صناعة السعادة في الأزمات

ابتهاج خليفة

 

عندما نتحدث عن السعادة دائماً ما نربطها بأيام الرخاء والرفاهية، ونتناسى الأزمات التي قد تعصف بحياتنا وكم نحن بحاجة إلى التفنن في صناعة السعادة فيها، حيث تقوى عزيمتنا وإرادتنا ونحن نتخطى التحديات في تلك الأزمات، كم نحن بحاجة إلى أن نستشعر نعم الله حولنا في الأيام العصيبة لندرك معنى الشكر والامتنان لرب العباد، ولن يتأتى ذلك إلا بإحاطة نفسنا بجو مفعم بالإيجابية ورفع مؤشرات الرضاء والقبول الذاتي وبالتالي الوصول إلى مؤشر السعادة الذي نطمح إليه.

ولعل ما مرت به البشرية منذ 2020 حتى يومنا هذا من جائحة كادت أن تفتك بالكرة الأرضية لولا لطف الله ورعايته لنا، وكما رأينا الجميع أصبح في عنق الزجاجة وأصبحت أمنية الجميع هي الخروج بسلام من تلك الزجاجة، يا ترى ما السبيل في ذلك في ظل الأفكار والوساوس السلبية التي اقتحمت العقل الباطن لمعظم أفراد المجتمعات؟، وكيف نستطيع أن نحول المحنة إلى منحة ربانية؛ نستخرج منها الطاقة الإيجابية.

نستطيع أن نتفنن في صنع كل ما يسعدنا في أزماتنا عندما نتبنى التفكير الإيجابي كمنهج في حياتنا معتمدين على عناصره، وهي الإيمان بأن الله وحده هو مسير أمورنا وفي يده مفاتيح الغيب التي نجهلها، وأيضاً نبتعد عن لوم النفس والاستفادة من كل موقف وتجربة مررنا بها في تلك الأزمة والابتعاد عن العقول السلبية التي تغلق أمامك كل أبواب الأمل، والنظر إلى النصف الممتلئ من كوب الماء والذي سيؤدي إلى الإبداع في رسم أهداف حياتنا المرنة؛ متبنين قيمة العطاء وهو أحد مفاتيح السعادة؛ حيث أن التطوع هو أرقى أنواع العطاء الإنساني، وقد رأينا خلال الفترة السابقة كيف تسابقت الفرق التطوعية في إطلاق المبادرات المجتمعية التي أسهمت في صناعة السعادة المجتمعية، عندما تستيقظ يومياً من نومك اهمس همسات إيجابية في أذنك كل صباح ومساء بأنك على قدر من المسؤولية وبأنك قادر على تحقيق ما تسعى إليه وصناعة النجاح لنفسك، ومساعدة من حولك على الوصول للنجاح بأهداف واقعية وواضحة متلائمة مع الحدث الذي نعيشه مبتعداً عن الماديات والبذخ الذي قد يشوش المعنى الحقيقي للسعادة.. حفزوا بعضكم البعض وانشروا ثقافة الامتنان بين مجتمعاتكم، لا تبخلوا بتقديم الدعم النفسي لبعضكم وبث روح الطمأنينة، وابتعدوا عن الإعلام السلبي الذي كاد أن يدمر عقولنا ويغذيها بالأفكار السلبية، لنستمتع يومياً ببزوغ الفجر وشروق الشمس، ونحمد الله على أننا ما زلنا قادرين على إحداث التغيير، حافظوا على صحتكم فالصحة سر سعادتنا، ولنغذِّ عقولنا بالقراءة ومواكبة المستجدات لنستطيع العيش بأمان في ظل التحديات، ولتكن القوة الناعمة هي الغالبة على تعاملاتنا في مؤسساتنا وعلاقاتنا الأسرية؛ لنستطيع تحقيق التوازن في عجلة حياتنا.