انسحاب مباغت

محمد فهد الحارثي

 

لن أفتح قلبي لأحد. هذه مواثيق وضعتها على نفسي. لن أسمح لهذا الفؤاد أن يتوجع. اتخذت القرار القاطع. لامجال للولوج في عالم العذابات والانتظار والقلق. أحب أن أعيش حياتي على الشاطىء الآمن، بعيداً عن الدخول في عمق البحر بأمواجه وتياراته وخداعه وتقلباته. ما أجمل التأمل من بعيد، ترقب الأشياء وتأخذ العبر. ما أجمل اللوحه من بعد، بعيداً عن أحبارها وزيوتها وخلط الألوان وتراكيبها. نعم.. قررت أن أعيش استقلاليتي من دون أن أكون رهينة لرغبات وتقلبات الآخر.



وأنا على موقفي هذا، اكتشفت أنك تسللت إلى الدوائر القريبة خلسة من دون أن أدري. وضبطت تفكيري يشطح مهرولاً إلى عالمك. تجاوزت عن ذلك، فهو مجرد تفكير عابر. سأعزز من الحواجز التي تمنع الاقتراب، وأردد دائماً قناعاتي لكي لا أنسى المواثيق.

رأيتك مرة تدخل في مساحات تقترب من عالمي الخاص. تغاضيت فالمفاتيح بيدي، وهذه مجرد تهويمات. وعجبت كيف تسللت إلى ما بين الروح والأنا.. ما بين الشهيق والزفير.. مابين الحرف والبحة. كيف بدأ عالمي يتشكل في حضورك، ويتلاشى في غيابك.

فجأة بدأت أحسب الساعات بموعد طلتك. والأماكن تأخذ أشكالاً مختلفة في غيابك. ماعدت أدري كيف تغيرت الأشياء. الحسابات اختلفت. آخذ وعداً بأني لن أفكر فيك، وأكتشف أنني كنت أفكر كيف أتجرأ أن أمنع نفسي من التفكير فيك.

ماذا حصل لي؟.. هل سقطت كل الحصانات التي توهمت أنها لن تسقط. هل انهارت كل القلاع الحصينة. لا لن أسمح لها بالانهيار. حتى لو رسمت كل هذه القلاع حروف اسمك. حتى لو تحولت هذه الحصون الشاهقة إلى نداءات صاخبة ترحب بك وتهلل لقدومك.

لا أدري هل احتللت كل مساحاتي، وسقطت مواثيقي؟. ربما لا. لكن كل ما فيَّ يناديك. ربما لا. لكني أدرك أن سعادتي ارتبطت بك، وأن الحياة تفتقد معناها في غيابك. لايهمني لا أو نعم. يهمني أنت بكل ما فيك. فالحياة تبدأ فقط معك.

اليوم الثامن:

معك طعم الهزيمة
أجمل من لذة الانتصار.