لا تريد أن تكون جميلة!

عبد الله باجبير

أنا فتاة في الرابعة والثلاثين، يتيمة الوالدين منذ طفولتي، تزوجت بعد تخرجي في الجامعة مباشرة -قبل 9 سنوات- من شخص من أقاربي، لم أكن أشعر تجاهه بأي مشاعر، لم أكن أحبه. أحبه كأخي، ولم أفكر فيه يومًا كزوج، لكنني تزوجته بناء على رغبة أهلي رغم عدم اقتناعي به خوفًا من أن يفوتني قطار الزواج، ولرغبتي في الاستقلاليَّة وبناء أسرة جديـدة

ولكن بعد شهرين من زواجنا طلقت منه، ومن يومها لم يتقدم لي أحد طوال تسع سنوات

لكم حلمت وتمنيت منذ طفولتي أن يكون عندي أب وأم حنونان، أتدلل عليهما وأطلب منهما ما أريد، ولكنني حرمت من الحبِّ والحنان وكل المشاعر الجميلة التي طالما تمنيتها واحتجت لها، حاولت كثيرًا أن أشغل نفسي بعمل، ولكني لم أجد وظيفة، ولم أستطع إكمال دراستي الجامعيَّة لظروفي الماديَّة. لا حظ لي في هذه الحياة؛ كل شيء يأتي عكس ما أتمناه، أقف مكتوفة اليدين، لا أستطيع أن أدرس، أن أعمل، لا شيء أبدًا.. كم تمنيت أن أكون كباقي البنات؛ لدي زوج حنون، يحبني ويحترمني، ويخاف عليَّ ويعوضني عن كل المشاعر التي فقدتها، وأطفال يلعبون معي ويملأون عليَّ حياتي

لماذا أشعر أنني أقل منهن دائمًا في كل شيء، أتمنى أن يكون لي بيت أتصرف به كما أشاء دون تدخل أحد، صحيح أنني غير جميلة، لكن ما ذنبي، هذه خلقة ربي لا أستطيع تغييرها. أدعو الله أن يرزقني الزوج الصالح والذريَّة الصالحة، فأنا طوال عمري فتاة عفيفة شريفة تخاف الله

لكنني أصبحت شديدة الخوف؛ لأني كبرت ولم أتزوج، وكلما تمر سنة يزداد قلقي وخوفي فأبكي، أصبحت أكره أهلي، وأدعو عليهم؛ لأنَّهم زوجوني رغمًا عني، ولم يقفوا إلى جانبي

أصبحت أميل إلى الوحدة والانطواء في غرفتي، أفكر في الماضي المؤلم وأبكي حاضري وحظي البائس، وأخشى المستقبل المجهول، أخاف من اليوم الذي أكون فيه وحيدة لا أحد إلى جانبي، أمد يدي للنــاس عندما أكبر، أشعر بأن لا هدف لي في الحياة، أعاني كثيرًا من الفراغ، كرهت حياتي ونفسي وأهلي وكل من حولي، كثيرًا ما أدعو الله أن يأخذني ويريحني من هذه الدنيا وهمومها؛ فقد تعبت من الصبر، ولم أعد أقوى على التحمل، أرجوك ساعدني ماذا أفعل؟

ابنتك المعذبة واليائسة من الحياة

اسمعي يا ابنتي.. شعرت بالتعاسة عندما قرأت خطابك وقابلتني كلماتك البائسة. والحقيقة أنَّك أنت السبب في تعاستك؛ لسبب مهم جدًا؛ أنَّك اعتبرت نفسك غير جميلة أو «وحشة»، ومادام هذا رأيك في نفسك فهذا يكون رأي الناس فيك. في عالمنا المعاصر لم تعد هناك امرأة غير جميلة أو وحشة، لقد استطاع عالم الطب، خاصة الجراحة، أن يجعل من المرأة الوحشة ملكة جمال، ونجوم السينما لسن بهذا الجمال الباهر الذي ترينه على الشاشة الكبيرة (السينما) أو الصغيرة (التليفزيون)، فما هو «الوحش» فيك. عيناك إذا كانتا ضيقتين؟ الجراح يمكن أن يجعلهما متسعتين، لونهما غير جميل؟ «اللانسس» تجعل لونهما كما تشائين، أنفك طويل؟ الجراح يمكن أن يجعله صغيرًا بجراحة بسيطة، أذناك.. صدرك.. بقية جسدك؟ الجراح يمكن أن يجعلك في رشاقة «مارلين مونرو». انظري النجمة «ليلى علوي» ألم تكن سمينة إلى درجة كبيرة، انظري لها الآن، إنَّها في رشاقة الغزال، وبهذا استطاعت أن تتزوج وأن تنجب، ليس هناك امرأة وحشة، ولكن هناك امرأة لا تريد أن تكون جميلة.. وسلامي

أشياء أخرى

الشجاع وحده يستطيع أن يكون عادلاً