرف أكثر على العلاقة التي كانت سائدة بين الحيوانات البرية الخطرة والمفترسة وبين المصريين القدماء؛ مشيرةً إلى أن هذا الكشف يمكن أن يقودنا إلى مناطق جرى فيها الاحتفاظ بالأسود داخل مصر، إذ أن العثور على أسود محنطة في هذا العصر، يُعَد أمراً نادراً جدّاً.\

 

أسباب تحنيط الحيوانات عند الفراعنة

الحيوانات المحنطة في سقارة


تحنيط الحيوانات عند قدماء المصريين كان له عدة أسباب: أولها تحنيط الحيوانات المدللة التي كانت تُدفن مع أصحابها، والسبب الثاني هو الحيوانات المحنطة التي كانت توضع كاملةً أو مجزأة في المقبرة كرمز لإطعام المتوفى في حياته الأبدية؛ مضيفةً أن ثالث الأسباب هو أن بعض هذه الحيوانات كانت مقدسة، والسبب الرابع هو أن تحنيطها لتقديمها كنذور.


ووفق الخبيرة؛ فقد كان المحنِّط يتخلص من الأحشاء بعد إخراجها من جسد الحيوان، على عكس ما كان يحدث في حالة تحنيط البشر، إذ كانت الأحشاء تحنط أيضاً بعد إخراجها من الجسد؛ لتوضع في أوانٍ خاصة تدعى الأواني الكانوبية (أوانٍ فخارية مخصصة لحفظ أحشاء المتوفى في أثناء عملية التحنيط وتوضع معه في القبر)، وكان الاستثناء من هذه القاعدة، أحشاء الطيور التي كانت تعود إلى الجسد بعد تجفيفها، وكانت أحشاء الثور المقدس «منيفيس» توضع في أوانٍ كانوبية مثل البشر.

وبينت الخبيرة أنه بعد إخلاء جسد الحيوان من أحشائه، كان الجسد يُغسل ويجفف في ملح النطرون، وكانت عملية التجفيف تستغرق 40 يوماً، في حين يحتاج إتمام عملية التحنيط إلى 70 يوماً، ويرجح أن هذه المدة كانت تختلف في حالة الحيوانات الأصغر حجماً، وبعد التجفيف كان الحيوان يدلك بزيوت مختلفة لإعادة الليونة إلى أعضائه، قبل لفه في اللفائف الكتانية وتحضيره للدفن.


ورغم كل الكشوف التي تمت على مر الأزمان، إلا أن هناك أسراراً للمصريين القدماء لم يزح عنها الستار بعد، ربما ستتيح لنا الصدف والتكنولوجيا كشفها؛ لنضيفها إلى معارفنا وعلومنا.