يختلف البشر في أفكارهم وأطباعهم ونمط حياتهم، كما يتفاوتون في درجة مخاوفهم ونوعيتّها، فالبعض يخاف من المرتفعات أو المغامرة بحدّ ذاتها، والبعض الآخر يخاف من الحشرات الصّغيرة. وهنا يتبادر إلى أذهاننا أسئلة متعددة: ما سبب الخوف من هذه الأمور؟ ومن أين يتولَّد هذا الشّعور وكيف؟ وهل نسبته ثابتة أم أنّها متفاوتة من شخصٍ لآخرَ؟
تتوقف الإجابة وفق ما نعايشه أو نشاهده، فالمغامرون الذين يصعدون الجبال الشاهقة هؤلاء لا يتأثّرون بالارتفاعات، ولا يأبهون لها، بل يستمتعون بذلك وكأنّهم يمشون على أرض منخفضة، وبالمقابل نجد أشخاصاً يشعرون بالخوف الشّديد لمُجرّد ذكر هذه المناطق.
الرهاب يأتي نتيجة لموقف معيّن، حصل منذ زمن بعيد في الصّغر مثلاً، أو نتيجة صدمة تعرّض لها الإنسان، واستمرت آثارها حتى الكَبر، كانفجارٍ أو موقفٍ كانت عواقبه سلبية، وولّدت شعوراً بالخوف. الرّهاب يأتي من الجينات أي بمعنى أنَّ دماغ الطّفل الصّغير يحفظ كل ما يراه ويُعايشه من معاناةٍ وألمٍ، سواء أكانت هذه المعاناة داخل أسرته أم خارجها، ما يولّد لديه ردّة فعلٍ معينة، أو رهاب من أمر ما. والرّهاب له أنواع، أقوى وأكبر أنواع الرّهاب هو ذلك الّذي يتعرّض له الإنسان من خلال التّحدّث أمام الملأ والجمهور الكبير. والرّهاب من المرتفعات، والخوف من المهرّجين وأفعالهم التي قد لا يستوعبها البعض. كما وُجِدت أنواع أخرى من الرّهاب، وهي الخوف من الموت أو الضّحك أو الأكل، وبالتالي يختلف الرّهاب حسب الأشخاص، وليس الرّهاب واحداً لدى الجميع.
أما علاج الرّهاب فهو بمواجهة ما نخاف منه، فالمواجهة وسيلة رائعة لتحدّي النّفس. إضافة إلى اللجوء لشخصٍ ما أو اختصاصيّ للتحدث عمّا في داخله بخصوص هذا الموضوع، والمناقشة البنّاءة، حيث أن حالة الرّهاب تكون وليدةً في الصّغر ومن العقل اللاواعي، وليست حديثة المنشأ، وبالتّالي يجب العمل للتّخلّص منها؛ حتى ينشأ الطّفل نشأةً سليمةً، ويكون إنساناً متوازناً فعّالاً في المجتمع، وبعيداً عن السّلبيّة التي تعيق عمله وتدمّر حياته. كما أن الاندماج ومشاركة الآخرين ما يعانون منه والاستفادة من تجاربهم - سواء الحزينة أو السّعيدة - تساعد الإنسان على تخطّي ما هو فيه، والتّعلّم من تلك التّجارب ما يساعده على التّخلّص من الرّهاب والشّفاء منه