مغامرة اسمها الزواج!

عبد الله باجبير

الزواج المختلط أو زواج الحضارات المختلفة، فكرة لها جوانبها الإيجابية، ولها كذلك سلبياتها، التي قد تجلب -لمن يضعها موضع التطبيق- الإحباط والألم وسوء الفهم، إذا لم يتم التخطيط الجيد لتطبيق هذه الفكرة المحفوفة بالمخاطر والعواقب غير السعيدة، ولذلك فمن الضروري توخي الحذر عند إقدام البعض على مثل هذا النوع من الزيجات، التي في الغالب لا تُبنى على أرض صلبة، وتحتاج إلى الكثير من الأسس والقواعد التي تمكنها من الصمود في مواجهة المشكلات.

هناك من خبروا تجربة الزواج المختلط وعانوا كثيرًا من سلبياتها، لكنهم بكثير من العناء وبذل الجهد نجحوا في التغلب على مخاطرها وتحدياتها، وخرجوا لنا بمجموعة من الأسس والقواعد، التي يتوجب أن يراعيها كل مُقدِم على هذا النوع الصعب من الزواج، والقاعدة الأولى من القواعد الأساسية التي توفر نوعًا من الحماية للزواج المختلط، تتركز في ألا يفترض الزوج أو الزوجة أن اهتمامه بالحضارة الأخرى التي ينتمي إليها شريكه سوف يدوم، وألا يفترض كذلك أنه قادر على منع المشاكل من الظهور، كذلك يجب ألا يستهين كل من الزوج أو الزوجة بمدى عمق الجذور التي تربطهما بنشأتهما في بلدتهما، لأنه مهما حاول كلاهما التغيير من نفسه فسوف يظل دائمًا على ولاء لمعتقداته وأسلوب تفكيره وأولوياته في الحياة. أيضًا من الضروري ألا يفترض أي من الزوجين أن الآخر سوف يتغير من تلقاء نفسه بعد الزواج، بسبب دفء المشاعر أو حتى قوة الحب وسحره، لكن يتوجب عليهما توقع حدوث المشاكل والاستعداد النفسي والعاطفي لإيجاد حلول لها.

القاعدة الثانية التي تؤسس لزواج مختلط صحي هي عدم أخذ أي من الأمور على نحو مُسلَّم به مسبقًا، بل يتوجب على الزوجين أن يناقشا معًا كل جانب من جوانب حياتهما، حتى لو اعتقد أي منهما أن هناك بعض الجوانب غير مهمة ولا تستحق المناقشة، أما إذا رفض الزوج أو الزوجة مناقشة أمر ما بصراحة وبوضوح، فيتعين على الطرف الآخر أن يحذر من خطورة ذلك، إذ إن عدم رغبة طرف في مناقشة أمر يتعلق بالمعتقد أو بالهواية أو بالأفكار قد ينجم عنه في المستقبل مشكلات لا قبل لهما بحلها.

القاعدة الثالثة تُعنى بمرحلة ما قبل الزواج، وببعض الاتفاقات الخاصة بالمسائل المالية أو بأسلوب المعيشة وتربية الأطفال أو بمكان الإقامة، حتى لا يفاجأ أي من طرفي الزواج المختلط بأن أحدهما عليه أن يترك وطنه الذي اعتاد العيش فيه، وينتقل إلى حياة جديدة تمامًا في وطن آخر، حتى ولو كان وطن المحبوب، مثل هذه المسائل يتعين مناقشتها قبل إتمام مراسيم الزواج، ولا تترك للمفاجآت غير السارة، التي قد تؤدي إلى انهيار العلاقات الزوجية.

من الضروري أيضاً أن يجد طرفا الزواج المختلط لغة يتحدثان ويتفاهمان بها، لأن إتقان كل منهما للغة مشتركة تمكنهما من تبادل المشاعر عبر قناة اتصال سهلة وميسورة لكليهما، أما إذا كان أحد الطرفين لا يجيد لغة الآخر، فيتعين عليه الانتظار حتى يتم تحقيق هذا الشرط اللازم كزواج مختلط قائم على الفهم والتواصل.

يجب على المُقدِمين على الزواج المختلط دراسة الهدف من وراء هذا الارتباط، وذلك بأن يسأل الزوج مثلاً نفسه: هل كنت سأقدم على هذه التجربة لو أنني سعيد وآمن في وطني؟ فإذا كانت الإجابة بالنفي عندئذ عليه بتأجيل الارتباط إلى وقت يشعر فيه الزوج بالتوافق مع البيئة المحيطة، حتى لا يتعرض لصدمة حضارية قد لا تمكنه من التكيف في البلد الجديد مهما بذل من جهد.

من المهم أيضًا البدء بالتخطيط لميزانية الأسرة لمدة عامين، لأن الطرفين يختلفان بالقطع في أسلوب الإنفاق، ومن ثم يتم الاتفاق عليه مسبقًا، كما يجب توطيد الصلات بين عائلتي الطرفين، خاصة إذا كان أحدهما ينتمي إلى الشرق والآخر إلى الغرب، الذي يؤمن بالاستقلالية عن العائلة، وهو الأمر غير المتعارف عليه في الشرق، الذي يؤكد ضرورة وجود روابط أسرية قوية.

من الضروري أيضًا أن يتفهم الزوجان جيدًا أن الطرف الذي قرر ترك وطنه سوف يقدم على مغامرة، ومن حقه على الطرف الآخر أن يجد عنده العون والمساعدة، من خلال إبداء الرغبة في فهم مشاعره، ومن خلال الاتفاق على كل الأمور منذ البداية، حتى تنجح مغامرة زواجهما وتحقق لهما المفاجآت السعيدة.