أهمية الأمان العاطفي

داليا شيحة

 

من المهم جداً أن يشعر الزوجان بالأمان العاطفي معاً من أجل أن ينعما بحياة سعيدة ومستقرة. وهذا يعني أن يستطيعا مشاركة آمالهما ومخاوفهما وآلامهما واحتياجاتهما بعيداً عن الخوف من الرفض أو الاستهزاء أو الهجر. وبصفتي مستشارة زوجية وأسرية، فإني أرى العديد من الأزواج الذين يواجهون مشاكل كثيرة بسبب عدم شعورهم بالأمان سوياً على المستوى العاطفي. ومن خبرتي في مجال الاستشارات الزوجية يمكنني أن أؤكد لكم أن الأمان العاطفي هو مفتاح النجاح في الزواج.

 مفهوم الأمان العاطفي هو أنه يمكن للزوجين الوثوق ببعضهما البعض في إظهار الحقيقة بكل جوانبها بما في ذلك ضعفهما ومشاعرهما الهشة من دون الخوف من التعرض للانتقاد واللوم، أو الهجوم أو المعايرة أو النبذ. يشعر الزوجان في العلاقة الآمنة عاطفياً بالراحة النفسية وأن يكونا مصدر الطمأنينة والهدوء النفسي تجاه بعضهما البعض خاصة في الأوقات الصعبة. هذا الأمان العاطفي يجعل العقل والجهاز العصبي يشعران بالطمأنينة. من المهم أن تعرف أن الطريقة التي تتواصل بها مع شريكك قد تساعدك إما على القرب والشعور بالأمان العاطفي وإما أن تصبح أكثر بعداً وتوتراً في علاقتكما. فلو كنت دائم التسفيه من مشاعر شريكك فهذا بالطبع سيزيد الفجوة بينكما. أما إذا كنت تعمل على احتواء مشاعره وتسانده فهذا سيزيد من التقارب الزوجي.

 ويعدّ الأمان العاطفي أمراً في غاية الأهمية من أجل حياة جنسية وحميمية أفضل. فقد أظهرت الدراسات أنه عندما تشعر بالأمان العاطفي مع شريك حياتك، فحياتك الجنسية تتحسن تلقائياً. كما أكدت الدراسات أيضاً أن الأشخاص الذين يكونون في علاقات زوجية طويلة الأمد وهم يشعرون بالأمان العاطفي فهم في الواقع الأشخاص الذين يتمتعون بأفضل حياة جنسية. الانفتاح العاطفي مع شريك حياتك وإمكانية الوصول والاستجابة له والمشاركة معه هو مفتاح الأمان العاطفي. أيضاً عندما يكون هناك أمان عاطفي فهذا يساعد على إفراز العقل هرمون الترابط الإكسايتوسين أو هرمون الشعور بالرضا والسعادة.

إذاً كيف تخلق الأمان العاطفي في علاقتك؟ أول شيء يجب أن تفعله هو أن تكون حاضراً ومنتبهاً لشريكك بكل حواسك وهو يوجه لك كلاماً. هذا يعني أن تنظر في عينيه، وأن تستمع له بقلبك وأن تتحدث معه من قلبك أيضاً. لذا عندما يكون هناك حوار مع شريك حياتك فيجب وضع الهاتف الجوال جانباً، وترك كل شيء آخر تفعله لتكون حاضراً بشكل حقيقي وبتركيز كامل. إذا كان الوقت غير مناسب لذلك، فعبر عن رغبتك في التحدث معه في وقت آخر تقومان بتحديده والاتفاق عليه سوية.

الشيء الثاني الذي يجب فعله من أجل خلق أمان عاطفي هو الاستماع بقصد الفهم وليس الرد، أو الدفاع أو التبرير أو النقد. بمعنى آخر تعامل من منطلق الفضول لفهم وجهة نظر شريكك حتى لو كانت وجهة نظره مختلفة، فليس من الضروري الموافقة على رأيه لكن من المهم الاستماع من دون إصدار أحكام مسبقة. هذا النوع من الإنصات هو ما يبني جسور التواصل والود في العلاقة الزوجية. عندما تشعر بأمان عاطفي مع شريك حياتك يمكنك الاستمتاع بالحياة على أكمل وجه. لذلك إذا كنت تجد صعوبة في تطوير الاتصال العاطفي في علاقتك، فمن المهم زيارة مستشار زوجي متخصص ومؤهل لمساعدتك.