أسئلة مجروحة 

د. سعاد الشامسي 
د. سعاد الشامسي  
د. سعاد الشامسي

هل يتحول الأصدقاء إلى مهرجين مع الوقت؟ لقد سمعت حكايات مرعبة من هذا الصنف، ولكني ما زالت ألح في السؤال رافضاً الإجابة من تجارب الآخرين.. 
رأيت صديقي يعرض حكايات قلبي كنكتة، فوصلتني الإجابة على هيئة جرح، وأشرت عليه أنه مهرج ثقيل ظل، ونكاته مستعارة من جراح الآخرين، وتركت الطريق له، وسرت متحسساً جرحي كقنديل يمكنه أن يُضيء بلا زيت بمعجزة الإله الذي يعلم مقدار ألمي.. 
طار يرقص أمامي مختالاً بظله جانب كتفي المخلوع، رأيته مهرجاً مرعباً يباهي بفرحه أمام جرحي، فعاهدت الله ألا أطلع أحداً على سري بعد ما رأيته من عجب من الذي كاد أن يلتحم في كتفي...! 
الكثير من أصدقائنا يملكون وجوهاً لا نعلم عنها شيئاً. وجوه ملطخة بالنفاق والظلال البشعة، وضحكات مشروخة لا تعلم عن أي خلفية نشأت، لابد من أن يصدموك في مرحلة من حياتك، وأنت لم تعد طفلاً صغيراً لتبكي الصدمة، ولكن القلب صغير عن تحمل مشاق أكبر منه.. 
لذلك لا تسأل أسئلة ذات إجابات متوقعة، بل سر في طريق العمر ممتلئاً بجميع التوقعات التي قد تُصيبك.. 
بالأمس، ودعني صديق من دون أن يُمارس طقوس الوداع، قال بسخرية: كتفي لا تحتمل أحزانك.. وطار من على كتفي. 
صديقي الذي طار من على كتفي، عاد بعد مدة مُتعباً، وحاول أن يحط على كتفي المُتهدل ساخراً أيضاً من حالي، رغم أني بنيت سوراً من الضحك والأغنيات الفريدة وعش طيور يُغرد للجميع من دون أن يفتح بابه لأحد، حول قلبي المهجور، الذي يقتات على ذكريات الماضي الونيس! 
عاد بسؤال: كيف يهضم الوقت منا الضحكات والأغنيات! لم أجبه لأنه يستحق أن تأكل غربان الأيام قلبه، ليُجرب ما فعله. 
يسأل كأن الإجابات لا تهمه: لماذا نُسلم أنفسنا للأحبة ثم نصحو على صوت طلقات تغزو قلوبنا؟ يطرح أسئلة مفخخة في روحي، فأجيبه: لا طير يحب سجّانه، لا تُصدق وهم الحكايات، وإن كنت سلمت نفسك فأنت تستحق ما جرى لك على أيدي الأحبة.. 
لا أنت طير ولا أنا سجان؛ لكني أنا يا صديقي كلما كسر فيك جناح، أعرتك قوتي وجلسنا نضحك على العالم كأنه شاشة كبيرة أمامنا. 
هل نسيت كل هذا، لتعود مرات لا تُعدّ ساخراً من حالي الثابت؟
ماذا عن سيرك سوى أنك أصبحت مهرجاً ذا ألوان بشعة، يقتات على أيامه بصيغة ضحك مزعجة.. لقد راهنت معك على الوقت، وما زلت ناكراً وما زلت أضرب جدران قلبي لأصدقك.
هذه الأيام تزيد مرارة في روحي من دون أن تدري، وأنت تستعرض حكايات غزو حدثت لقلبك حين غادرتني، مسرحياتك فاشلة لأنك أنت من اختار أن يكون مهرجاً، لا أكرهك ولكن هل تستطيع أن تحول ليلة ماطرة إلى خريف قاس؟ 
أمامك الحياة، لا تعد بسخريتك.