جواد الأسدي: المسرح ليس فسحة سياحية

مسيرة جواد الأسدي الفنية لا تنفصل عن مسيرته الحياتية، فالمسرح همّه وشاغله وهاجسه ومساحة فعله ومصبّ تفاعلاته منذ نشأته في العراق، لم يتوقف عن نشاطاته في تحضير وتقديم أعماله المسرحية العديدة التي كتب بعضها ومنها «حمام بغدادي»، و«نساء في الحرب»، واختار بدقة نصوص بعضها الآخر لعدد من الكتّاب، كـ «تقاسيم على العنبر» لانطوان تشيخوف، و«الخادمتان» لجان جينيه التي يقوم بعرضها حالياً للمرة الثانية في حلة مختلفة وأطر جديدة على خشبة مسرحه «بابل».

 

 

 

أشار الأسدي إلى أن درجات الإحساس بضرورة المسرح تختلف لدى كل من المخرج والجمهور، لافتاً إلى أنه يقوم بالعمل الذي يجيده وهو المسرح ولا شيء آخر سواه، وقال "هو المكان الذي يمدني بالإحساس بوجودي".

ورأى أن هناك علاقة جوهرية بين علم النفس والتحليل النفسي والرؤية المسرحية، وقال "اختار النصوص التي أحس أنها حين تلقى داخل المسرح «ستضرم النار» داخل نفوس المتفرجين، واختياري هذا لا يتم عشوائياً أو بشكل عبثي أو من منطلق تجاري، بل إنني أعتمد في بحثي عن النصوص على الانطلاق من واقعي كإبن مجتمع عربي، وأنه جزء من مهمتي الإنسانية بناء علاقة تغييرية وإن بدت غير واضحة بشكل أو بآخر، فالمسرح هو بالنهاية نقطة لقاء وحوار، وجدل بين الجمهور المتلقي والمتفاعل بطرق متنوعة ومختلفة مع الممثل في إلقائه للنص المقترح المشترك بينه وبين المخرج".

وردا على سؤال حول العناصر التي اكتشف أنها بقيت ثابتة في شخصيته، أجاب المسرح، لعشرين مرة على الأقل في الدرجة الأولى، ثم المرأة. المسرح يحمل كل هذه المرايا المركبة في شخصيتي، هو عناصري وصفاتي وحياتي".

وتابع "من الطبيعي أن تشكّل المرأة في حياة الفنان مفصلاً حقيقياً وهاماً وهذه حقيقة وليست مجرد إطار مفتعل أو كاذب. فالحياة تصبح فارغة ومملة وغبية في غياب الشخص الآخر، الذي هو المرأة بالنسبة إلي لأنني رجل، تماماً كما تشعر المرأة في غياب الشخص الآخر الذي هو الرجل بالنسبة إليها".

وإعتقد أن المرأة هي جزء من الحركة الاجتماعية العامة، وحريتها تأتي في إطار حرية المجتمع، ولا يمكن أن يكون لها دور ومعنى في مجتمع متخلّف يكرّس الأفكار المغلقة التي تسجنها، ولا يمكن أن يكون لها صوتها الطبيعي حين تكون مكبّلة و«مخنوقة» في ظل ممنوعات اجتماعية تهيمن عليها.لكنه قال "قد تتمكن من لعب دور ما بمعنى من المعاني، في إعادة رسم فسيفساء الحياة الاجتماعية العربية، وذلك بالتحلّي بشفافية عالية المستوى، وبإدعاء ذكوري أقل، وبتجيير ذكائها الحاد باتجاه تأسيس البيئات الصالحة، لأنه يقع على عاتق المرأة، بكل أشكالها من الأم التي تربي أطفالها وتنشئهم إلى الزوجة والحبيبة، وبكل مهامها ووظائفها الاجتماعية التي باتت متنوعة، التفريق بين الممارسات المدّعية أو الشكلية التجميلية وبين المضمون الفعلي والحقيقي والهام لكل هذه الأدوار، فرّدات الفعل المجانية التي بمعظمها يعبر بشكل خاطئ عنها وعن متطلباتها، والمطالبة الكلامية والإعلامية بالتحرر وبالحقوق أصبحت جوفاء ومفرّغة من مضامينها".