الوصفة السحرية

رويدا أبيلا
رويدا أبيلا نورذن
رويدا أبيلا نورذن

حياتنا تحكمها الوظائف والمشاريع والأهداف، التي نضعها لأنفسنا أو تحددها بيئة العمل لدينا. عندما نشعر بأن لدينا العديد من المهام التي نحتاج إلى إنجازها، فإن ردة فعلنا الطبيعية هو العمل عليها لفترة أطول من أجل إكمالها. العمل أكثر لإنجاز المزيد يستنزف طاقتنا جسدياً وعقلياً على المدى الطويل ويحتمل أن يحولنا إلى "مدمني عمل". يؤدي هذا إلى عدم تحقيق النتائج التي نحتاجها بالشكل الأمثل وقد ينتهي بنا الأمر غارقين بمشاعر الفشل والإحباط والإرهاق.

لقد كان الوباء بمثابة جرس إنذار. حيث بدأنا النظر بجدية في الطريقة التي نعيش بها حياتنا. اكتشف العديد منا أن وظائفنا كانت طريقاً مسدوداً، وجاءت موجة "الاستقالة الكبرى". تُظهر هذه النهضة أن الناس لم يعودوا يرغبون في إضاعة حياتهم في القيام بعمل لا يحبونه وصاروا يبحثون عن فرص أفضل.

أثبتت التجربة التي أحدثها الوباء والعمل عن بعد لمدة عام ونصف العام أنها ناجحة بلا منازع. وشهدت الشركات العالمية مثل جوجل و أمازون وأبل، أرباحاً قياسية من خلال التأقلم السريع مع الواقع. الآن وحيث باتت الحياة تعود لطبيعتها، عادت العديد من الشركات بمطالبة موظفيها بالعودة إلى ساعات الدوام القديمة. ولكن هل مازال من الضروري العمل من الساعة 9 صباحاً حتى الساعة 5 مساء، خمسة أيام في الأسبوع مقيدين بمكاتب؟

في عام 1926، بدأ هنري فورد ، مؤسس شركة فورد موتور، مفهوم أسبوع العمل لمدة خمسة أيام لـ 40 ساعة في الأسبوع تحديداً لعمال خط التجميع. ومن ثم انتشر كالنار في الهشيم ليشمل جميع الوظائف. المشكلة، هي أنه في الوظائف ذات الرواتب المحددة، لا يتم دفع الرواتب مقابل مقدار الوقت الذي نقضيه في العمل. وبهذا المعنى، فإن المفارقة أن هذا المبدأ أصبح يتعارض الآن مع هدفه الأصلي، وهو القضاء على استغلال العمال.

في الماضي ، لم نكن نمتلك التقنيات والتكنولوجيا وكنا بحاجة إلى تجميع الجميع معاً في مكان واحد بغرض العمل. ولكن الآن وبعد مُضي قرن من الزمان ، ومن خلال مجموعة متنوعة من خدمات الفيديو عبر الإنترنت والبرامج التفاعلية، لم تعد هناك حاجة لمواصلة القيام بما كنا نقوم به على مدار القرن الماضي.

يوم العمل المكون من ثماني ساعات عمل ليس فعلاً ثماني ساعات. حيث نحتاج إلى إضافة وقت الوصول إلى مقر العمل، والرد على البريد الإلكتروني بالاضافة الى الرسائل والمكالمات في الليل وعطلات نهاية الأسبوع. وعند وصولنا إلى العمل، لابد من قضاء بعض الوقت في التواصل مع الزملاء والثرثرة، واحتساء القهوة، ثم يأتي وقت الغذاء وبحلول الساعة الثانية ظهراً، تنخفض مستويات الطاقة والإنتاجية لدينا.

كفاءة إتمام العمل غالباً ما تكون أكثر أهمية من إذا كان إتمام هذا العمل يستغرق ثماني ساعات أو أربع ساعات. وفي هذه الحالات ، لا يكون الجدول الزمني من 9 إلى 5 منطقياً، ويشجع الموظفين في الغالب على التأخر في إنهاء عبء العمل، حيث لا توجد مكافأة واضحة لإنجاز شيء ما في وقت أقرب.

الجيل الجديد من الموظفين يريدون المرونة والسيطرة على حياتهم. يجب ألا تنتظر الشركات يجب أن يتصرفوا الآن من خلال البدء بالتغييرات. بدلاً من 9 إلى 5، سيكون من المنطقي للشركات أن تسأل موظفيها عن نوع الجداول التي تناسبهم بشكل أفضل. لقد أثبتت الدراسات أن الأشخاص يعملون بشكل أفضل عندما يتحكمون في جداولهم ويمكنهم تنظيم أيامهم حول إيقاعاتهم الحيوية.

إذا كنتِ صاحبة عمل، فمن الجدير إعادة النظر بجدية فيما إذا كان تقييم موظفيك بناءً على مقدار الوقت الذي يقضونه في مكاتبهم مفيداً بالفعل للنمو المالي لشركتكِ وإذا كنتِ موظفة، فقد يكون من المفيد مناقشة هذه الحقائق مع أصحاب العمل من أجل زيادة إنتاجيتكِ وتحسين نمط حياتكِ.