قيمة العلاقات

د. سعاد الشامسي 

مهما ارتكبت مِن الآثام والأخطاء الكارثية، مهما هاجمتك ذكرياتك القديمة بوحشية، فعِتابٌ، ثُم دموع، ثُم يأس دائِم.. إنهُ الطريق الذي لا عودة مِنهُ، سوى أن تكون مُحملاً بالهموم والأحزان، فلا تلومُ نفسك على ما مضى، وانظُر نظرة أمل إلى المُستقبل، حيثُ تنتظِرُك هُناك حياة أفضل، تِلكَ الحياة المُفعمة بالسعادة والنجاح..
ألم تَعتد على ذلك!
ألا زِلت مُتأثراً بجرحِك القديم، حُبك المفقود، مشاعرك الثائرة، علاقتك المُنهارة، ألم تنضج بشكلٍ كافِ لتتحمل قسوة الحياة، بل إن كل ما فيك قادر على التَحَمُل والاعتياد، فأنت بطبيعتك كائنٌ مَرِن، لديك القدرة على التأقلُم مع الظروف، وتقبُل التغيير، فلا تحسب أن الحياة ستستمر دوماً على منوالٍ واحِد بل إن التغيير سنة مِن سنن الحياة على الأرض، فلتتقبل كُل ما يطرأ مِن مُستجدات، ولُتدرك أن ما مِن شيءٍ تفقدِهُ إلا وتهديك الأقدار خيراً منهُ..
فالحياة تحتاج إليك، لأنك أنت تملُك أهمية خاصة، وقيمة فريدة من نوعها، أنت صاحب أملاك واسعة في تلك الحياة، لقد خُلِقت الأرض مِن أجلك، وسُخِر كُل ما عليها لطاعتك، الحياة حقاً تحتاجُ إليك، فكُن مؤمناً بقيمتك، وتمسك بمبادئك في الحياة، فكما هي تعُطيك حقك، أعِطها حقها مِن السعي للخير، وإصلاح العيوب..
ولا تُنهِ علاقة صادقة، نقية، بسيطة خُلقت لك ببياض القلب، فالناسُ كُلُهم يسعون إلى هدفٍ واِحد اسمهُ العلاقة المُستمرة الدائمة، فإذا وجدتها لا تُهملها أبداً، وإن أخطأت فأصلِح أخطاءك تِجاه الطرف الآخر، وسَخِر كُل طاقتك للحفاظ على تِلكَ العلاقة، فنادراً ما يَجِدُ أحدهم علاقة صادقة، وها أنت قد وجدت طرف الخيط، فلا تتركهُ مهما واجهت من عوائق، فلا وجود للمُستحيل، طالما أن القلوب تَدُق بحرية، وما دامت الشفاه تنطِقُ الكلمة بصِدق، وطالما أن العيون لا تخون، فالعلاقة حتماً ستستمر.
وهنا لا أعني فقط علاقات الحب؛ بل هنالك علاقات الصداقة والزمالة وعلاقات عابرين في الحياة، فمن يعبرون حياتنا كثر بسبب ولحكمة من الله إما درس وإما نعمة فتمسك بمن يستحق أن يُقال عنه: علاقة لا تنتهي حتى بعد الموت، وودع من يقال عنه: علاقة تعليمية تعلمت الدرس.. وودعه بلا عودة.