أطفال معدلون جينياً حقيقة أم خيال

د. سعيد خلفان الظاهري

 

التقدم والتطور في علم الجينات وتقنيات التعديل الجيني أصبح يمكّن الأطباء من معالجة العديد من الأمراض المستعصية كالسرطان والأمراض الوراثية مثل أمراض القلب وأمراض الدم كالثلاسيميا وفقر الدم ونزف الدم (أو الناعور)، والسكر والأمراض البصرية كالعمى وغيرها من الأمراض الأخرى. بل سيصبح في الوقت القريب بالإمكان التنبؤ بهذه الأمراض قبل الولادة للوقاية منها وتلافيها بوساطة التدخل البشري في تعديل الجينات في البويضات في المراحل الأولى للحمل.

 وتعدّ تقنية كريسبر - كاس 9 (CRISPR-Cas9) ثورة في تقنيات التعديل الجيني الواعدة التي ظهرت بداية في 2012 كطريقة سريعة وسهلة وغير مكلفة لتعديل الجينات. تسمح هذه التقنية بتغيير الحمض النووي (DNA) في الخلايا من خلال إضافة أو قص أو تعديل هذه الجينات. وتمكن هذه التقنية مصحوبة بتقنية الذكاء الاصطناعي من رسم خارطة جينية لكل إنسان تساعد في التنبؤ بالأمراض الوراثية. كما تسمح بتطوير أدوات تشخيص سريعة وغير مكلفة ستمكّن الناس من إجراء تشخيص سريع لبعض الأمراض من البيت من غير الحاجة للذهاب للمستشفى.

لكن التطور في التعديل الجيني يفرز تحديات جديدة أخلاقية ومخاطر تستدعي من الحكومات الضرورة في وضع ضوابط وأخلاقيات للتدخل البشري في التعديل الجيني في الإنسان أو الأجنة البشرية. ونادى المختصون في القمة العالمية الأولى للتعديل الجيني التي عُقدت في عام 2015 بضرورة إيقاف العمل في هذا المجال على الإنسان إلى أن يتم إجراء أبحاث كافية لتحديد المخاطر. وعلى سبيل المثال هل استخدام هذه التقنية في خلق بشر أو أطفال معدلين جينياً فيما يعرف بتصميم الأطفال من ناحية الشكل والطول ودرجة الذكاء وغيرها من المواصفات يعدّ عملاً أخلاقياً مقبولاً!! ونذكر هنا التجربة التي قام بها الباحث الصيني هي جيانكو في عام 2018 الذي استخدم تقنية كريسبر من تعديل الجينات في البويضات لأم بعد الحمل، وخلق أول توأمين معدلين جينياً ضد مرض المناعة المكتسبة الإيدز. هذا الخبر خلق زوبعة إعلامية ونقداً ورفضاً من المجتمع الدولي لمثل هذا العمل، وتم الحكم على الطبيب الذي أجرى هذه التجربة بالسجن لـ 3 سنوات نظير هذا الفعل الذي صُنّف كممارسة طبية غير قانونية، وأن هذه التجربة سابقة لأوانها.

يا ترى هل سنرى في المستقبل أطفالاً معدلين جينياً على درجة عالية من الذكاء على سبيل المثال؟، وما هي تداعيات هذا على المجتمع؟! هل سينتج عن هذا طبقة في المجتمع عالية الذكاء (super intelligent) وطبقة ذكاؤها عادي؟! يا ترى هل السيدات سيبحثن عن أزواج معدلين جينياً على السمع والطاعة لزوجاتهم؟!.. ما رأيكم في هذا الموضوع؟