كيف حولنا المحنة إلى منحة

د. منى راشد الزياني 
كيف حولنا المحنة إلى منحة
كيف حولنا المحنة إلى منحة

دائماً ما تُظهر الأزمات والشدائد الحقائق، وتميز القوي من الضعيف، وتمحص الجميع لينال كل مجتهدٍ مثابرٍ ثمار ما زرع على مدار سنوات، والتاريخ يؤكد لنا بالدليل الملموس والمرئي على بقاء الحضارات التي نبتت من قلب العلم ونحتت لنفسها وجوداً طويلاً بين الأمم والحضارات عبر الأزمنة المتعاقبة، واللبيب من استقبل الرسائل الكامنة في ثنايا التاريخ وصفحاته الكثيرة والتي يدور أغلبها حول العلم والتعليم، وهما حجر الأساس لكل حضارة وتقدم وازدهار.

لنسأل أنفسنا لماذا نرى هذا الاهتمام الشديد من جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عندما اختار المنظومة التعليمية واختصها بخطابه الأول حين أوقفت جائحة كورونا كل أشكال الحياة تقريباً وأصر على استمرار العملية التعليمية وأولاها اهتمامه الشخصي وشجع أبناءه الطلبة والقائمين على المنظومة التعليمية على المُضي قُدماً، مستشهداً بنجاحات أبنائه في الفريق الوطني، وهو ما نراه على أرض الواقع بقيادة سمو الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين رئيس مجلس الوزراء فيما تحققه المملكة من إنجازات.  

مر عام ونصف العام بالتقويم الأكاديمي على استمرار المنظومة التعليمية في تأدية واجبها الوطني في ظل جائحة كورونا، وحققت بامتياز نجاحاً مبهراً وموثقاً ومشهوداً له داخلياً وخارجياً، أجبنا كلنا بلا استثناء ولبينا نداء الملك وكانت النتائج بكل فخر "تجربة واجبة التكرار نالت الإشادة عن استحقاق وجدارة"، وبصفتي رئيسة مدرسة الحكمة الدولية ولدي أحفاد يدرسون في المدرسة، ورئيسة مجلس أمناء جامعة من أفضل الجامعات الخاصة بالمملكة أؤكد أننا سنحقق المزيد، فقد حولنا المحنة إلى منحة طورت من قدراتنا التعليمية والتكنولوجية وغيرت شكل استراتيجيات التعامل مع المواقف والخطط المستقبلية.

وقد حققت الجامعة الخليجية في زمن الجائحة إنجازات على المستوى المؤسسي والفردي كالحصول على الاعتماد المؤسسي واستيفاء متطلبات هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب على مستوى المؤسسة والبرامج الأكاديمية وتنظيم العديد من الفعاليات الناجحة والمؤثرة وورش العمل والتدريبات الدولية.  

أما على صعيد التعليم ما قبل الجامعي ووفقاً لتجربتي مع أبنائي الذين يدرسون في مدرسة الحكمة الدولية في مراحل تعليمية مختلفة، فواجب عليَّ أن أقدم التحية والتقدير لكل ما قدموه من جهود حثيثة في إدارة الأزمة بشكل احترافي والاعتماد على مجموعة من البرمجيات الحديثة المتكاملة التي توفر للطلبة عالماً من التعليم الموازي الذي يوفر كافة الاحتياجات.

إن الإحساس بالمسؤولية الوطنية والمجتمعية هي الدافع والحافز الرئيس لكل ما يُقدم من مجهودات وأعمال وإنجازات، لا سيما عندما يكون المسؤولون عن المنظومة التعليمية في المملكة وعلى رأسهم وزير التربية والتعليم ماجد بن علي النعيمي، والشيخة الدكتورة رنا بنت عيسى آل خليفة الأمينة العامة لمجلس التعليم العالي، حيث يقدمان رؤى متكاملة ومتجانسة لتطوير التعليم الأساسي والعالي ويبذلان مجهودات كبيرة وحثيثة، نابعة من الإيمان التام على تحقيق كل أملٍ وطموحٍ وهدفٍ، ترسيخاً وتأكيداً لتاريخ البحرين وحضارتها وحاضرها وتمهيداً لتاريخ جديد ساطع يسطره خير خلفٍ لخير سلف.