من الارتقاء بالذات إلى تطوير المجتمعات

ريم بن كرم 

 

العمل على تمكين المجتمعات بمختلف منظوماتها الفكرية والعلمية والاقتصادية وحتى تلك التي تتعلق بطبيعة العلاقات بين الأفراد بعضهم ببعض أو بينهم وبين المؤسسات، تبدأ من الارتقاء بالذات وتطويرها، فكل شخص يمثل نموذجاً لمجتمعه، ويشكل بصفاته سمةً من سماته، فإذا كان الأفراد بمجموعهم مبادرين ومبتكرين، يؤمنون بالتعاون والتماسك والشراكة، سيكون المجتمع كذلك بالنتيجة، وإذا امتلكوا الخبرات والمهارات والمعارف المتنوعة، ستترسخ منجزاتهم وتزداد ويحفظون لأنفسهم مكانة متقدمة بين الأمم. 

"كن أنت كما تريد أن يكون عليه مجتمعك"، قد تبدو هذه المقولة بدهية للوهلة الأولى، ولكن التجربة أثبتت أنه لا بد من التذكير بها باستمرار حتى نختصر مسيرة التمكين والارتقاء والاستدامة، هذه البدهية بالذات تشكل إلهاماً وحافزاً للمرأة والرجل على حد سواء من أجل أن يعملا وفق قاعدة ابدأ بنفسك أولاً، ومن أجل أن ندرك أن ترجمة واجبنا تجاه مجتمعاتنا تنطلق من الفرد ذاته، فيبدأ بتطوير قدراته وصقل مواهبه لأنه يشكل جزءاً من الثروة البشرية لبلده ومجتمعه.

في هذا السياق قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً إقليمياً وعالمياً مبدعاً، فجميع مظاهر التقدم والرقي والإنجاز والاستدامة، تحققت نتيجة دعم قيادتنا ورعاية مؤسساتنا لمواهب الأفراد وقدراتهم وطاقاتهم، فأصبح بناء الفرد مدخلاً لكافة أشكال البناء الأخرى، ومع مرور الوقت ترسخت في إماراتنا الحبيبة علاقة تبادلية بين تطوير الفرد والبيئة المحيطة به، فهذه البيئة المتطورة تدعم تطوير الفرد والعكس صحيح أيضاً.

نحن في مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة نعمل بتوجيهات ورعاية سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة، على تطوير قدرات المرأة وتطوير البيئة الحاضنة في الوقت ذاته، فعملنا لا يستهدف الفتيات والسيدات فقط، بل ويستهدف ترسيخ دعائم بيئة صديقة لعمل المرأة وريادتها الاجتماعية والاقتصادية في الوقت نفسه.

إن جوهر عملية الارتقاء بالمرأة وقدراتها ومواهبها، يكمن في تعزيز الإيمان بالذات وفهم العلاقة بينها وبين المجتمع الذي يصقل الثقافة الفردية بالقيم النبيلة ويدمجها بالثقافة العامة، فتصبح المفاهيم والطموحات والممارسات متشابهة إلى حد بعيد بين أفراد المجتمع، وهو ما يرسخ الهوية التنموية لمسيرتنا كونها مسيرة مجتمع ودولة وأفراد ومؤسسات.