كبار السن والجائحة

الدكتورة دنيا أحمد 

 

لطالما مر البشر بدورة الحياة التي توصلهم إلى مرحلة الشيخوخة والكهولة، ويخسرون الكثير من صحتهم وذاكرتهم والتي تقلل من نشاطهم وجمالهم، فنرى كثيراً من المفكرين والعلماء منهم ينسون أبسط الأمور، ونجد في الوقت نفسه علوماً كثيرة تختص بدراسة هذه المرحلة العمرية وتضع لها تدابيرها من زوايا مختلفة سواء طبية أو نفسية أو اجتماعية.

وتختلف المجتمعات والدول والأسر في التعاطي مع هذه المرحلة، فمن بينهم من يعزلهم كفئة في مستشفيات؛ ليتلقوا العلاج المناسب أو في دور إيواء تتفاوت في مستوياتها من تقديم الخدمات لهم من الأساسية إلى الخاصة منها، والتي قد تكون بمثابة فندق راقٍ يراعي جميع الخدمات والاحتياجات وتضمن لهم صحبة مع من هم في سنهم وفئتهم.

وآخرون يبقونهم في بيوتهم مع زيارتهم ووجود خدمات متفاوتة تقدم لهم مثل وحدات متنقلة تقدم في بعض الدول، وإعطائهم أجهزة للاتصال السريع في الحالات الحرجة، أو تكليف أحد المحيطين للمتابعة. والميسورون يوفرون شخصاً معنياً بالرعاية وأحياناً يكون ممرضاً.

بينما آخرون يستمرون في العيش مع كبار السن والذين يبقون جزءاً مهماً في تركيبة الأسر الممتدة، بينما هناك من ينقل كبار السن للعيش مع الأبناء المستقرين ليشكلوا حجراً للعوائل الجديدة من الأجيال الشابة. وتتفاوت جميع المناهج بحسب ثقافة الدول والمجتمعات والأسر والظروف الاقتصادية والمعيشية وصحة المسنين.

ونجد أنه في الجائحة الأخيرة التي يمر بها العالم اليوم، لم ينجُ المسنون من إسقاطاتها وتداعياتها، حيث إن كل فئة من الفئات تأثرت بطريقة أو بأخرى، فنجد دور المسنين منعت الزيارات، وقل التزاور بين الأشخاص وقل التواصل الجسدي والشخصي، وإن كان العالم استعاض بذلك باستخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل وغيرها من البرامج، التي يجهلها كثير من جيل المسنين، ومن يعرفها وتتوافر لديه لا يعدّها بديلاً للتواصل الفعلي.

ويبقى عالمنا العربي والإسلامي رحباً على الرغم من مضاعفات كورونا، حيث إن كبار السن يبقون معنا، ووجودهم ضروري ولازم وسط أسرنا وفي بيوتنا ومع أفراد العائلة في تواصل عائلي ممتد يمنحهم فرصة للسعادة من خلال اللعب مع الأطفال والحركة وتجديد التواصل الجسدي والدعم النفسي الذي يحتاجه كبار السن، وخصوصاً من يسكن في أسر ممتدة أو مع أبنائه، وبعد أن تحول العمل إلى المنزل أصبحوا يقضون وقتاً أطول مع أبنائهم وأحفادهم.

مازال علينا دين كبير لكل كبير من أسرنا من أمهاتنا وآبائنا وأجدادنا وكل من قضى سنوات عمره من أجلنا، ولعل "كورونا" قدمت فرصة لنا لحمايتهم ورعايتهم ورد جزء من الجميل لهم.