الحياة أبسط بكثير مما نعتقد، والتعقيدات التي نمر بها قد تكون أحياناً تعقيدات نجرها على أنفسنا بسبب توقعات وهمية ألزمنا بها أنفسنا من دون وعي كافٍ ومن دون أن نتحدى الأصل فيها ولا الهدف منها، فتصبح هذه التوقعات أكبر مسببات عدم الرضى والسعادة في حياتنا.
منذ ولادتنا، أو حتى قبل ذلك، يصاحبنا خليط من التوقعات أينما ذهبنا، ابتداءً من البيت، ومع الأهل، وفي الدراسة، والعمل، وفي الزواج، وكوالدين أو أبناء وكأن بيننا وبين التوقعات علاقة ممزوجة بالحب والكره في آن واحد. فنحب توقعاتنا ونتباهى بها عندما تتحقق كما "توقعنا" من أنفسنا أو من غيرنا ونشعر بالسعادة والرضى عن أنفسنا ومن حولنا. وتظهر علاقة الكره معها عندما نفشل في تحقيق ما توقعناه لأنفسنا أو يخذلنا من يهمنا أمرهم بموقف أو كلمة، وبالتالي نشعر باليأس والإحباط والحزن أحياناً.
لكن من الذي يقرر أن هذه التوقعات هي الأنسب لنا وما هي التوقعات أصلاً؟ هل نحن من نفرضها على أنفسنا؟ أم هل تُفرض علينا من طرف آخر؟.. فهل ممكن أن تكون التوقعات مجرد أفكار مرت علينا فرحبنا بها أو سمعناها من غيرنا وورثناها لسبب أو آخر، ثم تمسكنا بها بشدة واستضفناها في دواخلنا حتى أصبحت من "حمام الدار" وجزءاً لا يتجزأ من هويتنا؟ ماذا لو عشنا بلا توقعات؟ ماذا لو تحررنا من كل ما يقيدنا أو يحبطنا من أفكار ومن متطلبات مادية؟ ماذا لو لم يكن لدينا أي توقعات من الآخرين؟ هل ستصبح حياتنا أفضل؟ هل نستطيع أن نفرق بين توقعاتنا وأهدافنا الحقيقية في الحياة؟ فالأهداف التي نود أن نحققها، والرسالة التي نؤمن بها والبصمة التي نريد أن نتركها خلفنا نجدها متسقة تماماً مع حقيقتنا وقيمنا، أما التوقعات ففي الأغلب يكون مصدرها من اللاواعي الذي يحركنا بناءً على برمجياتنا وما يعتقد المجتمع أنه ضروري. أما أنا فأؤمن أن رسالتنا وأهدافنا هي الجديرة بوقتنا وطاقتنا ونتمكن من تحقيقها "بمليون" طريقة وبأكثر من أسلوب مختلف، أما كثرة التوقعات فتفرض علينا طريقة أو طرق محدودة تحصرنا بها وتأسر من خلالها أحلامنا.
وفي الواقع قد لا أكون راضية عن نفسي أو عن عملي وأدائي بعض الأيام، ولاعن بعض الأشخاص في حياتي، ولكني أصبحت أدرب نفسي لأجد "مليون" طريقة وسيناريو للوصول لما أريد... فهل توقعاتنا من أنفسنا ومن غيرنا تعيق رؤية المساحة الأوسع في حياتنا والتي يتسع فيها أفقنا وتتزايد فيها الاحتمالات التي قد ترضينا وتسعدنا؟ ما هي توقعاتنا التي يمكننا الاستغناء عنها...؟ وهل تغيرها سيفتح لنا أبواباً جديدة في حياتنا؟