تعددت النسخ

مها الأحمد 

 

في أحد المرات استوقفتني عبارة "كن أفضل نسخة من نفسك" لوهلة لم أتقبلها، ولكن بعد أن كررت ترديدها ومحاولة أخذها على المحمل الإيجابي، وجدت أنها لا تدعو للشخصية المزدوجة أو متعددة الوجوه والنوايا بل إنها بمعناها البسيط ترمز إلى التحسين المستمر لكل ما فينا من صفات تشبهنا ونملكها.

 هي لا تعني التغير الجذري فهذا معقد وصعب الحدوث، بل هي فقط تقصد التهذيب المحدود الذي يصقل الزوائد التي لا نرغب بها حقاً ولا نرحب بوجودها ومرافقتها لصفاتنا وطبائعنا.

كن أفضل نسخة من نفسك..  لو فكرنا أن نسأل أنفسنا متى وكيف يا ترى نقرر أن نطلق على أنفسنا ونصفها بأنها في هذه اللحظة هي في أحسن أحوالها؟! هل توقعتم نوع الإجابات التي سنُلقيها على طاولة هذا السؤال؟!

من هي نسختي الأفضل؟!! وهل هي الأخيرة  أم أنه مع مرور الزمن ستتأثر بالعوامل الخُلقية وتصبح مهترئة وبحاجة إلى تحديث عاجل لما وصلت إليه؟!

وهل من الصحيح أن يحكم ويُجيب عن هذا السؤال أحد غيرنا، فيحدد على لسان حالنا متى نكون أفضل؟!

الجواب الأكيد الذي يجب علينا أنه نصدقه هو أننا فقط من يملك حقيقتنا!

 ماذا نشعر؟ ماهي أسوأ صفاتنا وأحسنها؟ سر ابتسامتنا المفاجأة، الكلمات التي اختبأت في لحظة صمت غير متوقعة وإلى أين ذهبت!؟ الجمل التي قيلت من دون تفكير إلى ماذا تشير؟!

درجة الألم الذي نصاب به، أصواتنا هل هي مبتهجة، مترنحة أم مستسلمة؟

تماسكنا إذا كان حقيقياً أو ادعاء؟! نظراتنا متى ترتبك وإلى من تنظر وعلى ماذا تدل؟!  الصدق في رواياتنا نحن من نثبته أو ننفيه أو نراوغ فيه، ما هو السبب الوحيد لتأخر قراراتنا الخوف، التردد، التأني أم اللا شيء؟!

جودة ونسبة الملوحة في دموعنا، كلها أمور نحن فقط من نعرفها عزّ المعرفة عن أنفسنا.

 

نسختنا الخَلقية أو الخُلقية الأجمل أو حتى الأقل جمالاً هي لنا وحدنا، نحن من نحددها ونطلق عليها ما نشاء، حقيقتنا ظاهرة لنا وكل الأدلة بأيدينا وحدنا.

"نحن الأجمل شكلاً وطلة حتى وإن اختلف على هذا الكثيرون، والأفضل خُلقاً فقط إن أردنا نحن ذلك".