نعمة "كوفيد"..  دفء العائلة والأصدقاء

سارّة خليفة
سارّة  خليفة
سارّة  خليفة


لوهلة سيبدو العنوان مستفزاً، أي نعمة تُرجَى من فيروس أفرغ العالم من مرحه وطمأنينته، الفيروس اللامرئي الذي جعلنا لا نخرج من بيوتنا إلا مكممي الوجوه يتوجس منا الواحد حتى من يديه وأنفه،كيف صار أنفك عدواً لك؟

لكن ودفاعاً عن الروح العالية الواجب الحفاظ عليها لأجل المقاومة سأحاول هنا أن أركز لكم على نصف الكأس الممتلئة، كأس كوفيد السّامة ككأس سقراط قد وجدت لكم بها بلسماً.
أكتب إليكم بنصف شفاء، فقد قالت أوراق الطبيب إنني لا أزال إيجابية، وأغتنم فرصتي هذه لأوزع عليكم من طاقتي الإيجابية، أليست كلمة مبهجة! 
أستغرب كيف يربطونها بالإصابة بالفيروس. بدأ الموضوع ببحة خفيفة وألم في الحلق، تلته حمى شديدة ثم صارت الحمى عكسية، فوصل بي الأمر إلى النوم بطبقتيْ ملابس رغم أن بيتي دافئ جداً، كانت عظامي تصطك من شدة برودتها وهكذا نمت لليلتين. 
صحوت في اليوم الثالث من دون صوت، خفّ التّعب قليلاً، توجهت إلى الطبيب مرة أخرى، وحللت تخثر الدم، أخذت المزيد من إبر الكورتيزون وعدت إلى بيتي، كنت أقود سيارتي خلف سيارة أخي بصحبةً أمي وأختي وكنت كأنني أراهم بعد فراق طويل، لماذا نصبح عاطفيين في المرض؟ مالم يتوقف طيلة كل هذا هو اتصالات العائلة والأصدقاء، من قال إن كوفيد أغلق عنا بيوتنا فقد كذب، نظمت العائلة نفسها بنفسها فصرت أجد كل يوم عند باب البيت كل حاجياتي حتى التي لم أطلبها، ترسل ماما أكلي المفضل، وتحرص خالتاي على إحضار كل ما يخطر ببالهما، كذلك يفعل إخوتي، وكذلك يفعل أبي.
 نعمة كوفيد التي شعرت بهاكانت دفء العائلة ومحبة الأصدقاء الذين لم ينقطعوا عن الاتصال بي طوال فترة وعكتي، ويصر الطبيب منهم على رؤية التحاليل، وتأتي رسائل البقية المطمئنة بوقتها دائماً، إننا نواجه ما نواجهه بحياتنا فرادَى راضين بأقدارنا؛ لكننا حين الوهن والمرض يدفئ قلوبنا يجتمع من حولنا الأحبة والأصدقاء .