جميعنا مبتلون بك!

مها الأحمد 
مها الأحمد
مها الأحمد

 


"ماذا يجب أن تفعل حين لا تعلم ماذا تفعل؟.. تحرَّ الصدق" 
جوردان ب. بيترسون
عزيزي الكذب،
بدأت رسالتي بك شخصياً، وكنت كاذبة في هذا أيضاً، أنت لست عزيزي لكنني مجبرة على أن أكون ودودة كي أبني بيني وبينك علاقة مؤقته تعينني على إصلاح نفسي وتحريرها منك، والوسيلة الوحيدة كانت هي الاعتراف بك أمامك.
هذه هي الحقيقة، وهذا هو الصدق في رسالتي لك، أعلم أنك الآن عابس لأنك تكره كلمة الصدق فهو منافسك الأوحد، تتنازع معه دوماً على حافة أفواهنا، وتدفعه بخبث ليبقى داخلنا فتظهر أنت.
كيف تستطيع إقناعنا بممارستك؟! وكيف سمحنا لك أن تسيطر على أقوالنا وأفعالنا ونوايانا وكلماتنا ومشاعرنا بهذا السخف والبساطة؟!
ألأنك تختبئ كل مرة خلف تعريفات متلونة تقدم بها نفسك وتحاول خداعنا؟!
أم أننا نحن من نقدم لك المبررات كي نُجمل أنفسنا ونسامحها على مصاحبتك؟!
سأحكي لك ماذا حصل معي منذ فترة ليست بعيدة، قرأت عنك في أحد الكتب 
الذي كان لتوقيت قراءته أثر مضاعف علي خاصة، وأنني كنت في حالة هدوء بعيدة عن المشاحنات السخيفة، وعجلة الفوضى التي كانت تتحرك بي وبمهامي وتعمل على دمجنا بالإكراه، فلا يستطيع أي منا الاستغناء عن الآخر.
كل هذه الأسباب أدت لأن أكون أكثر انفتاحاً للأفكار التي طرحها هذا الكتاب، وأكثر صدقاً مع نفسي، وكأنني سئمت مني ومن حالة المثالية التي كنت أعيشها، بدأت أضع يدي على الممارسات الخاطئة التي كنت أقوم بها من دون مقاومة، ولم أعطِ لنفسي المبررات المعتادة التي كنت أُسكن بها أخطائي حتى تهدأ وتعود نشيطة كعهدها، بل على العكس تصالحت معها ودعوتها للاعتراف، وللأسف كنت أنت على رأس هذه القائمة!!! 
استرجعت الكثير من التصرفات وجردتها لتكون حقيقية، واكتشفت أنك تسيطر على الكثير منها. لن أحدثك عن كذباتنا الكبيرة؛ بل عن أبسطها وأكثرها مكراً، تلك التي لا نعترف بها ولا ندخلها ضمن دائرة التهم.
نلجأ إليك في الحوارات الطويلة، ننهي بك معظم الجدالات المحتدمة، نحصل بك على ما نريد، صحيح أن الغاية قد تكون بيضاء، أو هكذا نبرر لأنفسنا حينها، لكننا أيضاً أخطأنا بدعوتك. كان من الممكن أن نحصل على ما نريد بقليل من الصدق. 
أنا شبه متأكدة أننا لو استرجعنا أي يوم مضى، وأخذنا مشهداً عفوياً لأفعالنا وأقوالنا، سنجد أنك كنت ماراً أو حاضراً أو بطلاً له. 
{كثيرة هي الكذبات التي نمارسها ولكننا لا ندري أنها تندرج تحت هذه الصفة أو الفعل، 
وأعلم أننا لن نتخلص منها ببساطة وأننا تعدينا حدود المعقول، وأصبحت هي الجواب السلس الذي نجاوبه من دون تفكير على كافة الأسئلة الروتينية، فكنت تارة على هيئة أعذار أو مجاملات أو نجاة، كما ندعي}....