النيّة الصّافية

الدكتورة مايا الهواري

 

النّيّة الصّافيّة الخالصة لوجه الله هي السّلاح الفعّال للتّوفيق في الأعمال، فمتى كانت النيّة صَافية كانت نتيجة الأعمال مبهرة، يقول النّبي الكريم في الحديث: "إنّما الأعمال بالنّيّات وإنّما لكلٍّ امرئ ما نوى"، فالله تعالى يجازي الإنسان على نيّته، فإن كانت نيّته لعمل الخير أخذَ ثوابه وإن لم يعمله، وعلى قدرِ صفاءِ النّيّة تكون صفاء النّتائج، أمّا النّيّة التي تشوبها المصلحة والماديّات فإنّ التّوقعات النّهائية ستكون ماديّة أيضاً، وبالتّالي درجة الخذلان ستكون مرتفعة، ذلك أنّ الأعمال المبنيّة على المصالح هي أعمالٌ هشّة مؤقّتة غير ثابتة، وهذا ما نستخلصه من قول: [صفّوا نيّاتكم]، فالنّيّة الخالصة لوجه الله غير مشوبة بمصالحٍ خارجيّة متّصفة بالإخلاص بعيدة عن الرّياء والمفاخرة هي عملٌّ صالح دائمٌ حتى ولو كان صغيراً.

ومن منظورٍ آخر نجد أنّ تقديم المساعدة للآخرين في جوهره رضى الله تعالى أولاً، ومن ثمّ تقديم المساعدة، فهي وسيلة يتمّ من خلالها الوصول لغايةٍ أسمى وأعلى مرتبةً هي رضى ربّ العباد على العباد، وهذا الرّضى لا يقدّر بثمنٍ.

إنّ شعور الإنسان بالرّضى الدّاخليّ سيجعل سقف الخذلان في أدنى درجاته، فالخذلان شعورٌ صعبٌ جداً يزرع داخل النّفس بذورَ الحزنِ، ومتى كان الهدف الأساسيّ من تقديم يد المساعدة هو رضى الله تلاشى هذا الخذلان واندثر ذلك أنه طبعٌ من طبائع البشر يتجلّى في النّفس الإنسانيّة بعدّةِ صورٍ منها: الخذلان الذي مصدره الحبّ من طرفٍ واحدٍ من دون علم الآخر بحبّ الأول له، ومن ثمّ عدم مبادلته ذلك الحبّ سيولد شعوراً يتوسّط  القلب ويملؤه حزناً، وبالتالي ستكون درجة الخذلان مرتفعة إلّا أنّه مع ترافق هذا الحبّ بالنّيّة الصّافية وأنّه على يقين أنّ الله لن يخذله، وأنّه سيعوّض صاحبه بالأفضل ويُحسِن إليه ويجبر كسرَ قلبه بما هو أهلٌ له، ذلك أنّ الأعمال الممزوجة بنيّة خالصة لله صافيةٍ ستكون نتيجتها أعمالاً مكللّة بالإحسان المرسل من رب العباد.