الاكتتاب والاستفادة من شركة السعادة

أحمد العرفج

السّعادة مَطلب بَشري، يَبْحَث عَنهَا كُلّ مَن يَمشي عَلى الأَرض، ولَم تُبيّن لَنَا الكُتُب -حتَّى تَاريخ هَذه الكِتَابَة- مَا هي الأسبَاب المُؤدّية إلَى السّعَادَة..؟!
البَعض يَرَى أنَّ السّعَادَة فَعلٌ قَد يَكون جَماعيًّا، وقَد يَكون فَرديًّا، وأنَا –مِن غَير تَواضُع- أَقول: إنَّ السّعَادَة فَعلٌ فَردي، بمَعنَى أنَّك قَد تَكون سَعيداً؛ وأَنْتَ وَحيد "مَع نَفسك"، وهَذا القَول أُبصم عَليه بالعَشَرة، ولَن أَتَزَحَزَح عَنه..!
قَبل فَترة نَشَرَت مجلّة العُلمَاء الشُّبّان الأمريكيّة مَقالة تَقول: (سَعادتك أنتَ لَا تَصنعها وَحدك، وإنَّما يُساهم فِيها كَثيرون، تَعرفهم أو لَا تَعرفهم)..!
هَذه النَّظريّة التي جَاءت بِهَا مَجلّة العُلَمَاء الشُّبّان الأمريكيّة؛ تَعتبرُ السّعادة "شَركة مُسَاهمة"، يُساهم المُجتمع كُلّه في صنَاعتها، ودَعونا نَشرَح مَن هُم الذين يَصنعون سَعادتك، ممّن تَعرفهم وممّن لَا تَعرفهم..!
ممَّن تَعرفهم، قَد يَكون صَديقاً يَتّصل بِك؛ فيَذكر لَكَ نُكتَة، أو خَبَراً مُفرحاً، أو يُبشِّرك بارتفَاع أَسهُم شَركة مَا، تَكون أنتَ –بمَحض الصُّدفة- مُحتفظاً بأسهمها، فهَذه سَعادة تَأتيك ممّن تَعرف، أمَّا الذين لَا تَعرفهم؛ فقَد تَكون قَارئاً لكِتَاب لَا تَعرف مُؤلِّفه، مَليء بالنُّكت، أو تُشاهد برنَامجاً سَاخِراً يُضحكك حتَّى العَظم، وأنتَ لَا تَعرف المُعِدّ، ولا تَعرف المُذيع..!
أو قَد تَأتي سَعادتك مِن مَقطع عَلى اليُوتيوب؛ وَضعَه شَخص لَا تَعرفه، ثُمَّ أَرسله لَك شَخص آَخَر؛ قَد لَا تَعرفه أيضاً..!
وقَد تَأتيك السّعَادة في مَكانٍ؛ لَا تَتوقَّع أنْ تَجد فِيهِ شَيئاً سَعيداً، فمَثلاً قَد تَدخُل دورة ميَاه في إحدَى المَحطّات على الطرق السّريعَة، وتَجد الحمّام نَظيفاً، فتَشعر بالسّعَادة، ثُمَّ تَلتَفت إلَى جدَار هَذا الحمَّام؛ فتَجد عَشرَات النُّكَت المُضحكة والهَادِفة في وَقتٍ وَاحِد، أو حِكمَة ضَالّة تَقول: "ابتَسم فأنتَ في حَمّام نَظيف"..!

في النهاية أقول:
بيا قوم ؛ تأكدوا أنَّ السّعَادة مُتوفّرة؛ في كُلِّ وَقتٍ وفي كُلِّ زَمَان، حتَّى في دورَات الميَاه، ومَا عَليكم إلَّا أنْ تَكونوا مُستعدّين؛ لاستقبَال إشَارَات وذَبْذَبَات السّعَادة، فالسّعَادَة كالمَوهبة، لَا تَأتي إلَّا لِمَن يَكون مُستعدًّا لَهَا، ومُهَيَّئاً بالفِطرة لأسبَابها..!!!